أشعر أنني بلا هوية حقيقية ولا شخصية،هل يمكن أن أتغير؟

2025-07-09 23:57:40 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب من الشباب المسلمين، لكن لا فائدة مني للإسلام، لا أستطيع تغيير منكر، ولا أمراً بالمعروف، أخاف من الناس.

أنا ألجأ إلى التدخين، ومشاهدة الأفلام الإباحية كوسيلة للهروب من الواقع، حيث أشعر بالراحة مؤقتًا عندما أتخيل نفسي في عالم مختلف بعيد عن مشاكلي.

أصدقائي كلهم تزوجوا وبنوا حياتهم، أسرة، وعمل، وبقيت أنا بلا عمل، وليس لي أسرة، لا أملك ثقة بنفسي، ولا شخصية قوية، وأجد صعوبة كبيرة في التحدث أمام الناس، أشعر بأنني بلا هوية حقيقية، فالآخرون يهينونني ويتجاهلون وجودي، وكأن وجودي لا قيمة له.

أنقذوني، جزاكم الله خيرًا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- ونشكر لك تواصلك مع الموقع، ونرجو أن يكون ذلك بدايةً لتصحيح المسار، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يعيذك من العجز والكسل، وأن يرزقك علوّ الهمة، فابدأ بذلك طاعتك لله، والرجوع إليه، والإنابة، والتوكل عليه، والاستعانة به، فـ(لا حول ولا قوة إلا بالله) ذكرٌ ودعاء واستعانة بالله تعالى.

ونحب أن نبشّرك أن مجرّد شعورك بما تعانيه وتواصلك مع الموقع، وكتابة هذه الكلمات يدل على بداية صحيحة، فإن شعور الإنسان بالتقصير هو الذي يدفعه للكمال، وأرجو ألَّا يكون هذا مجرّد كلام، بل لا بد أن تتخذ الخطوات العملية الصحيحة، أولها أن تتحول راحة قلبك إلى اللحظات التي تذكر فيها رب العالمين، وإلى اللحظات التي تقدّم فيها معروفًا أو مساعدة، أيًّا كان نوع هذه المساعدة، لأي إنسان يحتاجها من البشر، أن تشعر بالسعادة عندما تؤدي عملًا يرضي والديك، لتفوز بدعوة صالحة، أو تصل رحمك فتفوز بدعوة صالحة أخرى.

لا بد أيضًا أن تتوقف عن مشاهدة الأفلام، فإنها لا تزيد الإنسان إلَّا حسرات، فإنك:
وكنت مَتى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا *** لقَلْبِكَ يومًا أَتْعَبْتَكَ الَمَنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِي لَا كَلَّهُ أَنْتَ قَــادِرٌ *** عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ

وأرجو ألَّا تُقارن نفسك بالأصدقاء، ولكن دائمًا الإنسان في أمر الدنيا ينظر إلى مَن هم أقلَّ منه، وفي أمور الدِّين وأمر الآخرة ينظر إلى من هم أحسن منه، كما قال ﷺ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا ‌تَزْدَرُوا ‌نِعْمَةَ اللهِ» فمهما كان عندك من النقص الذي أشرت إليه، فهناك مَن هو أقلَّ منك، فتعرف على نعم الله عليك، ومنها قُدرتك على الكتابة وهذا الأسلوب الذي سطرت به استشارتك، وفهمك لمشكلتك، وتواصلك بهذا الأسلوب الطيب مع الموقع، هذه كلها نعم، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} هناك نعم كثيرة ينبغي أن تتعرف عليها لتؤدي شكرها، فالإنسان بشكره لربِّه الشكور ينال المزيد، قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.

واعلم أن بناء الثقة بالنفس يحتاج إلى عمل تراكمي، فهي لا تبنى في لحظة، ولا توهب جاهزة، بل لا بد من أعمال إيجابية تجتهد أن تقوم بها، وثقة الإنسان بنفسه فرع عن إيمانه بالله، وعن توكله عليه تبارك وتعالى.

أما الكلام أمام الناس، فهو أمر يعتاده الإنسان مع التدريب، ولا تبالِ بمن لا يحترمك، اجتهد أنت في أن تحترم الناس، فالإنسان يستطيع أن ينتزع هذا الاحترام من قلوب الناس وعقولهم، عندما يتخذ المواقف الصحيحة، وعندما يُرى ساجدًا خاضعًا لله تعالى، وعندما يرى ويؤدي بالواجبات التي عليه على أحسن وجه، ولا أعتقد أن هناك ما يمنعك من القيام بأعمال إيجابية، ومع تكرارها وتراكمها وكثرتها تتغير أيضًا نظرتك لنفسك، ويتغيّر معها نظر الناس إليك.

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على الخير، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يردّك إلى الحق والخير ردًّا جميلًا، وأن يُقدِّر لك الخير ثم يرضيك به.

www.islamweb.net