الوسواس القهري والفكري أثر على حياتي اليومية وسلوكي الاجتماعي!

2025-07-03 00:58:39 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أشارككم تفاصيل معاناتي مع الوسواس القهري والفكري، التي أثّرت بشكل كبير على حياتي اليومية وسلوكي الاجتماعي.

أواجه مجموعة من الأفكار والسلوكيات التي تسيطر عليّ وتجعلني أشعر بالقلق والتوتر المستمرين، وفيما يلي سردٌ مفصّل لحالتي، وما أمر به من تحديات:

1. أعاني من الوسواس القهري والفكري، ولدي فضول مفرط تجاه أي شيء حولي.

2. أسجل المحادثات طوال اليوم مع الناس على هاتفي تسجيلًا صوتيًا، لكي لا يفوتني شيء؛ لأنني أصبحت قليلة التركيز.

3. أُمسك أي شيء وأتحقق منه، وأحيانًا أصوره بهاتفي لأعود إليه مرات عديدة.

4. أتحقق من هواتف الآخرين من الإشعارات الظاهرة، والأسماء، والإعدادات، والرسائل، والصور، وأحاول حفظها في ذهني، لكنني لا أستطيع.

5. يضايقني أنني أفعل ذلك في الخفاء خوفًا من سوء فهمي.

6. أركز بشكل مبالغ فيه على بقع وعلامات وجروح في أجسام الآخرين.

7. لا أرتاح لهذا الوضع، لكني لا أجد حيلة.

8. الوسواس القهري يتجدد لدي دائمًا، ويظهر لي نوعًا جديدًا بين فترة وأخرى.

9. لا أخرج من المنزل لأي سبب، خوفًا من عدم تحكمي في نفسي.

10. ذهبت إلى عدة أطباء وأخذت فترة علاج كاملة، ولم أتحسن إلا قليلاً، والآن أصبحت أسوأ من السابق.

فما نصيحتكم لي في هذه الحالة؟ وكيف أستطيع أن أواجه هذا المرض وأتجاوز آثاره على حياتي؟

جزاكم الله خيرًا.




الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية، والتوفيق، والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة، بالفعل أنت لديك وساوس قهرية، والوساوس القهرية قد تكون فكرية، أو أفعالًا قهرية، أو طقوسًا، أو شكوكًا، أو مخاوف، والوسواسية الفكرية هي الأكثر انتشارًا، والحمد لله هي تستجيب للعلاج بصورة جيدة جدًّا، خاصة العلاج الدوائي.

طبعًا، مواصلة العلاج والمتابعة مع الأطباء النفسيين أمرٌ جيدٌ، وإيجابي، ومطلوب متى ما كان ذلك ممكنًا.

وساوسكِ أعتقد أنها من النوع الهش الذي يمكن أن يُعالج، أولًا: طبعًا يجب أن تُوقفي تدعيم ومكافأة الوساوس، فأنتِ تقومين -على سبيل المثال- بتسجيل صوتك أثناء محادثاتك مع الناس حتى لا يفوت عليك شيء؛ وهذا تدعيم فظيع للوسواس وتثبيت له، وهذا خطأ، مهما كان الوسواس ملحًّا، ومهما كانت الحوافز الوسواسية، يجب أن تقاومي مثل هذا التصرف وتحقريه تمامًا.

هنالك ثلاثة تمارين سلوكية نعتبرها مهمة، ومفيدة، وبسيطة إذا طُبِّقَت بإتقان والتزام:

أولًا: أن تقومي بكتابة الوساوس التي تعانين منها، وتُقسيمها إلى مجموعات، ابدئي بأضعف الوساوس وانتهي بأشدها، ويمكن أن نقول إن ثلاثاً إلى أربع مجموعات تكفي تمامًا، ثم طبقي ثلاثة تمارين على كل مجموعة، وابدئي بالمجموعة الأضعف:

التمرين الأول: نسميه (التحقير والتجاهل)، وذلك بأن تخاطبي الأفكار أو الأفعال الوسواسية مخاطبة مباشرة، وتقولين لها: "أنت وسواس حقير، أنا لن أهتم بكِ، أنا أتجاهلك تمامًا، اذهب عني"، وهكذا تكررين ذلك لمدة دقيقتين.

