تراودني أفكار ومخاوف كلما صليت جماعة!
2025-08-17 02:48:25 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرًا.
أنا شاب عمري 37 سنة، قبل ست سنوات أو أكثر، كنت أمر ببعض المشاكل، منها عائلية، ومنها مشاكل في العمل، الذي كان بأجر زهيد، كنت أحاول أن أكون محافظًا على الصلوات في المسجد، والأذكار، والمهم أنني كنت أسعى للالتزام.
في ليلة من ليالي رمضان المبارك، ذهبت لصلاة التراويح في المسجد، وكنت أشعر بتعب شديد، ومع ذلك تحاملت على نفسي وقلت: يجب أن أصلي كل الركعات.
أثناء الصلاة، شعرت بتزايد في دقات القلب، وتعرّق شديد، وقدماي لم تعودا تقويان على حملي، وصوت المكبر بدأ يتكرر في أذني مثل الصدى، تمنيت أن ينتهي الإمام من الركعة بسرعة، لكنه بدأ في دعاء الختم، وأنا على تلك الحالة لا أعرف ماذا أصابني.
بعد الانتهاء من الصلاة، ذهبت وغسلت وجهي، وأنا لا أفهم ما حدث، هل هو مسّ من الجن؟ لا أعلم! المهم أنني شعرت بخوف كبير، وذهبت إلى المنزل، وفي صلاة الفجر تكرر نفس الشعور، بعدها تفاقم الأمر، وارتفع ضغط الدم عندي، وأصبحت أخاف من ركوب الدراجة والسيارة، وبدأت أعاني من وساوس متعددة.
الحمد لله، تمكنت من التغلب عليها تدريجيًا، بعد مدة قد تكون طويلة نسبيًا، من خلال التجاهل، وممارسة الرياضة، ومواجهة المخاوف، إما تدريجيًا أو مباشرة.
لكن في صلاة الجماعة -أحيانًا- رغم أنني شُفيت، تراودني تلك الفكرة، لكنها لا تصحبها تأثيرات جسدية مثل التعرق، أو تسارع دقات القلب، فأقوم بتجاهلها فقط، بعد ذلك، أصبحت حياتي عادية -والحمد لله- وتزوجت، واشتغلت في عمل آخر.
في الآونة الأخيرة، عادت الأعراض، ومعها تعب وإرهاق، خاصة عند الوقوف في الاجتماعات، لكن بصورة أقل، والحمد لله تغلبت عليها، بقيت مشكلة الصلاة، حيث يرجع ذلك الشعور، وكأنني مضطر لقطع الصلاة والخروج من المسجد.
تناولت بعض المكملات، وقرأت أن السبب قد يكون نقصًا في بعض المعادن مثل: فيتامين B12، وD3، وأوميغا 3، تحسّنت بنسبة كبيرة، وبقيت مشكلة صلاة الجماعة فقط.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أخي الفاضل، لا شك أن ما مررت به سبَّب إزعاجًا كبيرًا لك، وخاصة أنه يأتيك في فترة الصلاة، صلاة الجماعة، ومن الواضح من سؤالك أنك -ولله الحمد- حريص على صلاتك، وعلى صلاة الجماعة خاصة، فأدعو الله تعالى أن يعينك على الاستمرار والالتزام بها.
أخي الفاضل، إن ما مررت به يمكن أن نسميه نوبات الذعر، أو نوبات الهلع، حيث تأتي فجأة فتشعر بالتعرق والارتجاف، وربما التلعثم، بالإضافة إلى الشعور وكأنه سيُغمى عليك، بالإضافة إلى أعراض أخرى قد تأتي وقد لا تأتي.
أخي الفاضل: في كثير من الأحيان يمكن أن نرد هذه النوبات -نوبات الهلع- إلى بعض الأسباب الواضحة، خاصةً أنك ذكرت في بداية رسالتك أنك كنت تعاني من مشاكل عائلية، وما له علاقة بالشغل، ولذلك ربما هذا التعب البدني والنفسي غالبًا يمكن أن يقف وراء هذه النوبات.
أخي الفاضل: إن ما فعلته من محاولة تجاهل هذا الأمر، والاستمرار في أعمالك التي تقوم بها، هو عين الصواب، فهذه نوبات الهلع كثيرٌ ممّن يُصاب بها يمكن أن يعالجها من دون الحاجة إلى الدواء، عن طريق التجاهل وعدم التجنب، أي عدم تجنب الأعمال التي تترافق مع نوبات الهلع، كما في حالتك موضوع صلاة الجماعة، فالاستمرار على هذه الصلاة بالرغم من الانزعاج المبدئي، يمكن أن يخف مع الوقت حتى يزول، ومن دون الحاجة إلى العلاج.
ولكن -أخي الفاضل- لقد أمرنا الإسلام بالتداوي، (تداووا عباد الله، فإنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء)، وكما أن هذا ينطبق على الأمراض البدنية، فإنه ينطبق أيضًا على بعض الصعوبات والمشكلات النفسية، كنوبات الهلع والذعر.
هذا إن احتجت إلى العلاج الدوائي، فإذًا إذا استطعت الاستمرار في أعمالك التي تقوم بها، بالرغم من بعض الانزعاج، وبالرغم من نوبات الهلع التي يبدو أنها بدأت تخف، فنعمّ بها، وإلَّا فلا ضرر من مراجعة عيادة الطبيب النفسي؛ ليؤكد التشخيص أولًا، ويستبعد أمورًا أخرى كالاكتئاب وغيره، ويصف لك الخطة العلاجية، سواء كانت علاجًا دوائيًا، أو علاجًا عن طريق بعض الجلسات النفسية، كالعلاج المعرفي السلوكي.
نعم أخي الفاضل، إن ما ذكرته من نقص المعادن، والفيتامين (ب12)، والأوميجا 3، كل هذه إذا تعدلت يمكن أن تحسّن الحالة الصحية البدنية والنفسية للإنسان.
لذلك -أخي الفاضل- بالإضافة إلى محاولة تجاهل نوبات الهلع هذه، وعدم التوقف عن الأعمال التي تحبها، أضف إليها النشاط البدني، والتغذية المتوازنة، وساعات النوم المناسبة؛ كل هذا يمكن أن يعينك على الخروج مما أنت فيه.
أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك وييسر أمرك، ويعينك على هذا، ونسمع منك -إن شاء الله- أخبارك الطيبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.