استخرت في أمر ما أكثر من مرة ولم أجد أثرًا، فما الحل؟

2025-08-26 01:15:30 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أستخيرُ اللهَ في أمرٍ مهمٍّ جدًّا بالنسبةِ إليَّ، وقد استخرتُ أكثرَ من مرّةٍ، غير أنّي لا أرى في المنامِ شيئًا، وأحيانًا أستيقظُ فلا أشعرُ بشيءٍ، وأحيانًا أخرى أستيقظُ وأنا أحسُّ بخوفٍ في قلبي ويزدادُ خفقانُه قليلًا.

فهل يُفهم من ذلك أن أترك هذا الموضوع، أم أنَّ ربَّ العالمين سيُيَسِّر هذا الأمر، أو سيكون فيه تعسير بما يشاء؟

شكرًا جزيلًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لتواصلك مع موقع إسلام ويب لطلب الاستشارة.

أوَّلًا: نودُّ أن نطمئنكِ أن ما تشعرينَ به أمرٌ طبيعيٌّ جدًّا عند القيام بالاستخارة، فالاستخارة ليست بالضرورة أن تأتيكِ برؤيةٍ واضحةٍ أو حلمٍ محدَّدٍ، بل هي وسيلة لتوجيه القلب والنيّة نحو اختيار ما هو خيرٌ لكِ، واللهُ تعالى أعلمُ بما يصلح لعبادِه.

ثانيًا: نوضِّح لكِ أنَّ النبيَّ ﷺ علَّمنا الاستخارةَ في الأمور كلِّها كما في الحديث: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ: ‌اللَّهُمَّ ‌إِنِّي ‌أَسْتَخِيرُكَ ‌بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي، فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي. قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ» (رواه البخاري ومسلم).

ثالثًا: الحكمة من الاستخارة:
• هي استشارةُ اللهِ تعالى بطلبِ التيسيرِ وفق ما فيه خيرٌ لكِ في دينكِ ودنياكِ.

• ليس شرطًا أن يُرى حلمٌ محدَّدٌ بعد الاستخارة، وعدمُ رؤيةِ شيءٍ في المنام أو الشعورُ الغريب بعد الاستخارة أمرٌ طبيعيٌّ، فالأمرُ ليس مرتبطًا دائمًا بالرؤى، وإنَّما بالراحةِ والطمأنينةِ في القلب بعد اتخاذ القرار.

• شعورُك أحيانًا بالخوف أو خفقان القلب قد يكون ناتجًا عن توتُّرِك من أهمية الموضوع، أو خشيتك من اتخاذ القرار الخاطئ، وليس بالضرورة إشارةً سلبيّةً.

رابعًا: خطوات عمليّة بعد الاستخارة
1. البحثُ عن الأسبابِ العمليّة: اجمعي المعلومات المتاحة حول الموضوع، وقيِّمي الخيارات بعقلٍ منطقيٍّ.
2. التوكُّلُ على الله: بعد بذل الأسباب، اتخذي القرار المناسب، واسألي الله أن يبارك لكِ فيه، أو يصرفه عنكِ إن لم يكن خيرًا.
3. مراقبةُ مشاعرِ القلب: إذا شعرتِ بالطمأنينة بعد القرار، فهو في الغالب الصواب، أمَّا إذا بقي القلقُ فاستشيري شخصًا ثقةً، فالاستخارةُ مقرونةٌ بالاستشارة ومحبَّبةٌ معها.
4. تكرارُ الاستخارة: لا مانع من تكرارها إن استمرَّت الحيرة، لكن لا تجعليها سببًا للتردُّد الدائم.

خامسًا: معاني الاستخارة وتوجيهاتها في الآتي:
• اللهُ تعالى وحدَه هو الذي يُيسِّرُ الأمورَ أو يُعسِّرُها، والاعتمادُ عليه مع بذل الأسباب هو الأساس، فلا تجعلي الاستخارةَ وسيلةً للتوقّف عن اتخاذ القرارات، بل وسيلةً لتصفية النيّة والتوكُّل على الله.

• الاستخارة ليست دائمًا رؤيةً أو حلمًا، بل وسيلةٌ لإراحة القلب والتوكُّل على الله.

• اتخذي قرارك بعد دراسة الأسباب، ولا تقلقي إذا لم يظهر لكِ شيء، فاللهُ ييسِّر لعبادِه ما فيه خيرٌ لهم.

• يفضل بعد دعاء الاستخارة في الصلاة وخارج الصلاة: الإكثار من: «اللهمَّ أرِني الخيرَ حيث كان، واصرفْ عنِّي الشرَّ حيث كان، ووفِّقني لما تحبُّ وترضى».

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.

www.islamweb.net