والداي يسيئون معاملتنا أنا وزوجي رغم أننا أحسنا إليهم!!

2025-07-15 03:00:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أمي -مهما فعلتُ لها- لا ترضى، وتطلب مني أن أشتغل لألبس ثيابًا عصرية، وأتجمّل للناس، وأعطيها المال، لكنني أرفض، لأني أريد أن أوفّر وقتي وجهدي لزوجي ورضيعتي، أريد أن أربيها تربية صالحة، لتنفع هذه الأمة، وتشفع لي عند الله.

أبي يقهرني منذ صغري إلى اليوم، فقط لأنه يريد ذلك، كان يخون أمي طويلًا مع امرأة أرملة كانت تعمل معه، يصرف عليها وعلى أولادها، بينما نحن كنا نعيش الحرمان من كل شيء منذ طفولتنا.

وعندما اقترب وقت تقاعده، اكتشفت الشركة نقصًا في الأموال، فأبي محاسب وكان يختلس، فاضطر لبيع كل ما يملك لتسديد ما عليه، وحين أراد بيع المنزل الذي يسكن فيه مع أمي، منعته واقترحت عليه أن يكتب البيت باسمي واسم أمي، بموجب عقد صدقة، حتى لا يتراجع، فوافق لأنه كان محتاجًا للمال.

أعطاه زوجي المال، وقال لي إنه فعل ذلك من أجل أمي؛ حتى لا يُطردَ من البيت، ولم يكن زوجي يطمع في البيت، ولم يطلب حتى إدخال اسمه في العقد.

وفي عام 2023، حصل زوجي على عمل في المدينة التي يسكن فيها والداي، وعندما علموا بذلك أصروا أن نسكن معهم.

ورغم رفض زوجي، أقنعته بذلك؛ لأنني ظننت أنهم قد تغيروا للأحسن، فانتقلنا للعيش معهم، ويا ليتنا لم نفعل، كانوا يُظهرون ما لا يُبطنون، ويُخفون الخبث والمكر، بعد الاستقرار معهم، قام زوجي بإصلاح كل ما أفسدوه من أثاث وغسالة وتلفاز، حتى الحيطان، لأنهم كانوا يعيشون وكأنهم عزّاب، وبعد أن استُنفِد المال الذي جمعناه، لم يبقَ معنا سوى راتب زوجي الشهري، -والحمد لله- يكفينا للعيش الكريم.

نحن من كنا ندفع جميع الفواتير: الإنترنت، الماء، الكهرباء...ثم بدأوا يُظهرون حقيقتهم:
إهمال، تخريب، لا ينظفون غرفهم، وأمي تفعل أشياء لا تصح بدعوى إبعاد العين، وأبي يضربها أمامنا، ويسبني، وعندما نواجههم أو نحاول الحديث معهم، يسبوننا، بل يريدون طردنا من البيت!

سؤالي: ماذا أفعل لكي أعيش بسلام؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على برّ والديك.

ونحب أن نؤكّد لكِ بدايةً أن البرّ طاعةٌ لله، وأن على الإنسان أن يفعل ما عليه، ولا يضرك بعد ذلك إن رضي الوالد أو لم يرضَ، أو رضيت الوالدة أو لم ترضَ؛ لأن البر عبادة لله، وفعلاً يوجد بعض الآباء والأمهات ممّن يَصْعُب إرضاؤهم مهما اجتهد الأبناء، ولهؤلاء جاء العذر في قول الله تعالى بعد آيات البر: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25]، قال المفسرون: هذا فيمن يجتهد في القيام بما عليه تجاه والديه، ومع ذلك لا يتمكن من إرضائهما، وهذا معنى من المعاني الجميلة التي تجعل الإنسان يطيب نفسًا، ويوقن بعظمة عدل هذه الشريعة ورحمة الله بعباده.

كذلك بالنسبة للأب؛ فإن ما حصل من تقصير في حق الوالدة مرفوض، والله سيسأله عن هذا التقصير، لكن ليس لكِ عذر في أن تحقدي عليه، أو تغضبي منه، أو تنتقصيه لأجل الذي حدث، ونسأل الله أن يغفر له ولنا ما حصل من الإسراف والتقصير، وأحسنت الوالدة عندما أصرت على البيت الذي ينفع الأسرة، ونسأل الله أن يُعينك على برّهما جميعًا.

واعلمي أن الإنسان يحتاج في هذه الحياة إلى أن يُقدّر ظروف الآخرين، ولا شك أن العيش مع الأهل والأرحام يحتاج إلى صبرٍ وتضحية، ولا ينبغي أن تقولي: ليتنا لم نفعل، والإنسان ينبغي أن يصبر على أرحامه، وصلة الرحم لا تستمر إلا بنسيان الجراحات، والصبر وتحمّل المرارات، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير، وأن يُبدّل هذه الأحوال.

أمر الرحم عظيمٌ جدًّا، والشيطان حريص على أن يُفسد هذه العلاقة، ولا يريد لها أن تستقر أو تستمر، ولكن علينا أن نجتهد ونجاهد في حفظ وصيانة هذه العلاقة، فإن صلة الرحم من أعظم القربات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أحبّ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه" [متفق عليه].

والإنسان ينبغي أن يقتسم مع أرحامه اللقمة، ويتواصل معهم في الخير، ويتعاون معهم على البر والتقوى، ونسأل الله أن يُعوّضكم خيرًا.

ولن يضيع هذا المعروف الذي قمتم به، ولا مانع أيضًا من تشجيع الآخرين على القيام بما عليهم، وإذا قصّروا في حق الوالدة أو في حق الوالد؛ فينبغي أن نجبر نحن هذا التقصير، والله يُضاعف الأجر لمن بادر بالإحسان.

وكون الأب يضرب الوالدة أو يسبّ أو كذا؛ هذا كله ممَّا نسأل الله أن يغفره له، وأن يرحمه ويعفو عنه عن هذا التقصير، لكن لكي تعيشي بسلام، لا بد أن تقومي بما عليك من البرّ، ولا بد أن يكون عندك رضًا بقضاء الله وقدره، وأن تستحضري أن الجنة مهرها غالٍ.

ونحن نكرّر لك الشكر، وإن كنّا حمّلنا عليك وأعطيناكِ هذه التوجيهات الصعبة، إلَّا أننا ننتظر ممَّن تواصلت مع موقع شرعي أن تتمثّل هذه المعاني، ونسأل الله أن يُعوّضك خيرًا، وأن يُلهمكم جميعًا السداد والرشاد، وأن يُعين مَن قصَّر على تدارك تقصيره، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

www.islamweb.net