رغم كل المحاولات إلا أن ديون زوجي متزايدة بشكل مستمر!
2025-07-29 02:19:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي يعمل مع والده في شركتهم الخاصة، ولكن نعاني منذ سنوات من مشكلة الديون المتزايدة بشكل مستمر.
اعتدت أن أشارك في مصاريف البيت؛ بسبب الأزمات التي نمر بها دائمًا، ولكن كنت أحاول أن أدخر مبلغًا صغيرًا جانبًا كل مرة، ولكن زوجي كان يحتاج ذلك المبلغ في العمل، فأعطيه له، وعندما أسأله بعد ذلك عن عودة المبلغ أو إن كان حقق مكسبًا -للأسف- كان يخبرني أن المبلغ ضاع مع الديون، وكان يحدث ذلك مرارًا إلى أن اضطررنا لبيع ذهب الزواج ليكون بداية جديدة ورأس مال للعمل، ولكنه يعاني الآن من مشاكل صحية، ويبدو أن تلك المشكلات الصحية بسبب ضياع ثمن الذهب أيضًا، ويبدو أنه يحاول مرة أخرى لتدبير مبلغ جديد للعمل.
أنا في حيرة بين حزني على زوجي، وشعوري إن كنت أحسنت التصرّف أم أهدرت حقي! وقد اخترت ألا أخبر أهلي ببيع الذهب حتى لا تحدث مشكلات أكبر، وفي نفس الوقت كنت أتمنى أن يكون ذلك حلًا لمشاكل العمل، ولكن ما التصرف الصحيح في هذه الحالة؟ هل أستمر في المشاركة ولا أطالب بشيء أم أن ذلك يعتبر تصرفاً ساذجاً؟
أخشي أن يأتي يوم يقال لي: (أنت التي عملت هذا بنفسك)، في نفس الوقت لا أريد أن أضغط على زوجي أكثر من ذلك، ولكني كثيرًا ما أشعر بأنه يضطر أن يتحامل علينا من أجل تسديد ديون العمل بلا جدوى، ثم أعود وأخبر نفسي بأنه يتحمل الكثير وعليّ أن أصبر معه.
وأتساءل عن كوننا -أنا وزوجي- ندعو الله كثيرًا لفك الكرب وسداد الدين، ولكن -للأسف- تكثر المشكلات، ويعاني زوجي من إحباطات كثيرة بسبب ذلك، ويشعر بحزن شديد، وأنا أشعر بخوف دائم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أختنا الفاضلة: مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكِ لصالح القول والعمل.
بداية: نسأل الله أن يأجرك على صبرك الجميل، وحرصك على بيتك وزوجك، وما تقومين به هو دور الزوجة الصادقة المحبة لزوجها وبيتها.
اعلمي -أختنا- وفقك الله أن تضحيتك بكل ما تملكين من أجل زوجك وبيتك، ليس سذاجة، بل شهامة وحب ووفاء، ولكن، يجب أن تكون التضحية بحكمة، وليس على حساب كرامتك أو أمنك النفسي، فالتضحية هي التي تبني وتُثمر، لا التي تستنزف كل شيء في الإنسان.
أختنا الفاضلة: يظهر أن هناك مشكلة في طريقة إدارة المال لديكم، فمن خلال ما ذكرتِ، يبدو أن المشكلة تتكرر، وهذا يعني:
أن هناك خللًا في إدارة المال أو العمل، وليس فقط في (قلة المال)، حتى بعد كل المحاولات (منك ومنه)، الديون تتزايد، والمشكلات مستمرة، وهذا مؤشر يحتاج لمراجعة، فالحل لا يكون بمزيد من الأموال فقط، بل بتغيير طريقة إدارة المال، والعمل، وفهم أسباب الخلل المتسبب في زيادة الديون والخسائر.
أما بخصوص سؤال: هل تستمرين في العطاء؟ بلا شك نعم، ولكن بشروط تضمن أن يكون العطاء مثمرًا ويعطي نتائجه التي تُرجى منه في حياتك ونفسك، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التالي:
أولًا: اجعلي الدعم مشروطًا بخطة مكتوبة ومعلنة وواضحة، وهذا لا يعني أنكِ لا تثقين بزوجك، بل لأن الشفافية والتخطيط مطلوبان للنجاح، وهو نوع من الأخذ بالأسباب التي أمرنا بها الشرع.
ثانيًا: افصلي بين (حبك لزوجك) و(التصرفات المالية)، بمعنى: لا تخلطي مشاعرك بقراراتك المالية؛ فالخلط هنا يجعلك تتنازلين عن وضع الخطط والحرص على النتائج، وهذا غالبًا يؤدي للفشل.
ثالثًا: احتفظي بشيء من المال خاص بك ولا تُفصحي عنه، وهذا من حقك.
رابعًا: بخصوص أن دعاءكم لا يُستجاب، فالله لا يرد دعاءً، ولكنه يؤخر الإجابة، أو يدفع به شرًا، أو يدخره لك يوم القيامة، فالله يستجيب الدعاء، فأحسني الظن بالله تعالى، ولا بأس من مراجعة بعض الأمور: هل في العمل مال حرام (ربا، غش، كذب، ظلم)؟ المال الحلال يجلب البركة، والحرام يمحقها، ولا بد أيضًا أن يكون مع الدعاء الأخذ بالأسباب، فالدعاء يكون معه التخطيط، والمشورة، والتوكل على الله تعالى.
أختنا الفاضلة: اجلسي مع زوجك جلسة هادئة لا يظهر فيها اتهام أو لوم، واجتهدي في إعداد خطة مالية مكتوبة أو حتى شفوية، من المهم أن يصارحك: هل ما زال هناك أمل حقيقي في هذا العمل، أو أن يفكر في عملٍ آخر أو مصدر دخل إضافي، حتى لو مؤقت؟
احرصي على ألا تعودي لمشاركة المال إلا باتفاق واضح، ولا تقدمي مالك كله، بل جزءًا صغيرًا فقط.
أخيرًا: الإكثار من الدعاء والتضرع لله تعالى، كذلك الإكثار من ذكر الله على كل حال؛ فكل هذا مما يذهب الهم والحزن، يقول تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
نسأل الله لك التوفيق والسداد.