ثم تنتقلين للتمرين الثاني نسميه بـ (صرف الانتباه)، أي بدلاً من التفكير في الوسواس أو القيام بالفعل الوسواسي، قومي باستجلاب فكرة مخالفة تمامًا، فكرة جميلة، تذكَّري حدثًا سعيدًا، وحاولي أن تحلليه وتفصلي فيه، أي حدث جميل أو طيب، وهذه الأشياء كثيرة في الحياة، وهذا ما نسميه بصرف الانتباه، بمعنى أن الإنسان حين يشغل نفسه بما هو أفضل وأجمل وأكثر أهمية سوف تتم إزاحة الفكرة الوسواسية، وكذلك الفعل أو الطقوس الوسواسية.

أما التمرين الثالث: فنسميه (التنفير) والتنفير يعني أن نأتي بتفاعل مضاد ينفِّر الوسواس، وقد وجد علماء النفس والسلوك أن الأشياء المتضادة لا تلتقي في حيز وجداني فكري عاطفي واحد عند الإنسان.

ومن أفضل التمارين التي نوصي بها تمرين الضرب على اليد على سطح الطاولة:
- اجلسي أمام الطاولة بهدوء تام، وبالمناسبة هذه التمارين يجب أن تمارس في مكان هادئ جدًّا.
- ثم استحضري الفكرة الوسواسية أو الفعل الوسواسي.
- ثم فجأة قومي بالضرب على سطح الطاولة بشدة حتى تشعري بالألم.
- اربطي بين الألم والفكرة، أو الفعل الوسواسي.
- كرري هذا التمرين 20 مرة متتالية.

ويمكن تطبيق هذا التمرين بطرق أخرى، مثل استنشاق رائحة كريهة في نفس اللحظة التي تستحضرين فيها الفكرة الوسواسية والفعل الوسواسي، واربطِي بين الاثنين، وهكذا.

إذًا هذه تمارين مفيدة جدًّا، طبقي هذه التمارين الثلاثة على كل الأفكار والأفعال الوسواسية، وسوف تساعدك كثيرًا.

الأمر الآخر هو: أن تطبقي تمارين الاسترخاء، ويمكن التدرب عليها من خلال مشاهدة أحد البرامج على اليوتيوب، مثل تمرين التنفس المتدرج، من أفضل التمارين، وكذلك شد العضلات وقبضها ثم بسطها وإرخائها.

والأمر الآخر: أن تملئي الفراغ؛ لأن الوسواس يتصيد الناس من خلال الفراغ الزمني أو الذهني، فضعي لنفسك خارطة يومية تديرين بها وقتك، تجنبي السهر، تجنبي النوم النهاري، ركزي على القراءة، والورد القرآني اليومي، والصلاة في وقتها، وممارسة أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة...، وهكذا.

والعلاج الأخير، وهو مهم جدًّا، هو: العلاج الدوائي، وأبشركِ أنه توجد علاجات رائعة وفعالة جدًّا لعلاج الوساوس، وأفضلها هو العقار الذي يعرف باسم (سيرترالين، Sertraline)، وهو متوفر في السودان، يُسمى (لوسترال، Lustral)، أو (زولفت، Zoloft)، وربما تجدينه تحت مسميات تجارية أخرى حسب نوعية الدواء المتوفرة في السودان.

تبدئين في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة (أي 25 ملغ من الحبة ذات 50 ملغ)، تناولي هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ارفعيها إلى حبتين يوميًا (أي 100 ملغ) لمدة شهر، ثم ترفع إلى 150 ملغ يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية، واستمري عليها لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى 100 ملغ يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى 50 ملغ يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى 25 ملغ يوميًا لمدة شهر، ثم 25 ملغ يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا من أروع وأفضل الأدوية، وهو سليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، نسأل الله تعالى أن ينفعك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

www.islamweb.net