أصبحت صورة من هددني تلاحقني كثيرًا في خيالي، فكيف أتخلص منها؟
2025-07-21 23:44:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شابٌ في الثامنة عشرة من عمري، وأمرّ حاليًا بمرحلة دراسية مصيرية تتطلب تركيزًا عاليًا، لكنني أعاني منذ فترة من صورة ذهنية مزعجة علقت في رأسي، وسيطرت على تفكيري، خاصة أثناء المذاكرة، أو الحفظ، أو محاولة الاستيعاب، أو الاستماع للحصص الدراسية، مما أفقدني قدرتي على التركيز، والتخيّل، والتذكّر كما كنت في السابق.
بداية المشكلة تعود إلى السنة الماضية، حين طلب مني أحد الطلاب المعروفين بسوء السمعة أن أغشّشه في العام الدراسي القادم، وهددني إن لم أفعل، وكان حديثه عنيفًا.
منذ ذلك الوقت، بدأت صورة هذا الشخص المرتبطة بالتهديد تلاحقني بطريقة وسواسية، تحديدًا أثناء محاولات التركيز، أو التفكير، فتظهر فجأة وتشتتني تمامًا.
جرّبت العلاج السلوكي المعروف بـ"التعرض ومنع الاستجابة (ERP)"، واستمررت عليه لأسابيع، وكنت أتجاهل الصورة، وأحاول الاستمرار في المذاكرة والتفكير، لكنني لا زلت أشعر بعدم القدرة على التركيز والتذكّر؛ لأن الصورة كانت تستمر في الظهور رغم كل محاولاتي.
ويأتيني وسواس داخلي يقارنني بزملائي في الدراسة، وأحيانًا يوسوس لي بشأن الأشخاص الغشّاشين الذين يشاركونني نفس اللجنة الامتحانية، فيجتمع الوسواس مع الصورة الذهنية العالقة، مما يزيد من شعوري بالقلق ويؤثر على تركيزي.
أناشدكم التكرّم بمساعدتي، سواء بإرشادي إلى علاج نفسي مختلف، أو بوصف علاج دوائي مناسب لحالتي، خاصة أنني أُعاني من هذا الابتلاء منذ أكثر من شهر، وأنا في أمسّ الحاجة لتجاوز هذه الأزمة حتى لا تؤثر على مستقبلي الدراسي.
جزاكم الله خيرًا ونفع الله بكم، وأعتذر عن الإطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.
أخي الكريم: رسالتك واضحة جدًّا، وهي رسالة رصينة، وإن شاء الله الذي بك لا نعتبره حالة مرضية، بل نوع من الظواهر النفسية التي تتسم بوجود قلقٍ وسواسيٍّ، نعم هنالك مكوِّن قلقي، وهنالك مكوِّن وسواسي -كما تفضلت- وهذا هو الذي يجعل هذه الاجترارات الفكرية المستمرة تُشوِّش عليك، وتضعف تركيزك واستيعابك، وفي ذات الوقت طبعًا هنالك نوع من الانشغال الوسواسي.
أيها الفاضل الكريم: طبعًا مبدأ التعرُّض، وعدم الاستجابة، والتحقير لهذه الأفكار هو مطلب علاجي ممتاز، لكن هذا يتطلب طبعًا أن تتناول عقار دوائي، ونحن نحرص تمامًا في إسلام ويب أن نصف الأدوية السليمة والفاعلة.
نعم، من أفضل هذه الأدوية التي أحبذها في مثل هذه الحالات العقار المعروف باسم "سيرترالين (Sertraline)"، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري "لوسترال (Lustral)"، ويوجد في مصر منتج ممتاز يُسمَّى "مودابكس (Modapex)".
الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة (أي 25 ملغم) يوميًا، لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تأخذ حبة كاملة (أي 50 ملغم) يوميًّا، ثم اجعلها حبتين يوميًّا (أي 100 ملغم)، وهذه هي الجرعة العلاجية التي يُرجى أن تستمر عليها لمدة شهرين، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، والجرعة هي الجرعة الوسطية؛ حيث إن الجرعة الكلية هي 200 ملغم يوميًّا، لكنك لست في حاجة لها، 100 ملغم كافية جدًّا كجرعة علاجية.
بعد انقضاء الشهرين تنتقل إلى الجرعة الوقائية، بأن تُخفِّض السيرترالين إلى حبة واحدة يوميًّا (أي 50 ملغم)، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعل الجرعة نصف حبة يوميًّا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة كل يومين لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أيها الفاضل الكريم: حتى نُعجِّل -إن شاء الله- من فاعلية الدواء، هنالك دواء آخر له فعالية تضافريّة مع السيرترالين، الدواء الآخر يُعرف باسم "دوجماتيل (Dogmatil)"، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي "سولبيريد (Sulpiride) "، أريدك أن تتناوله بجرعة 50 ملغم صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم 50 ملغم صباحًا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله، لكن تستمر على السيرترالين بنفس الكيفية التي ذكرتها لك.
هذه العلاجات الدوائية فعَّالة وغير إدمانية، وإن شاء الله تعالى في خلال أسبوع إلى عشرة أيام سوف تشعر بتحسّن كبير، لكن لا بد أن تستمر على الجرعات كما وصفناها لك.
أيها الفاضل الكريم: ما حدث لكَ من أعراض يمكن أن نسميه "درجة بسيطة من الإصابة بعُصاب ما بعد الصدمة" أي بعد ما تعرضت له من ذلك الطالب سيء السمعة؛ هذه أمور يجب أن تتجاوزها تمامًا من خلال التحقير، نعم، لا تجعلها شاغلًا لك أبدًا، وإن شاء الله دائمًا كن مع الصحبة الطيبة.
الوصايا العامة هي: أريدك أن تُمارس أي نوع من الرياضة، الرياضة مهمة جدًّا، تُقوّي النفس كما تُقوّي الجسد، وفي ذات الوقت أيضًا تمارين الاسترخاء، تمارين التفس التدريجي مهمة ومفيدة، وتوجد برامج مبسطة جدًّا على اليوتيوب، وتوضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
أيضًا من الوصايا العامة: أن تتجنّب السهر، وأن تتجنّب النوم النهاري، وأن تكون بارًّا بوالديك وشخصًا فاعلًا في أسرتك، وطبعًا كن حريصًا على المحافظة على الصلاة في وقتها، وكن قريبًا من ربك سبحانه وتعالى، "فَإِنَّ مَنْ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى شِبْرًا تَقَرَّبَ اللَّهُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ ذِرَاعًا تَقَرَّبَ اللَّهُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَمَنْ أَتَاهُ يَمْشِي أَتَاهُ اللَّهُ هَرْوَلَةً"، فتقرّب إلى الله تجد الخير الكثير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ولله التوفيق والسداد.