أخفيت الذهب عن زوجتي حتى لا تكرر خطأها..فهل تصرفي صحيح؟
2025-07-09 00:40:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج منذ ست سنوات ولدي ولدان وبنت، لكن من وقت إلى آخر تحدث منازعات بيني وبين زوجتي، حتى إنها ذات يوم غادرت بيتي دون علمي، مغبونة، إلى بيت أهلها، وأخذت الذهب معها.
وبعد مشادات تم إرجاع زوجتي وإرجاع الذهب الخاص بها، ومنذ أن رجع الذهب إلى بيتي قمت بإخفائه حتى لا يحدث ما حدث مجددًا، ولكن حين جاءت مناسبة من المناسبات طلبته مني، فرفضت أن أعطيها إياه، وبعد مشادات كلامية كبيرة كادت أن تؤدي إلى إنهاء العلاقة، أعطيتها الذهب لحضور مناسبتها.
فهل لي الحق في إخفاء الذهب مرة أخرى؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منتصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب.
أولًا: نشكر لك حرصك على معرفة الحلال والحرام، ومعرفة حدود الحقوق حتى لا تتعدى على حق زوجتك، وهذا من حُسن إسلامك وكريم أخلاقك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا، وأن يُديم الألفة والمودة بينك وبين زوجتك.
ونصيحتنا أولًا -أيها الحبيب- أن تتعامل مع زوجتك بالتسامح والرفق، فالرسول ﷺ قد دعا إلى الرفق بالمرأة وإكرامها في أحاديث كثيرة، وقال: «خيركم خيركم لأهله»، يعني أفضل الناس وأكرمهم مَن كان أكرم وأفضل في التعامل مع زوجته، وكما قال الحكماء: "لا يكرمهنَّ إلَّا كريم".
وهذا النوع من التعامل مع الزوجة من شأنه أن يوطد المودة والألفة بينك وبين وبينها، وستبادلك هي نفس المشاعر حين تراك حريصًا على إكرامها والرفق بها، فإنها أيضًا ستبادلك المشاعر ذاتها، وتُعطيك ما لم تكن أنت ترجوه أو تطلبه منها، فالنفوس مجبولة على حب مَن أحسن إليها.
أمَّا عن الحقوق الشرعية والحدود في التعاملات المالية، فهذا الذهب -أيها الحبيب- إن كان ملكًا للزوجة، سواء كنت أنت الذي ملَّكْتَها إيَّاه، أو كانت أخذته على أنه جزءٌ من مهرها، أو اشترتْهُ بأموالها؛ ففي كل هذه الصور إذا كان الذهب ملْكًا لها فلا يجوز لك أن تعتدي أنت على هذا الذهب وتتصرف فيه بإخفاء أو غير ذلك من أنواع التصرفات، لأنه ملْكُها، ومن حقِّها أن تنتفع بأملاكها، وكل المسلم على المسلم حرام، كما قال رسول الله ﷺ: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعَرْضُهُ».
وينبغي لك أن تُرشد زوجتك وتنبهها بالأسلوب الرفيق إلى حفظ أموالها، وادخارها لوقت شدائدها وحاجاتها وحاجات أبنائها، وهي بلا شك ستتقبَّل هذا الكلام بحرصٍ؛ لأن الإنسان مجبول على حُبِّ مصلحة نفسه، وبذلك تضمن أنت عدم الوقوع في الاعتداء على حقوق الآخرين، وتضمن في الوقت ذاته حفظ هذه الأموال من الذهاب والضياع.
وظهر لنا من خلال السؤال أن أهلها لا يريدون السطو على هذه الأموال، ولا يريدون أخذها منها، ودليل ذلك أنها لـمَّا رجعت، رجعت ومعها هذا الذهب، فحاول أنت أن تُعزِّز في زوجتك الحفاظ على الأموال، وأنها ربما تأتي لحظات تحتاج فيها هي بنفسها لحاجاتها الشديدة، ربما لا تجد مَن يُساعدها ويعينها في تلك اللحظات.
أمَّا إذا كان هذا الذهب مِلْكًا لك، وإنما تعطيه لزوجتك لتتزيَّن به وتلبسه، فهذا ملكك أنت، ويجوز لك أن تُخفيه عنها إذا رأيت المصلحة في إخفائه، أو أن تأخذه أنت لأي غرض آخر غير الإخفاء؛ لأنه مالُكَ في هذه الحالة، ولك مُطلق التصرف في أموالك، وليس عليك حَجْر في ذلك.
أمَّا إذا كنت وهبتَ هذا الذهب لها وقبضتْه -يعني مسكته مِنك، ودخل في تصرُّفها- فهذه هِبة، ولا يجوز لك التراجع عنها؛ لأنه صار في هذه الحالة من أملاكها أيضًا.
نرجو -إن شاء الله- أن يكون الأمر قد اتضح لديك، وسهل عليك التعامل مع زوجتك ومع ما في يدها من أموال، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يديم الألفة والمودة بينك وبين زوجتك.