زوجي حاد وعصبي ويسب الدين رغم أنه يصلي ويقرأ القرآن!!

2025-08-28 01:51:43 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي أصبح - للأسف - يسبُّ الدين، ومع ذلك فهو يُصلّي ويقرأ القرآن، وقد حاولتُ نصحه، وبيَّنتُ له أن هذا الفعل كفر، وطلبتُ منه أن يتوب، فيقول إنه تاب، ثم لا يلبث أن يعود إلى السبّ مرة أخرى.

لم أخبره بأن كفره يترتب عليه فسخ الزواج؛ لأنني أعلم أنه سيثور في وجهي، وأنا أبذل جهدي في ألَّا أغضبه، وأتجنب كل ما يُثيره، لكنه سريع الغضب.

وعندما أطلب منه - بلطف وهدوء - أن يكفَّ عن السب، وأذكّره بقولي: "أريد أن ألقاك في الجنة، وأنت فيك خير كثير لا يليق بك أن تشتم الدين"، يزداد ضيقًا، ومؤخرًا صار يقول لي: "لا تكلّميْني عن السب، ولا شأن لكِ بي في هذا الموضوع".

طبيعته حادة وعصبية على أتفه الأسباب، وأنا أحاول قدر استطاعتي أن أتجنب ما يكرهه، لكنه يغضب مع ذلك، حتى إني أصبحت في قلق دائم من ردّة فعله في كل أمر، وأتجنب الحديث معه إلا في الضروريات، ومع هذا يجد فيها ما يثير غضبه فيصرخ.

وسؤالي: بالنسبة للمعاشرة الزوجية، هل إذا صلّى بعد أن يسبّ يُحكم بإسلامه ويجوز لي أن أُمكّنه من نفسي، أم لا بد أن أتحقق من توبته الصادقة من السبّ؟ وكيف أعرف أنه قد تاب؟

لقد بدأت أفكر في الطلاق، لكن لديّ ابنة عمرها عشر سنوات، ولا أدري مدى تأثير هذا القرار عليها، وهل سيؤثر على شخصيتها أن تبقى مع أبٍ غضوب؟ وكيف سيكون حالها في فترة المراهقة بعيدًا عن أبيها؟

أرشدوني كيف أتصرف؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بكِ - أختنا الكريمة - في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول، وبالله تعالى أستعين:

1. علاج زوجك يتلخص في أن يترك الغضب؛ لأن الغضب خطر للغاية؛ فقد يتسبب في القتل، والتلفظ بالطلاق، وسبِّ الدين، وغير ذلك، ولهذا حذَّرنا منه نبينا - عليه الصلاة والسلام - حين قال لذلك الرجل الذي قال: يا رسول الله أوصني، قال: «‌لَا ‌تَغْضَبْ». ‌فَرَدَّدَ ‌مِرَارًا، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» (رواه البخاري).

2. الغضب من الشيطان الرجيم، فهو الذي ينفخ في الإنسان ويغيِّر طباعه، ولذلك لمَّا «اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: ‌إِنِّي ‌لَأَعْلَمُ ‌كَلِمَةً ‌لَوْ ‌قَالَهَا ‌لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَقَامَ إِلَى الرَّجُلِ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ آنِفًا؟ قَالَ: ‌إِنِّي ‌لَأَعْلَمُ ‌كَلِمَةً ‌لَوْ ‌قَالَهَا ‌لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَمَجْنُونًا تَرَانِي؟» (رواه البخاري ومسلم).

3. زوجك يحتاج إلى أن يُذكَّر أنه إذا بدأ الغضب يسري في نفسه، فإن كان قائمًا فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن كان جالسًا فليقم، وإن كان قائمًا فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع، فإن لم يذهب فليتوضأ، هكذا ثبت في الحديث الصحيح، ولا مانع أن يخرج من البيت ولا يعود حتى يهدأ.

4. إذا غضب زوجك فاخرجي من المكان، ولا تناقشيه في أي أمر، بل اتركيه حتى يهدأ.

5. لقد أحسنتِ بتركك للأمور التي تُغضبه، فتحاشي ذلك تمامًا، ولا تكثري عليه من الطلبات؛ فذلك مما قد يثير غضبه.

6. سبُّ الدين من كبائر الذنوب المخرجة من الملة، لكن للعلماء في خروج الزوجة من عصمة زوجها مذهبان: الأول أنها تخرج من عصمته بوقوعه في الردة، تاب أو لم يتب، والثاني أنها تخرج من عصمته إذا انقضت عدتها ولم يتب، وهذا الأخير مذهب الشافعية - رحمهم الله - وفيه اليسر.

