كيف أحافظ على صلة الرحم مع أختي دون أن أتعرض لأذاها؟
2024-12-24 23:42:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي أخت مؤذية بكل شيء، وآذتني جسديًا ونفسيًا لأكثر من خمس سنوات، وأنا سامحتها لوجه الله، ولكن أفعالها التي قامت بها -أقسم بالله- أنها لا تغتفر، وأتجنبها خوفًا من أذاها، وحظرتها من كل مكان وهي كذلك، ولكننا نتحدث بشكل طبيعي أثناء الزيارات والأعياد، وكأن شيئًا لم يكن، وأنا خائف من أن أصبح قاطعًا لرحمي، وأريد أن أصل ذلك الرحم، ولكن ضررها شديد ومتعمد، فهل أنا قاطع للرحم؟ وكيف أصلها بدون أن أقترب منها؟
آسف على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلًا بك -أخانا الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:
حديثك دال على معرفتك بفضل صلة الرحم، وأنها من آكد الواجبات التي يتقرب المسلم بها إلى ربه تعالى، وأنها جالبة للبركة في العمر وفي المال، كما لا يخفاك أن الرحم قد اشتكت إلى ربها من القطيعة والفراق، فجعل الله الجزاء من جنس التعامل معها، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اقرؤوا إن شئتم:{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}))، ولقد جعل القرآن قطيعة الرحم من الفساد في الأرض، وبين أن فاعل ذلك ملعون، قال تعالى عقب هذه الآية: {أولئك الذين لعنهم الله}، نسأل الله أن يجعلك من البارين الصالحين.
الأخ الكريم: لقد ذكرت أذية أختك لك -هداها الله وأصلحها-، بل وتعمدها ذلك، ونحن نقول لك: هذا هو الاختبار الحقيقي لكمال تدينك، فقد اشتكى أحد الصحابة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رحم له يؤذونه ويسيئون له، وهو دائم الصلة لهم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المَلَّ -وهو التراب المحمي أو الجمر الذي صار رمادا قبل أن يبرد-، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).
لذلك نوصيك بالاجتهاد في تحمل أذيتها احتسابًا لوجه الله تعالى، فإن لم تستطع أو علمت أن ضررًا سيلحق بك، ولا يمكنك تحمله، أو أن المشكلة ستعظم وتكبر، فالله لا يكلف الإنسان ما لا يستطيع، ولن يحاسبك الله على ما فوق طاقتك؛ لذا إن عجزت عن التحمل، فصلها بقدر ما تستطيع، وضع أمام عينيك فضل صلة الرحم، وأجر ذلك، ونحن هنا نكتب لك بعضًا من ذلك عساه يكون معينًا لك:
- اعلم أيها المبارك أن صلة الرحم من علامات الإيمان، قال -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه).
- هي سبب في سعة الرزق، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه).
- وفوق ذلك هي سبب من أسباب دخول الجنة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (يأيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل، والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام).
وهذا كاف في بذل الإنسان كل ما يستطيع من أجل أن يحظى بهذا الفضل، على أننا نوصيك أخي بالتحدث مع أختك، ومحاولة فهم نفسيتها؛ فلعلها تحتاج إليك وأنت لا تشعر، أو لعل شيئًا أصابها، أو أحدًا أفسد عقلها بالنسبة لك، المهم كلما تواصلت معها كان ذلك أدعى لفهمها، وكل ذلك أنت مأجور عليه.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يكتب لك الأجر، والله الموفق.