كيف أجمع بين رغبتي في صيام النوافل وبري بأمي؟
2025-06-16 01:53:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دائمًا أحب أن أصوم 9 أيام من ذي الحجة، ووالدتي مسنة، وتجلس معي في منزلي، وأنا أعمل طوال الأسبوع، ويوم الجمعة فقط هو الذي أستطيع أن أجلس فيه معها، ونتناول الإفطار سويًا في الصباح، وكنت أريد أن أفطر يوم الجمعة الموافق 3 ذو الحجة من أجلها، ولكن شعرت بالذنب، وفي نفس الوقت أشعر بالذنب تجاهها؛ لأنها ستكون بمفردها، فما هو الحل الأفضل؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يزيدك حرصًا على برِّ أمك، ويسهِّل لك ذلك، ويكتب لك الأجر على كل عمل صالح تنوينه، ولو لم تقدري عليه.
وقد أصبتِ حين شعرتِ بأن برَّ أمك، وإدخال السرور على قلبها عمل صالح أيضًا، ينبغي الحرص عليه، والموازنة بينه وبين القُرُبات والطاعات الأخرى، بل ربما كان هو أفضل من كثير من الطاعات؛ فإن النبي ﷺ عندما سُئل عن أحب الأعمال إلى الله، قال: "سُرورٌ تُدخِلُهُ على مُسلِمٍ" (رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"، وله شواهد تقويه).
ولا شك أن أولى المسلمين بإدخال السرور على قلوبهم هما الوالدان، والوالدة بشكل أوضح وأكبر؛ فإن النبي ﷺ أخبر بأن لها ثلاثة أضعاف ما للأب من البر، كما ورد بذلك الحديث المشهور عند كثير من المسلمين، وهو قوله ﷺ لمن سأله: "يا رسولَ اللهِ، مَن أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي؟" قال: "أُمُّك"، قال: "ثم مَن؟" قال: "أُمُّك"، قال: "ثم مَن؟" قال: "أُمُّك"، قال: "ثم مَن؟" قال: "أبوك" (رواه البخاري ومسلم).
وبقيت الموازنة -أيتها الكريمة- بين صيامك لهذا اليوم النافلة -سواءً كان في ذي الحجة، أو في غيره- وبين مشاركتك لأمك في وجبة الإفطار، وإدخال السرور إلى قلبها.
والذي يظهر لنا: أنه إذا كانت الأم تريدك أن تكوني مفطرةً معها، وتشاركيها في هذه الوجبة، وأن ذلك أسرُّ إلى قلبها، فإن إفطارك معها أولى من صيامك لهذا اليوم.
أمَّا إذا استطعتِ الجمع بين الفضيلتين؛ بأن تجهزي الإفطار لأمك، وتؤانسيها بالكلام، ولو لم تأكلي معها، وحصل بذلك المقصود من المؤانسة، وإدخال السرور إلى قلبها، مع قيامك بالصيام، فهذا خير، وهو الأفضل؛ لجمعه بين الفضيلتين.
وقد نص الفقهاء على أنه ينبغي للإنسان أن يفطر إذا دُعي إلى وليمة، وكان الداعي يحب أن يفطر الضيف، وقالوا: الأفضل في هذه الحالة أن يفطر، وحق الوالد لا يقل عن هذا الحق في إجابة الدعوة.
فإذا أمر الوالد بالإفطار لمصلحة يريدها هو، فيُستحب للولد أن يُجيب، وإن كنا لا نجزم بوجوب ذلك، ولكن المسألة هنا في المفاضلة بين عملين صالحين، وكلاهما نفل مستحب.
نسأل الله تعالى أن يوفقكِ لكل خير، وأن يزيدك برًّا وإحسانًا بأمك.