وبما أن زوجك قد أخبرك بأنه يتوب، وهو كذلك بشهادتك، وأنه يصلي ويقرأ القرآن، فهو في صلاته يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وعليه فلا تزالين زوجةً له على هذا المذهب، وهو يكثر من الندم والاستغفار في سجوده.

7. لا مانع من إعطائه حقه الشرعي، كونه بهذه المثابة التي ذكرناها آنفًا، وننصح أن يُستعان عليه بعد الله ببعض الصالحين من أصدقائه لنصحه بين الحين والآخر، فإن تأثير القرين واضح سلبًا وإيجابًا، فالمرء على دين خليله.

8. ننصح بأن تُكثرا من الصوم من باب التناشط والتعاون على الخير والطاعة، ففي الصوم تضييق لمجرى الشيطان، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ ‌الشَّيْطَانَ ‌يَجْرِي ‌مِنِ ‌ابْنِ ‌آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» (رواه البخاري).

9. تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحيني أوقات الإجابة، وخاصة أثناء السجود، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد كما صح في الحديث، واسألي ربك أن يُذهب صفة الغضب وسرعة الانفعال من زوجك؛ فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

10. أحسني الظن بالله تعالى، وتيقني أن الله سيستجيب دعاءك، ففي الحديث: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ ‌بِي ‌مَا ‌شَاءَ، إِنْ ‌ظَنَّ ‌خَيْرًا ‌فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» (رواه أحمد وابن حبان).

11. أكثري من دعاء ذي النون: {‌لَا ‌إِلَهَ ‌إِلَّا ‌أَنْتَ ‌سُبْحَانَكَ ‌إِنِّي ‌كُنْتُ ‌مِنَ ‌الظَّالِمِينَ}، فقد صح في الحديث فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا اسْتَجَابَ لَهُ. (رواه أحمد والترمذي).

12. ذكِّريه في وقت صفاء ذهنه، وحين ترين أنه يمكن أن يستمع لنصحك، بخطر الغضب، وأنه قد يتسبب في تشرد الأسرة، وقد يكون ذلك نافعًا إن رأيتِ تقبله وإصغاءه للكلام، ولا تكثري عليه فيتسبب ذلك في غضبه.

13. يُطلب من زوجك أن يرقي نفسه صباحًا ومساءً بما تيسر من القرآن الكريم والأدعية النبوية.

14. على زوجك أن يحافظ على أذكار اليوم والليلة؛ ففي ذلك حصن من الشيطان الرجيم، ومنها أذكار الدخول والخروج من المنزل، وأذكار دخول المسجد، فعند خروجه من البيت يقول: «‌بِسْمِ ‌اللَّهِ ‌تَوَكَّلْتُ ‌عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، فإن قال ذلك يُقَالُ له حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، وتَتَنَحَّى عنه الشَّيطان، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ (رواه أبو داود والترمذي).

15. شغِّلوا سورة البقرة في البيت عبر الهاتف يوميًا؛ فذلك مما يطرد الشيطان الرجيم عن البيت، وحافظوا على قراءة الآيتين الأخيرتين من نفس السورة مساءً.

16. عوّدي ابنتك على الصبر والهدوء، وعدم الغضب؛ فالأخلاق منها ما يكون جبليًّا، ومنها ما هو مكتسب. والأمر كما أخبر النبي ﷺ بقوله: «‌إِنَّمَا ‌الْعِلْمُ ‌بِالتَّعَلُّمِ، وَالْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ»، فالحِلم يمكن أن يُكتسب من خلال التدريب والممارسة.

17. عليك أن تنصحيها –بجانب حبّها وبرّها لوالدها– ألا تقتدي به في الغضب، كما نوصيك بعدم القلق واستباق الأحداث، فالبنت عادةً تكون ميّالةً لأمّها وتكتسب أخلاقها منها.

18. ننصحكِ في حال غضب زوجك أن تجتنبيه، وتُجنِّبي ابنتك ذلك الموقف، وإن حصل – لا قدّر الله – نزاع، فاطلبي منها أن تخرج من البيت؛ لأن المشاكل قد تنعكس سلبًا على نفسيتها.

19. كوني متفائلة بأن الله سيغيّر من سلوكيات زوجك، فالإنسان لا يبقى على حاله، ومع مرور الأيام يبدأ في السكون والهدوء.

نسأل الله تعالى أن يجنب زوجك هذه الصفة الذميمة، وأن يقر عينك بصلاحه، إنه سميع مجيب.

www.islamweb.net