أصارع الوسواس القهري والاكتئاب وأهلي يرفضون علاجي، فما الحل؟

2025-07-20 04:27:31 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

منذ أن كنت في عمر الثامنة كنت أعاني من الوسواس القهري، وكان عندي دفتر أكتب فيه كلما ضاع مني شيء، وكلما كبرت زاد الوسواس، حتى وصلت لعمر 13 سنةً، حيث حصل لي حادث، وصار معي اضطراب ما بعد الصدمة، وزاد الوسواس في كل شيء، لدرجة أنني أصبحت تنتابني أفعال قهرية، وطقوس وسواسية لمدة 18 ساعة في اليوم، مثل: المشي بصفة معينة، أو أن أذهب إلى الحمام وأرجع وأجلس، لم أكن أعرف ماذا يصيبني، لدرجة أني فكرت بالانتحار، ولكن كان هناك ما يوقفني، ولم تكن أسرتي داعمة؛ فقد كانت تنهال علي بالشتائم والضرب، ومررت بحالة اكتئاب شديدة، بعدها توقفت الوساوس بعد محاولات كثيرة.

وعندما صار عمري 19 سنةً انتكست بدون سبب، واستطعت أن ألتقي بطبيب نفسي -أون لاين- بدون علم أهلي، وشخصني باضطراب ما بعد الصدمة، ووسواس، واكتئاب، وقلق ونوبات هلع، ووصف لي: بروزاك 120 mg، وإبليفاي 10 mg، تحسنت عليهما كثيرًا، وقد استمررت على تناولهما لمدة سنة ونصف، ثم اكتشف أهلي ذلك، فأوقفت أمي الدواء، وقد تكلمت معها كثيرًا، ولكني لم أقابل سوى بالشتائم، وانتكست حالتي، وتعبت، وكل يوم أموت مليون مرة، فما الحل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله لك الصحة والعافية والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: أنت أوضحت حالتك بصورة جيدة جدًّا، وفعلًا لديك وساوس متعددة، بدأت منذ الطفولة المتأخرة، وهذا هو التاريخ الطبيعي لكثير من حالات الوسواس القهري.

وغالبًا ما تزداد شدة الوساوس في فترة المراهقة، والبلوغ، وما بعدها، ولكن بصفة عامة، الوسواس القهري يمكن التغلب عليه الآن -بإذن الله- من خلال:
- تحقير الأفكار الوسواسية.
- مقاومة الأفعال القهرية.
- عدم الخوض في الوساوس، أو تحليلها.
- وصرف الانتباه عنها بالانشغال بأفكار وأفعال بديلة، تكون جاذبةً، ومفيدةً للإنسان، وتُعتبر مضادةً للوساوس.

كذلك، من الوسائل العلاجية التي ننصح بها: ما يُعرف بـالعلاج بالتنفير؛ حيث يقوم الإنسان بربط الفكرة الوسواسية بشيء منفّر ترفضه النفس البشرية؛ فمثلًا: عندما تأتيك فكرة، أو فعل وسواسي، اجلس أمام طاولة، واضرب على يدك ضربةً معتدلةً حتى تشعر بألم خفيف، ثم اربط هذا الإحساس بالفكرة، أو الفعل الوسواسي، ويكرر هذا التمرين 20 مرةً متتاليةً، وقد أثبتت الدراسات أن هذا النوع من التنفير يُضعف من حدة الوسواس مع الوقت.

إذًا، هذا أحد الأساليب المساعدة المهمة، إلى جانب التحقير، والتجاهل، وصرف الانتباه.

ونؤكد أيضًا على أمر بالغ الأهمية، وهو: تجنب الفراغ؛ لأن الوساوس تتسلل إلى الإنسان غالبًا في لحظات الفراغ، أمَّا الإنسان الذي يُحسن إدارة وقته، ويملك مهامًا يوميةً يعمل على إنجازها، فإنه غالبًا لن يجد الوسواس إليه سبيلًا.

ثم بعد ذلك، نأتي إلى العلاجات الدوائية: وهي مفيدة، وفعالة، ولا شك في ذلك، ودواء (بروزاك، Prozac) والذي يعرف علميًا باسم: (فلوكسيتين Fluoxetine)، هو من أفضل العلاجات المتاحة، وقد ذكرت في رسالتك أنك تتناول 120 ملغ، وأعتقد أنك تقصد رقمًا آخر؛ لأن الجرعة القصوى المسموح بها من هذا الدواء هي 80 ملغ يوميًا، والكبسولة الواحدة تحتوي على 20 ملغ.

الـ (إبليفاي Abilify)، والذي يُعرف باسم: (إريبيبرازول، Aripiprazole) أعطي لك كعلاج، وهو بالفعل مفيد جدًّا، ويتم تناوله بجرعة من 5 إلى 10 ملغ يوميًا.

أيها الفاضل الكريم: أنا أعتقد أنه من الضروري لك أن تعالَج، ومن الضروري لك أن تواصل على الدواء، مثلًا: (البروزاك) بجرعة 60 ملغ، زائد (الإبليفاي) بجرعة 10 ملغ، هذا ترتيب جيد جدًّا، ويمكن دعمه بدواء آخر يعرف باسم: (سيرترالين، Sertraline)، أو (زولفت، Zoloft) بجرعة 50 ملغ يوميًا، لكن من الأفضل أن تستشير الطبيب حول تعديل الجرعات، أو إضافة الأدوية، ولا تقم بذلك من تلقاء نفسك.

وأنا أرى -من باب السلامة والرشد- أن تُحدّث والدتك ووالدك، وأن تشرح لهما حالتك، وأنك تعاني من الوسواس القهري، وأن العلاج الدوائي والسلوكي ضروري جدًّا في هذه الحالة، واطلب منهما مرافقتك للطبيب النفسي -ولو لمرة واحدة-، وأنا على يقين بأن الطبيب سيقوم بإقناعهما بأهمية العلاج، وسيتفهّمان الوضع.

فلا يوجد ما يدعو للقلق أبدًا؛ فهذه الحالة منتشرة، وشائعة، وعلاجها أصبح متيسرًا من خلال الأدوية الحديثة، والتطبيقات السلوكية، وتنظيم الوقت، وتبنّي أسلوب حياة إيجابي، وسيزول هذا التعب، وهذه المعاناة -بإذن الله-، وهذه المضايقة ستختفي تمامًا، وستعيش حياةً طيبةً وإيجابيةً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net