التجاهل التام للوساوس عند أداء العبادات، هل هو صحيح؟
2025-07-02 22:32:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُعاني من وسواسٍ شديد جدًّا، لدرجة أنه أفسد عليَّ حياتي سنين طويلة، حتى إنني تركتُ العبادات، فأنا أُعاني من وسواس الطهارة، والوضوء، والصلاة، وغيرها من أنواع الوساوس.
ولكن في الفترة الأخيرة، بدأتُ أتجاهل هذا الوسواس، حتى لو شعرتُ أن هناك نقط بول نزلت مني، لا ألتفت إليها، ولو شعرتُ بشيء في الدبر لا ألتفت إليه، والحمد لله، عدتُ إلى الصلاة والعبادات بعد انقطاع طويل.
غير أني مع ما يُوسوس به الشيطان لي من أني لستُ على طهارة، أواصل الصلاة ولا أُعيد، ولا أرجع لأتطهّر من جديد، إذ لدي يقين بأن الله تعالى سيغفر لي إن كان ما أظنه قد وقع فعلًا، وسؤالي هو: هل تجاهلي للوسواس بهذه الطريقة صحيح، أم خطأ؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك عاجل العافية، والشفاء من هذه الوساوس، وأن يصرف عنك شرها.
لا شك ولا ريب -أيها الحبيب- أن ما توصَّلتَ إليه أخيرًا من الإعراض عن هذه الوساوس، والتجاهل لها، هو الصواب الذي لا صواب غيره، وأنك وُفِّقت كل التوفيق باتباع هذه الطريقة، فاحذر من أن تنتكس عن هذه الحالة، وترجع إلى طاعة الوساوس والعمل بمقتضاها.
وأنت قد وجدتَ الثمرة بنفسك، فعُدتَ إلى عبادتك، وحافظتَ على صلاتك حين أعرضتَ عن هذه الوساوس، كما أنك عايشتَ أو عانيتَ الثمرة الخبيثة لها، وهي الانقطاع عن العبادات والطاعات، وهذا غاية ما يؤمّله الشيطان ويرجوه؛ فهو يحاول من خلال هذه الوساوس أن يُثقِّل عليك العبادة حتى تنقطع عنها، فقد عِشتَ إذًا أنت التجربتين، وعرفتَ النتيجتين، فينبغي أن تكون عاقلًا، وتُدرك بعدها الخير من الشر، والرسول ﷺ يقول:«احْرِصْ عَلَى مَا يَنفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجِزْ» (رواه مسلم).
ومن رحمة الله تعالى بالموسوَس أنه شرع له أن يُعرض عن الوسوسة إعراضًا كاملًا تامًّا، لأنها من خطوات الشيطان، والله تعالى لا يحب من الإنسان أن يتبع خطوات الشيطان، كما حذّرنا من ذلك في كتابه الكريم، حين قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور: 21].
فإعراضك عن هذه الوساوس بالطريقة التي ذكرتَها، وعدم قيامك بالطهارة بسبب الوسوسة، هو الطريق الذي يحبه الله تعالى، ويرضى عنك باتباعه، وسيقبل عباداتك -بإذن الله تعالى- وسيغفر لك أي خلل أو قصور قد يحصل منك.
استمر على هذا، استمر على ما أنت عليه من التجاهل لهذه الوسوسة، وستجد -بإذن الله تعالى- نفسك بعد زمن قريب وقد تخلّصت من شر هذه الوساوس، ونجّاك الله تعالى منها.
نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لنا ولك الخير.