تطاردني وساوس بإخبار خاطبي بالماضي السيء، فما توجيهكم؟

2025-07-07 01:55:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مخطوبة، وأحب خاطبي، وهو أيضًا يحبني، وقبل الخطبة كنت قد تعرفت إلى بعض الشباب، وخرجت معهم، وكان لي صور معهم، لكن -الحمد لله-، هذه الأمور مرّ عليها ما يقرب من سنتين، وانتهت.

خاطبي دائمًا يقول لي: أنا صاحبك قبل أن أكون خاطبك، ويشجعني بكلامه على أن أكون صريحة معه، لكن هذا يجعلني أشعر بخوف دائم، ورهبة، وأفكار مزعجة جدًا تطاردني.

أنا فعلاً أريد نسيان هذا الماضي تمامًا، ولا أريده أن يظل في ذاكرتي أو يفسد حاضري، خصوصًا أنني ملتزمة الآن: أصلي، وأقرأ القرآن، وأقوم الليل، وأتصدق، وأذكر الله كثيرًا.

لكن خاطبي لا يحب الكذب، وكلامه يشعرني أحيانًا أن عليّ أن أخبره بكل شيء حتى لا أكون كاذبة، وهذا يخيفني جدًا، لأنني أعلم أنه إذا عرف قد يتغير، وقد لا يتفهم الأمر، وأنا لا أريد إيذاء نفسي، أو تخريب علاقتي به بسبب ماضٍ قد انتهى.

سؤالي الأول: إذا سألني وكذبت أو اضطررت للحلف كذبًا حتى لا أجرح نفسي أو علاقتي، فكيف أكفّر عن ذلك؟

وسؤالي الثاني: كيف أعيش حياتي بدون هذا الخوف والرعب؟ كيف أُقنع نفسي أن كل إنسان له ماضٍ، حتى هو نفسه حكى لي عن ماضيه، ولم يكن لديّ مشكلة في تقبّله، لكن أشعر أنه قد لا يتقبلني بنفس السهولة؟

أريد أن أهدأ، وأعيش بسلام، وأتخلص من الأفكار الشيطانية والخوف، وأنسى هذا الماضي تمامًا.

أرجو الرد، فالأمر يؤثر عليّ نفسيًا بشكل كبير.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابتسام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يملأ قلبك طمأنينة، ويشرح صدرك، ويتم عليك الخير.

أولًا: وصف المشكلة باختصار: ما تمرّين به هو صراع نفسي داخلي بين توبةٍ صادقة تُريدين أن تفتح لك أبواب المستقبل، وبين خوف من أن يعكّر الماضي صفو الحاضر، ويهدم ما بُني من محبة وثقة، وتحت هذا الضغط، تدخل الوساوس الشيطانية، وتربك عليك صفاء حياتك وطمأنينة قلبك.

ثانيًا: خطوات عملية للخروج من هذا الخوف:

- تيقّني أن الله غفور ستّير يحبّ الستر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا! وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه".

فما دام الله قد سترك، فإياك أن تكشفي هذا الستر، حتى لو كان ذلك بدافع الصدق؛ فالصدق هنا في غير موضعه، وقد يجلب من الأذى ما لا تطيقينه.

- التوبة الصادقة تُبدّل السيئات حسنات: قال الله تعالى:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}، وما دمتِ قد تبت، فذاك بينك وبين الله، وليس من حقّ أحد أن يُحاسبك على ماضٍ قد غسله الاستغفار، وجعلته التوبة صفحةً بيضاء.

- الشيطان يُضخّم الماضي ليُفسد الحاضر: اعلمي أن هذه الوساوس التي تجتاح قلبك من وقتٍ لآخر ليست من الإيمان، بل من الشيطان، قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}، فلا تُطيعيه في دعوى الصدق القاتل.

- لا تخبري خاطبك، ولا تبحثي في الماضي: حتى لو سألك، فلكِ أن تدفعي السؤال دون كذب أو حلفان، قولي مثلًا: ماضيّ لا يُقلقني؛ لأنه بيني وبين ربي، وهذا ليس كذبًا، بل صدٌّ عن فتنةٍ أكبر، وإن وقعت في الحلف أو اضطررت للحلف فعليك التوبة، وكفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجدي، فصيام ثلاثة أيام.

- اقطعي حبال الذكرى التي تُتعبك: لا تعودي للصور، ولا للأسماء، ولا للمواقف القديمة، بل احرقي كل شيءٍ يحملك للوراء، واملئي وقتك بالخير، والقرآن، والذكر، والعمل النافع.

- احذري من تجاوز الحدود الشرعية معه، فهو خاطب وليس له حق الخلوة بك، ولا أي شيء بعد ذلك، وانتبهي فإن التجاوز الممنوع هو ما يثير الشك الحقيقي في قلب الخاطب، وأما الالتزام والتدين: فهو وإن أغضبه لهوى في نفسه عارض فإنه يطمئنه أن اختياره كان الأصلح والأوفق، وفوق هذا كله {تلك حدود الله فلا تعتدوها}.

أكثري من الدعاء دائمًا، ونحن نسأل الله لك قائلين: اللهم اجعل سكينتك في قلبها، واغسل قلبها من الخوف والحزن، واجعل الماضي عبرةً لا عبئًا، والمستقبل نورًا لا رعبًا، وبارك لها في خطيبها، والله الموفق.

www.islamweb.net