كيف نتعامل مع زواج والدنا الذي أخفاه عنا؟
2025-04-29 00:56:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الآن تزوج والدي بامرأة ثانية على والدتي، ولكنه يُخفي الموضوع، ونحن قد عرفنا بزواجه عن طريق معرفة أمي بتسجيل له وهو يُكلم زوجته الثانية عندما تخرج أمي من البيت، ونعلم أن هذا الفعل لا يجوز، ولكننا علمنا.
من كلامه مع زوجته الثانية يظهر بغضه لأمي، ويشتمها، ويتمنى لها الموت حتى يرتاح منها، ويُخطط معها في بيع أرض له، ولا يُعلمنا بالثمن الحقيقي للأرض، ثم يذهب إليها ويعيش معها، ويختلق لنا أي حجة، علمًا بأنه يعمل في خارج البلاد لمدة شهرين، ويأتي إلينا مدة شهر واحد.
الآن، أمي تشعر منه بجفاء كبير، وتغيُّر في المعاملة أيضًا، وحالتها النفسية سيئة جدًّا. وأمي تمرض جدًّا عندما ينتابها الحزن الشديد، ومن سنين كادت أن تموت، لولا حفظ الله لها، وكان هذا الموقف أيضًا بسبب مشاكل زوجية، والآن هي في حيرة، وخالي ونحن أبناؤها لا نعلم ما العمل.
ننظر إلى الطلاق على أنه قد يكون سببًا في تقتير المال علينا، علمًا بأني في كلية الطب الحكومي، وأخي على مشارف الكلية، وينوي دخول طب خاص بمبالغ كبيرة، ولكن مع ذلك فإن الطلاق سيكون -إن شاء الله- سببًا في راحتنا النفسية والدينية؛ لأن أبي لا يصلي، وعنده تفكير علماني، وكان يُضيِّق عليَّ جدًا في مظاهر الالتزام منذ سنين.
وننظر أيضًا إلى جانب أن تُكمل أمي معه وتمثل أنها لا تعلم، وغالبًا في هذه الحالة سيتركنا أيضًا معظم الوقت بأي حجة، وستبقى أمي في هذه الحالة النفسية الصعبة، ونحن نخاف عليها أن تستمر على هذه الحالة، ولكن الحسنة الوحيدة هي استمرار النفقة الحسنة لنا ولها.
أيضًا لا ندري كيف سيستمر هذا التمثيل، والله أعلم، أعتقد أنه لن يستمر كثيرًا؛ لأنه من كلامه في مكالمته يشعر أن أمي تعرف شيئًا ما يُخفيه.
انصحوني، جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الوالدة وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي والدك إلى الحق والخير والصلاح والصلاة، وأرجو أن يكون لكم دورٌ في القُرب من هذا الأب، وإصلاحه والسعي في هدايته.
اعلموا أن للوالد حقوقًا عظيمة، ولا شك أن حق الوالدة هو الأعظم، ورعايتها مطلب شرعي، ولكن في نفس الوقت، مهما كان تقصير الوالد فإنه يظلُّ والدًا، حتى ولو كان عاصيًا ومُقصِّرًا؛ فإن الله يقول: {فَلَا تُطِعْهُمَا} ثم يقول بعدها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فمهما كان بُعده عن الله -تبارك وتعالى- إلَّا أنه يظلُّ والدًا، وهذه شريعة الله تبارك وتعالى الوهّاب الكريم -سبحانه وتعالى- ولذلك أرجو أن تكونوا إلى جوار الوالد، وتقتربوا منه، وتُبيِّنوا له معاناة الوالدة لعلَّه يُشفق عليها، وتُديروا هذا الأمر بمنتهى الحكمة.
إذا كان هو يُخفي هذا الكلام عن الوالدة؛ فهذا أيضًا من المصلحة ألَّا نفتح هذه الجراح، ولا أن يتجرأ على أن يُعلن برامجه، وما حصل من الاستماع إلى كلامه قطعًا مرفوض من الناحية الشرعية، ومن الطبيعي أن يُقال مثل هذا الكلام، ليس لأنه الصواب، لكن لأنه يعتقد أنه لا بد من أجل أن يتقرب للثانية -في نظرته- أن يُسيء للأولى، وهذا وارد، خاصةً إذا كان الإنسان ضعيف الدّين -كما أشرتُم-، ويُضايق حتى المتديّن منكم، فنسأل الله أن يهديه.
وإذا كنتم تعرفون أنه سيغضب عندما تواجهونه، وتنقلب الأمور عليكم، فلا ننصحكم بفتح هذه المواضيع معه، بل ننصحكم بالصبر حتى تنتهي دراستكم وتستفيدوا من هذا المال الذي يُنفق به عليكم، إلَّا إن كان هناك دخل مادي لكم يُعينكم، وإلَّا فاصبروا، والله وعد الصابرين بالجزاء العظيم، قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
ولذلك أرجو أن تُكثروا له من الدعاء، وتُحسنوا معاملته، وتجتهدوا في القُرب منه، وإظهار حاجة الوالدة إلى اهتمامه، وكلّ هذه الأمور التي ينبغي أن تصل عن طريقكم أنتم كأبناء، ونسأل الله أن يُعينكم على حُسن إدارة هذه الأزمة.
أيضًا ينبغي أن تُراعي الوالدة المصالح العليا للأسرة، ونحن لا نريد أن نجبرها أن تفعل ما لا تريد، لكن من الحكمة أن تكون هذه الأمور مدروسة، وألَّا نستعجل الفراق والطلاق؛ لأن هذا لا يُفرح سوى عدوّنا الشيطان، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق ولوالدكم الهداية والعودة إلى الحق والخير والصواب.