الوسواسي يمنعني من العبادات وحتى من نطق الشهادة، فماذا أفعل؟
2025-07-17 03:25:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ مصاب بالوسواس، ولا أستطيع قول الشهادة بعد وقوعي في فعلٍ كفريٍّ دون قصد، أو بعد الضحك على أمرٍ كفري دون قصد، كما أنني لا أستطيع قول تكبيرة الإحرام، إذ أشعر بثقلٍ في لساني، وقد مضى على ذلك شهران، لم أتمكن فيهما من الاغتسال من الجنابة، فما هو العلاج؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Rasti حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يربط على قلبك، ويشرح صدرك، ويُذهب عنك كل همٍّ ووسواس.
لقد وصفت أعراضًا تُشير بقوة إلى أنك مبتلى بالوسواس القهري، وهو داءٌ يُصيب الإنسان في أفكاره، فيجعله يعاني من صراعاتٍ داخلية مرهقة، يخاف من الكفر مع أنه مؤمن، ويخشى النية السيئة وهو طاهر القلب، ويتردّد في النطق بالشهادتين، أو التكبير، أو الاغتسال، بينما قلبه يشتاق إلى العبادة ويرجو الطهارة، لهذا لا تقلق، وكن مطمئنًا لما سنذكره لك في النقاط الآتية:
أولًا: طمأنة قلبك:
• كن على يقين بأنك لست كافرًا، ولو صدرت منك كلمات أو أفعال فيها ضحك أو كفر، ما دمت غير قاصد للكفر ولا مقرًّا به؛ فأنت معذورٌ شرعًا، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان، فقد قال ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ» [رواه البخاري ومسلم].
• ثقل اللسان عن النطق بالشهادة أو التكبير، لا يدل على كفر، بل هو أثر من آثار الوسواس، الذي يشلّ الإرادة، ويقنع صاحبه أنه لا يستطيع، رغم أن القلب يريد النطق ويشتاق للعبادة.
• تركك لغُسل الجنابة طيلة شهرين، لا يُخرجك من الإسلام، لكنه يُعدُّ ذنبًا تُشرع له التوبة، ويُعذر صاحبه إذا كان الجهل بالحكم أو الوسواس القهري هو السبب المباشر في التأخير، بشرط السعي في العلاج.
ثانيًا: خطوات العلاج:
1. من الناحية التعبدية:
• لا تُعِد نطق الشهادتين في كل مرة، ولو أوهمك الوسواس بأنك كفرت، فهذه خدعة من الشيطان، يريد أن يُدخلك في دائرة الشك التي تؤول بك إلى الانهيار.
• إذا جاءك الوسواس، فقل فورًا: "آمنتُ بالله ورسله"، ثم تجاهله بكل حزم.
• لا تعتقد أن ترك الغُسل أو التكبير يعني أنك نجس أو ألّا تصلّي، بل قم بالوضوء والاغتسال مرة واحدة، ولا تعده، ولو شعرت أنك لم تغتسل كما ينبغي، فالشك لا يُبنى عليه حكم شرعي.
2. من الناحية النفسية:
• ما تعاني منه يُصنَّف طبيًّا ضمن اضطراب الوسواس القهري، وهو مرض له علاج بفضل الله، وقد تعافى منه كثيرون.
• من أهم أساليب علاجه الالتزام بالتوجيهات الآتية:
- المحافظة على الرقية الشرعية.
- قراءة سورة البقرة يوميًّا أو الاستماع إليها.
- ترديد آخر آيتين من سورة البقرة صباحًا ومساءً.
- قراءة آية الكرسي والمعوّذات: (قل هو الله أحد – قل أعوذ برب الفلق – قل أعوذ برب الناس)
ثالثًا: خطة عملية مختصرة:
• اغتسل الآن بنية رفع الحدث، ولا تُعد الغسل مهما راودك الشعور بأنك لم تُحسن الطهارة.
• صلِّ مباشرةً بعد الغسل، ولا تُعد تكبيرة الإحرام، حتى لو شعرت أنك لم تُكبّر كما ينبغي.
• تجاهل تمامًا فكرة الكفر، وقل لنفسك: "أنا مؤمن بالله، وأعوذ بالله من الشيطان".
أخيرًا: وصية عامة: استمرّ في هذا البرنامج، ولا تترك لنفسك وقتًا للفراغ، فالفراغ هو الملعب الخلفي للوسواس، يمارس فيه الشيطان تضليله بلا رادع، وندعو لك بقولنا: "اللهم اشفِ عبدك شفاءً لا يُغادر سقمًا، وأذهب عنه وساوس الشيطان، وأبدله يقينًا ورضًا وسكينة، اللهم افتح له باب الطهارة والصلاة والشهادة، وأعنه على نفسه، وكن له وليًّا ونصيرًا".
والله الموفق.