بعد الخطبة: أكثرت أمي من ذمّ مخطوبتي، فهل أكمل معها؟

2025-07-17 00:31:35 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

تعرفت إلى فتاة قبل دخولي للجامعة، وبقيت على تواصل معها طوال الخمس سنوات، أنا أعلم أن هذه العلاقة محرمة، وأسأل الله أن يغفر لي.

بعد التخرج من الجامعة أقدمت على خطبتها، ولكني وجدت نسبها ضعيفًا، وليس كما كانت تصف لي، وكانت الأمور تسير جيدًا، والكل موافق، ولكن بعد الخطبة بأسبوع بدأت أمي تُعلق بالرفض لهذه الفتاة؛ وأنها ليست على قدر كاف من الجمال، وبدأت تُظهر فيها كل العيوب، وتعلق علي أي شيء تفعله الفتاة.

الفتاة شديدة الاحترام، ومتوسطة الجمال، وملتزمة بصلواتها، ومتدينة، وتتمنى إرضائي بأي طريقة -والحمد لله-، ولكن بسبب كثرة التعليقات من الوالدة بدأت تساورني الشكوك، خصوصًا وأن النسب ضعيف، وليس على القدر المرجو!

لا أريد أن أخلف عهدي مع المخطوبة، ولكن التعليقات الكثيرة، وقد أحدثت في نفسي صراعًا لا أقدر على تحمله، فما العمل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك الحكمة، وأن يقرّ عينك بما يُرضيه عنك في دينك ودنياك.

فما ذكرته يدلّ على قلب يخشى الله، ويُقدّر المعروف، ويصارع بين الوفاء والبر، بين القلب والعقل، بين ما مضى وما هو آت، ونرجو لك التوفيق والسداد، ودعنا نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: توبتك من العلاقة الماضية دليل خير فيك؛ فأمّل في الله خيرًا، فقد بدأت رسالتك بإقرار الذنب، وطلب المغفرة، وهذا مفتاح القبول، قال رسول الله ﷺ: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، فلا تجعل الماضي سجنًا لك، بل اجعله عِبرةً، وخذ منه درسًا في أن العلاقات قبل الزواج لا تعطي صورةً حقيقيةً، ولا تكشف الفروق المهمة التي لا تظهر إلا عند الزواج.

ثانيًا: الجمال ليس هو الأساس، ولكن لا يجوز تجاهل أثره، نعم الدين والخلق هما الأساس الأعظم، وقد قال ﷺ: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، ولكن النبي ﷺ قال أيضًا: «إذا خطب أحدكم امرأة فلينظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»، فالنظر إلى ما تجد نفسك تقبل عليه، هو أمر مشروع.

فإن كنت لا تجد في نفسك نفورًا ظاهرًا، فاستعذ بالله من الوساوس، وامض في مشوار الزواج، وخاصةً أنها صاحبة دين ووفاء، واجتهد في إقناع والدتك، وستجد ألف وسيلة لذلك، إما بحديثك المباشر معها، أو حديث من تستمع هي إليهم من أهل الفضل والدين، أو غير ذلك، وإن بدأت تجد نفورًا منها، وبدأت تجد في نفسك تراجعًا في القبول، وخاصةً مع كلام والدتك، فحينها لا تظلمها بالاستمرار، وتراجع، فإن هذا خير لك ولها.

ثالثًا: لا تظلمها، ولا تظلم أمك، واعتمد على استخارة صادقة: فالفتاة لها فضل عليك، وقد حافظت عليك طيلة سنوات من باب النية الصالحة، فإياك أن تُنزل بها ظلمًا، أو تتركها بلا بينة، أو تجعل كلام الناس يصدّك عن فضلها، لكن في المقابل، أمك لها حق البر، ولها نظرة قد تكون واقعيةً في بعض الجوانب، وليس من البر أن تتجاهل رأيها كليًّا.

ولذا، عليك أن تجمع بين الأمرين: قم ببرّ أمك، وطيّب خاطرها، واستخِر الله بصدق، وقل: "اللهم إن كنتَ تعلم أن زواجي بهذه الفتاة خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فسهّله لي، وإن كنت تعلم أنه شرٌّ لي، فاصرفني عنها واصرفها عني، وقدّر لي الخير حيث كان ثم رضّني به" فإن شرح الله صدرك بعد الاستخارة، ووجدت راحةً فأكمل، وإن وجدت نفورًا حقيقيًّا، فاخرج من العلاقة برفق وستر.

رابعًا: هذا هو الصراع الحقيقي، فاصدق الله فيه، قال الله تعالى: ﴿وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيۡرٌ لَّكُمۡ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمۡ ۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾، فصراعك بين البرّ والوفاء، والرغبة الشخصية، هو صراع ناضج، فقط كن صادقًا في طلب الهداية، وسترى أنّ الله يوجّه قلبك لما فيه الخير.

خلاصة ما ننصحك به:
- صلّ الاستخارة أيامًا متتاليةً بصدق.
- استشر من تثق بهم: والدَكَ، شيخًا حكيمًا، صديقًا تقيًا.
- لا تستعجل قرارًا متوترًا، بل انتظر حتى يستقر في قلبك شيء بعد الاستخارة.
- برّ أمك، ولو لم تأخذ برأيها، وكن لطيفًا معها مهما اشتدّت.
- لا تظلم الفتاة أبدًا، فإن تراجعتَ فبأدب، وإن أكملت فبثبات.

نسأل الله أن ييسّر لك الحلال الطيب، وأن يجعلك بارًّا صالحًا، وأن يكتب لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ولا تنس الدعاء في جوف الليل، فإن فيه مفاتيح القلوب والهموم.

والله الموفق.

www.islamweb.net