حاولت أن أخرج من الحالة التي أنا فيها ولم أستطع، فماذا أفعل؟!
2024-08-05 23:47:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أود التكلم باختصار عن حالتي النفسية السيئة جدًا، بداية أنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري، في الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بحالة انهيار نفسي حادة أشبه بالاكتئاب، احتقار وجلد الذات، كره النفس بشكل كبير، أشعر أني شخصية سخيفة وتافهة، لا أستطيع التعامل مع أحد، ولا أحب الكلام مع أحد، ولا يوجد لدي طاقة للحديث! أحس أني لا أستطيع أن أرتب كلامي أثناء الحديث، ولا أرغب بإكمال الحوار، فيشعر الشخص بالملل من الكلام معي، حرفيًا لا أستطيع التركيز بأي شيء بحياتي حتى الكلام مع أهلي أصبح قليلاً جدًا.
أشعر بالانطواء والانعزال، وهذا سبب لي ضعفًا في الشخصية، أشعر أيضًا بأني أعاني من الرهاب الاجتماعي، قلق بشكل كبير، وأفكاري سوداوية.
أشعر بضيق الصدر دائمًا، لا أستطيع الإنجاز بحياتي بسبب هذه الحالة الصعبة، حاولت كثيرًا أن أخرج منها، وأن أفهم ما سببها، لكن لم أستطع!
بدأت أشعر أن ما يحدث لي حاليًا هو من تراكمات طفولتي السيئة، أنا عانيت من طفولة قاسية جدًا، ومشاكل أسرية كبيرة، كنت دائمًا أتعرض للعنف الجسدي والنفسي من والدي، لا أذكر يومًا أني عشت باستقرار مع عائلتي، حتى نحن الإخوة علاقتنا رسمية مع بعضنا، ولا نستطيع التقرب من بعضنا.
أريد حقًا المساعدة؛ لأن حالتي أصبحت لا توصف، وأنا دائم التفكير والقلق، أخاف من أن أظل أعاني طوال حياتي من هذا الشيء، لا أريد أن أظل هكذا، أفضل الموت -حرفياً- على أن أعيش بهذه السوداوية والخوف! حقًا، أريد أن أغير شخصيتي، ولا أعرف ولا أعلم كيف. ضغطت على نفسي بأمور كثيرة مثل أن أقابل الناس، وأنا لا أرغب، لكن لم أشعر بالراحة أبدًا!
أنسى كثيرًا ولا أستطيع التركيز، وهذا أيضًا سبب كبير في حالتي، أشعر أني جسد بلا روح. فكرت كثيرًا بإنهاء حياتي، لكني أخاف من الله، ولا أريد الموت بطريقة بشعة!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mujahed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أخي الفاضل: لقد آلمني ما وصفته في سؤالك من الحالة النفسية الصعبة التي وصلت إليها، ومعك كل الحق في أن كثيرًا ممَّا يحدث معك الآن مرتبطٌ بتراكمات الطفولة التي وصفتها بأنها سيئة، حيث عانيتَ في طفولتك من أمور قاسية ومشاكل أسرية، وكنت تتعرّض للعنف الجسدي والنفسي من والدك.
أخي الفاضل: خلاصة ما وصفته في سؤالك يكاد يكون الوصف الكلاسيكي لحالة الاكتئاب النفسي، إنَّ ما تُعاني منه من ضعف التركيز، وعدم الرغبة بالكلام، والنظرة السوداوية إلى الحياة، والضيق الذي تشعر به في نفسك، وربما أيضًا أثّر كذلك على نومك، وعلى شهيتك للطعام، وعلى الاستمتاع بما كنت ترتاح إليه في الماضي، حتى وصل الأمر عندك إلى التفكير بإيذاء نفسك وبالانتحار -حاشاك أن تفعل هذا- وقد عبّرت عن خوفك من هذا؛ لأنك تخاف من الله عز وجل، ونعم -أخي الفاضل- الحياة نعمة من الله تعالى، علينا الحفاظ عليها، وهي أمانة لدينا، إلَّا أن هذه الحياة يجب أن نرعاها، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يُوجّهنا فيقول: (تداووا عباد الله)، ويقول: (إن لنفسك عليك حقًّا).
فالتداوي كما هو مطلوبٌ للأمور البدنية، مطلوبٌ أيضًا للصحة النفسية، فهذا الاكتئاب الذي تعاني منه -والذي هو ربما مترافق مع ما ذكرت من الرهاب الاجتماعي- فكثيرًا ما يأتي الاكتئاب مع الرهاب الاجتماعي، إلَّا أني أبشّرُك بأن العلاج الدوائي بأحد مضادات الاكتئاب، هو أيضًا علاج مضاد للرهاب الاجتماعي، فلا تقلق.
أخي الفاضل: أنصحك بأن تأخذ موعدًا مع الطبيب النفسي حيث تسكن، ليقوم هذا الطبيب بفحص الحالة النفسية، وتأكيد التشخيص أنه اكتئاب نفسي مع الرهاب الاجتماعي، ومن ثُمَّ يشرح لك الخطة العلاجية، وهناك أكثر من احتمال، هناك احتمال العلاج الدوائي بأحد مضادات الاكتئاب، أو العلاج النفسي عن طريق الكلام والحوار، كالعلاج المعرفي السلوكي، أو كليهما معًا، وهذا الأفضل.
المهم: أتركُ هذا الموضوع للطبيب النفسي، وأرجو ألَّا تتردد، أو تتأخّر في أخذ هذا الموعد، وخاصةً أنك في هذا العمر من الشباب، وسرعة التشخيص والعلاج يُبشِّرُ بالنتائج الطيبة -بإذن الله عز وجل-.
أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.