أفقد السيطرة على نفسي عندما أسمع أخبارًا مزعجة، فما العلاج؟

2025-06-17 22:19:29 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرًا للقائمين على هذا المنبر العظيم.

أولًا: تعرضت لصدمة من صاحبة مختبر طبي بعد الفحوصات التي أجريتها في 1/4، فخلال رمضان شعرت بتعب عام، فقمت بإجراء فحوصات دم، فتبيّن لي وجود نقص في فيتامين (د)، بعد ذلك، كان لدي نوع من التعب العام في جسمي؛ بسبب كثرة التفكير والقلق.

بعد رمضان، أجريت فحوصات دم شاملة، وأرعبتني صاحبة المختبر بأنها وجدت لدي مرضًا في الكبد، مع ارتفاع بسيط في إنزيمات الكبد، وبعد مراجعة أطباء الباطنية -ومن شدة خوفي-؛ بدأت أشعر برجفات في بطّة ساقي، ثم انتقلت إلى الفخذ، ومن ثم انتشرت إلى جميع أنحاء جسمي، مما أرعبني وزاد من تفكيري المستمر.

ذهبت إلى عدة أطباء باطنة وأعصاب، وأجريت تخطيطًا للدماغ، وفحوصات لأنزيمات العضلات، وصورة رنين للدماغ، وتبيّن أن كل شيء سليم.

بعد ذلك: بدأت أرجع إلى الأطباء، وأشتكي من ألم الكلى، والقولون، والعضلات، وتعب عام، وأصبحت مدققًا في جسمي أكثر من اللازم، وأجريت الفحوصات أكثر من أربع مرات، وتبيّن أن كل شيء سليم.

هل -يا دكتور- هذه الرجفات ستزول مع الوقت؟ فهي أزعجتني كثيرًا، وأنا شاب ملتزم، ومنذ أن بدأت أراجع الأطباء كثيرًا، اجتمعوا وقالوا جميعهم إن السبب هو التوتر والقلق، فهل يمكن أن يؤثر العامل النفسي على الجسم بهذه الطريقة؟ وهل للعامل النفسي أن يسبب هذه الأعراض، مثل: ألم العضلات، والرجفات، والخفقان المتفرق في الجسم؟

ذهبت إلى دكتورة أعصاب وشرحت لها حالتي مرة أخرى، لكنها رفضت عمل تخطيط العضلات لي؛ حفاظًا على مالي.

أصبحت أشعر أن جسمي في دوامة، وأفكر فيه كثيرًا، وأصابتني منذ البداية نوبات هلع، وتغلبت عليها، لكن استمررت في التفكير بالأمراض، وبدأت أقرأ عن أعراض كثيرة، فزاد قلقي وتعبت من كثرة التفكير.

ذهبت إلى جميع الأطباء ولم أجد أحدًا يفيدني بشيء، والحمد لله على نعمة أن جسمي سليم ولا يشكو من أي مرض، فأرجوكم أرحموا قلبي، وأفيدوني.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نوح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

رسالتك رسالة واضحة جدًّا -أخي الكريم-، وقد أحسنت الشرح، وأقول لك: بالفعل لديك درجة متوسطة من القلق والتوتر، وهذا يجعلك حقيقةً تفقد السيطرة النفسية حين تسمع أخبارًا غير طيبة، أو يحدث شيء لم تكن تتوقعه؛ لأن الإنسان يتفاعل بوجدانه حسب الأحداث الحياتية، وحسب ما يجري في محيطه.

وكما تفضلتَ، ما ذكره لك فني المختبر كان بالفعل أمرًا مؤثرًا سلبيًّا؛ لأنك حساس جدًّا، وهو قد قام بتضخيم أمر بسيط جدًّا، وأعتقد أن كل ما قيل لك، حتى ما يتعلق بموضوع أنزيمات الكبد، لا شك أنه أمر ليس صحيحًا.

مثل حالتك هذه نسميها بـ (الحالة النفسوجسدية/ Psychosomatic)، وكما تعلم فإن النفس والجسد لا ينفصلان أبدًا؛ فما يؤثر على الجسد يؤثر على النفس، والعكس صحيح.

فالذي أراه أن لديك بعض القابلية للقلق والتوتر، وحين تأتي أحداث حياتية غير مواتية، تحدث هذه الانفعالات السلبية، وأؤكد لك: أنت لست مريضًا، فاطمئن تمامًا؛ لأن القلق في أصله طاقة مطلوبة في حياة الإنسان، ومن دونه لا ينجح الإنسان، لكن حين يزيد القلق عن الحد، يتحول إلى احتقان نفسي، وكما تحتقن الأنف تحتقن النفس أيضًا.

ولذا أنصحك حقيقةً بالآتي:

1- أن تكون حريصًا على أن تعبِّر عن نفسك أولًا بأول، خاصةً في المواقف التي لا ترضيك، ولا تكتم مشاعرك.
2- لا بد أن تمارس الرياضة بانتظام.
3- تطبيق تمارين الاسترخاء، مثل: تمارين التنفس المتدرج، وتمارين قبض العضلات وشدِّها ثم إرخائها، وتوجد برامج ممتازة جدًّا على اليوتيوب، توضح كيفية تطبيق هذه التمارين بشكل عملي.
4- من المهم أيضًا أن تكون لك أهداف واضحة في حياتك، وأن تحدد الوسائل التي توصلك إلى هذه الأهداف.

وبهذه الكيفية وبهذه الطرق العملية تكون قد وجَّهت القلق توجيهًا صحيحًا، وسوف يختفي -إن شاء الله- التوتر، ورَفَّ العضلات، وموضوع النبض، وكل الأعراض التي تشتكي منها.
إذًا: هذه كلها خطوات مهمة جدًّا.

5- كذلك المحافظة على الصلاة في وقتها، والدعاء، والورد القرآني اليومي، والأذكار، كلها تمنح النفس سكينةً واطمئنانًا تامًّا، وهذا في حد ذاته يعتبر علاجًا ممتازًا للقلق النفسي.
6- لا تكثر من شرب الشاي والقهوة إذا كنت من المكثرين؛ لأن الكافيين يعتبر من المنبهات التي قد تزيد التوتر.

أنصحك كذلك باستخدام أدوية بسيطة وغير إدمانية، وستكون مفيدة لك كثيرًا:

1-الدواء الأول يُسمى تجاريًا (سيبرالكس، Cipralex)، واسمه العلمي (اسيتالوبرام، Escitalopram)، وقد تجده تحت أسماء تجارية أخرى، وجرعة البداية هي 5 ملجم، ويمكنك تناول نصف حبة تركيز 10 ملجم، أي 5 ملجم يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تناول حبة كاملة 10 ملجم يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى 5 ملجم يوميًا لمدة شهر، ثم 5 ملجم يومًا بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم التوقف عن تناول الدواء.

2- الدواء الثاني هو دواء مساعد ممتاز للأعراض النفسوجسدية، يُسمى (دوجماتيل، Dogmatil)، واسمه العلمي (سولبيريد، Sulpiride). أنصحك بتناوله بجرعة 50 ملجم صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم 50 ملجم صباحًا فقط لمدة شهرين، ثم التوقف عن تناوله.
كلا الدوائين آمنان وفعّالان -بإذن الله-، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بهما.

أرجو منك الالتزام بكل ما ذكرته من إرشادات، وتناول الأدوية بالطريقة الموضحة، و-إن شاء الله- تستعيد صحتك النفسية، وتشعر براحة واطمئنان، كما سيختفي التوتر تمامًا، وكذلك الأعراض الجسدية، مثل: الخفقان، وحركات العضلات.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net