وضعت بعض ممتلكاتي عند أهلي أمانة فضيعوها وأغضبوني

2025-04-29 01:03:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

قبل سفري، تركتُ أنا وزوجي جميع ممتلكاتنا أمانةً عند أهلي إلى حين عودتنا، والآن، ونحن نُخطط للعودة إلى وطننا، تفاجأت بأنّ أهلي قد تصرّفوا بجميع أغراضنا دون إذن؛ مما أدى إلى حدوث مشكلة، وأصبحتُ في نظرهم: العاقّة لوالديها.

للتوضيح، لقد قام أهلي بتزويج أخي، ومنحوا زوجته بعضًا من ملابسي الخاصة جدًا، كالملابس الداخلية، دون علمي أو إذني، كما أتلفوا ساعات زوجي الثمينة، وأضاعوا شهاداته الخاصة بالعمل، وهي وثائق مهمة جدًا، إذ طُلبت منه من قِبَل الشركة لإعادته إلى العمل، علماُ بأني أعطيت والدتي الإذن بأن تأخذ فقط بعض الملابس لإخوتي، ولم أسمح بشيء أكثر من ذلك.

عندما بعثتُ برسالة إلى أمي أشرح فيها أهمية الأشياء التي تلفت، قامت بإيصال كلام مغلوط عني إلى إخوتي، وتحدثت بما لم أقله، حتى إلى والدي، فقام الجميع بحظري، واتهموني بالعقوق، وقالوا: أغضبتِ والديكِ من أجل بعض الأغراض.

والله ما أخطأنا في حقّ أحد، بل هم من كانوا يتحدثون عنا في غيابنا، وينسبون إلينا ما ليس فينا، ولم يرضهم أنني وقفتُ إلى جانب زوجي، لكنني لم أقف معه لأنه زوجي فقط، بل لأنه كان على حق.

لقد تدمرت أمور كثيرة: كنا ننوي بيع تلك الساعات لترميم منزلنا والسكن فيه، وشهادات العمل كانت ثمينة جدًا ومهمة لمسيرته الوظيفية، حتى ملابسي الخاصة، والله إنه لفعل شنيع! كيف يرضى أخي أن يرى ملابسي على زوجته؟ وزوجي يتذكر كل قطعة منها!

والله، لم أستطع استيعاب ما حدث، والآن جميعهم قاطعوني وحظروني واتهموني بأنني أغضبتُ والديّ.

سؤالي: هل من حكم شرعي أستند إليه، يُظهر الحق في هذا الموقف، لأبرزه أمام الجميع؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُصلح ما بينك وبين والديك وإخوتك وجميع أهلك، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يعوضكم خيرًا، ويجعل لكم من أمركم يُسرًا.

بالنسبة لحقوق زوجك وأمواله؛ فإنه لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال لأهلك أن يتصرَّفوا فيها بغير إذنه ورضاه، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلَّا أن تكون تجارةً عن تراضٍ مِنكم)، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه).

لا يجوز لأحدٍ أن يأخذ من مال الغير شيئًا بغير رضاه، قليلًا كان ذلك أو كثيرًا، وأموالك أنت الأصل فيها أنها كذلك، مثل ذلك، لا يجوز لأحدٍ أن يأخذ من مالكِ شيئًا بغير رضاك، إلَّا الوالدين، فإنهما إذا كانا محتاجين للإنفاق على أنفسهما وليس لهما من أموالهما ما يكفيهما لذلك؛ فإنه يجوز لهما أن يأخذا من مال الأولاد جميعًا ما يكفيهما للنفقة.

أنت واحدٌ من الأولاد، فيجوز لهما أن يأخذوا من مالك بقدر حاجتهما، على أن يتمّ تقسيم النفقة عليهما بين الأولاد جميعًا القادرين، فإذا كانوا غير قادرين، وكنتِ أنت القادرة الوحيدة؛ فإن لهما أن يأخذا من أموالك ما يكفيهما للنفقة على أنفسهما فقط.

الفقهاء يُصرّحون بأنه لا يجوز للأب أو للأم أن يأخذ مال أحد الأولاد ليُعطيه لولدٍ آخر، ولكن أنتِ قد أذنت لوالديك أو لأُمّك بأخذ شيءٍ من أغراضك وملابسك لإعطائها لإخوتك، ولعلّ أُمّك فهمت أن من جملة هذا الإذن أن تُعطيَ أخاك بعض أغراضك ليُعطيها لزوجته، فينبغي أن تتلمّسي لأُمّك العذر وتبحثي لها عن المخارج الحسنة، وتحملي تصرُّفاتها على أحسن المحامل، ما دام ذلك ممكنًا، وأن تجعلي الأمر من باب الخطأ في الفهم والتصرُّف؛ حتى يسلم قلبك تجاه أُمّك، ويذهب الشيطان وغر القلب وغيظه على أُمّك، فإن أُمّك أوسط أبواب الجنّة، أي أفضل الأبواب التي تدخلين منها إلى الجنّة، وكذلك أبوك، هكذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الوالد أوسطُ أبواب الجنّة).

لن تندمي أبدًا على شيءٍ بذلته لأُمّك أو أبيك مهما كان كثيرًا، ولو كان زائدًا على القدر الواجب عليك؛ فإن ذلك من البِرِّ، والبرُّ منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، فإدخال السرور على قلب أُمّك وأبيك أمرٌ محبوب عند الله تعالى، ويُوصلك الله تعالى به إلى الجنّة، ويرفعك به أعلى الدرجات.

ينبغي أن تتذكري هذا الثواب الجزيل، وتُدركي بأن هذه عبادة من العبادات، وأن أباك وأُمّك ولو أخطؤوا في حقك؛ فإن صبرك على أذاهم أيضًا عبادة تنفعك عند الله تعالى والدّار الآخرة، والدّار الآخرة خير وأبقى، وما عند الله خيرٌ للأبرار.

هوّني على نفسك هذا الأمر، وبادري بالاعتذار إلى والديك، وبيّني لهما أنك لم تأذني فعل ما فعلاه، ولكنك تتفهمين الأمر الآن، وتسامحينهما، ونحو ذلك من الكلام، فلعلَّ الله تعالى أن يُصلح بذلك بينك وبين والديك، ويكون خيرًا لك، فلا تجمعي على نفسك مصيبتين، مصيبة ما ذهب من أموالك وأغراضك، ومصيبة بقاء الشحناء والبغضاء بينك وبين والديك؛ فالعاقل هو الذي يُخفف على نفسه المصيبة، ويحتسب مصيبته في الدنيا ليفوز بثواب الدّار الآخرة.

أمّا زوجك؛ فإنه مظلومٌ إذا اعتدوا على حقه بغير رضاه على كل تقدير، أي أنه ليس لهم الحق في أن يأخذوا من أمواله شيئًا على كل تقدير، ومن ثم فله الحق بأن يُطالبهم بأمواله التي ذهبت، والخير له أيضًا أن يعفو ويصفح؛ فإن الله تعالى يُحب المحسنين، ولا سيما إذا كانوا عاجزين عن ردِّ هذه الأموال التي قد ذهبت، فلا خير في بقاء الشحناء والبغضاء، والعافي عن الناس موعودٌ بالثواب الجزيل كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم.

حثي زوجك على الصبر والاحتساب، وأن يحاول مداواة الأمر بما يُفيد في دنياه وفي آخره.

والله الموفق.

www.islamweb.net