الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بكِ في إسلام ويب.
طبعًا الزلازل تُعد من الكوارث الطبيعية المعروفة، ولا شك أن الزلازل قد تُولّد مشاعر الخوف لدى الكثيرين، والناس يختلفون في درجة تحمّلهم لمثل هذه الأحداث، فمنهم من يملك قدرة عالية على التحمُّل، ومنهم من يتأثر سريعًا.
والزلازل ككوارث طبيعية عامّة قد ينتج عنها ما يُعرف بـ (عُصاب - أو رهاب- ما بعد الصدمة)، ويبدو أن ما حدث لكِ هو شيء من هذا القبيل، وبعد الزلزال الثاني أصبحتِ غير مطمئنة، ومن الواضح أنه أصبحت تأتيك اجترارات ما وذكريات عن ما حدث، وهذا ولّد لديك ما نسميه بـ (الخوف التوقعي) والخوف من الموت.
هذه صورة إكلينيكية معروفة جدًّا لدينا في الطب النفسي، وأنا أريدك أن تطمئني –أيتها الفاضلة الكريمة– فهذه الأحداث أحداث عامة، وتصيب جميع الناس إذا وقعت، وإن شاء الله تعالى لن تتكرر، وإن تكررت فبدرجة أقل بإذن الله تعالى؛ لأن مصر أصلًا ليست من الدول الواقعة ضمن أحزمة الزلازل النشطة عالميًّا.
والأمر الآخر: أي كارثة طبيعية يجب ألّا تُشخصن، بمعنى: أن لا تعتقدي أنك أنت الوحيدة التي تأثرتِ بهذا الأمر؛ بناء الشعور على هذه الكيفية والطريقة يقلل كثيرًا عندك من الخوف، ويجب أن تحرصي كل الحرص على الأذكار؛ الأذكار مهمة جدًّا، وخاصة أذكار الصباح والمساء، فهي تحفظ النفس وتقي من الخوف بإذن الله تعالى.
وأريدك أيضًا أن تصرفي انتباهك عن أفكار عصاب ما بعد الصدمة، من خلال استبدالها بأفكار جديدة إيجابية وجميلة، تخيّلي أنكِ أنهيتِ امتحاناتك بأفضل أداء، وتحصلتِ على درجات عالية، ودخلتِ الكلية التي ترغبين فيها، ثم تخرجتِ منها بتفوق، وهكذا، عيشي هذا النوع من الفكر الإيجابي الاستبدالي، فهذا مهم جدًّا، وليس وهمًا ولا خداعًا للنفس.
والشيء الآخر أريد منك تعلُّم تمارين الاسترخاء، وخاصة تمارين التنفس المتدرج، وهناك برامج ممتازة على (يوتيوب) توضح كيفية ممارستها، كما أن استشارة رقم (
2136015) في موقعنا توضح كيفية تطبيق هذه التمارين عمليًّا:
التركيز على التدبر والتأمُّل في أثناء تطبيق الاسترخاء، مع أخذ نفس عميق عن طريق الأنف، وهذا هو الشهيق، ويجب أن يكون عميقًا، وبطيئًا، يستغرق تقريبًا حوالي 8 ثوانٍ، وبعد ذلك احبسي الهواء في الصدر لمدة 4 ثوانٍ، وهذا مهمٌّ جدًّا ليساعد في انتشار الأكسجين في الجسد، ثم بعد ذلك يكون الزفير، وهو أن تخرجي الهواء بقوة وبطء عن طريق الفم، وهذا يجب أن يستغرق حوالي 8 ثوانٍ.
يُكرّر هذا التمرين خمس مرات متتالية، مرة صباحًا ومرة مساءً..؛ هو تمرين مفيد جدًّا، كما أن هناك تمارين أخرى تعتمد على شد العضلات ثم استرخائها، وهي فعالة أيضًا.
الوسيلة العلاجية الأخيرة هي الدواء، لكن هذا يحتاج إلى موافقة أسرتك الكريمة، يوجد دواء مناسب يسمى (سيرترالين، Sertraline)، ويُعرف تجاريًا باسم (زولفت، Zoloft)، وفي مصر يوجد أيضًا منتج محلّي فعّال يسمّى (مودابكس، Moodapex)، وهو دواء ممتاز لعلاج رهاب أو عصاب ما بعد الصدمة، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة، حبة واحدة، الحبة تحتوي على 50 ملغ، لكن ابدئي -إذا أهلك وافقوا- بجرعة 25 ملغ يوميًّا لمدة 10 أيام، ثم اجعليها حبة كاملة (أي 50 ملغ) يوميًّا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفّضيها إلى نصف حبة (أي 25 ملغ) يوميًّا لمدة أسبوعين، وبعدها 25 ملغ يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
ويُضاف إليه دواء آخر بسيط جدًّا يُسمى (بروبرانولول، Propranolol) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (إندرال، Inderal)، تحتاجين إلى تناوله بجرعة 10 ملغ صباحًا لمدة شهرين، وهو ينتمي إلى مجموعة تُعرف بـ (كوابح بيتا)، وهو متميز جدًّا؛ لأنه يؤدي إلى التقليل من إفراز الأدرينالين، ممَّا يُخفف من أعراض تسارع القلب، أو الرجفة، أو التعرق.
هذه أدوية بسيطة وسليمة وفعّالة، فأرجو أن تطبقي كل ما ذكرته لك، ونظّمي وقتك، واجتهدي في دراستك، واهتمي بالنوم الليلي المبكر، واستيقظي لصلاة الفجر في وقتها، ثم ابدئي يومك بالدراسة؛ فهذا وقت عظيم للاستيعاب والفهم.
بارك الله فيكِ، وجزاكِ الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.