زوجتي ترفض العودة للمنزل بسبب انفعالاتي المتكررة، ماذا أفعل؟
2025-08-25 03:31:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ أقل من عام ونصف، ولدينا طفل يبلغ من العمر سبعة أشهر، أعاني من العصبية وأرفع صوتي على زوجتي بشكل متكرر، وعند الشجار تقف لي ندًا بند، وترد الكلمة بالكلمة.
في لحظات الغضب أشعر أن الزواج لن يستمر، فأقول لها ذلك، فتعتبره تهديدًا بالطلاق، كل شجار أبدأه أعود وأعتذر لها، وأحاول أن أطيب خاطرها، لم أضربها قط لا ضربًا مبرحًا، ولا غير مبرح، وأحاول أن أتحكم في عصبيتي من خلال تمارين التنفس، وذكر الله، حتى تهدأ نفسي.
في الفترة الأخيرة أعاني من مشاكل في عملي مما زاد من الضغوط النفسية، وجعلني أفقد أعصابي في البيت بشكل متكرر، وزاد من حدة الشجار مع زوجتي، وفي آخر شجار رفعت صوتي، وسببتها فردت علي وسبتني، حاولت أن أصبر على ردها، لكنني لم أستطع، فقلت لها لو رددت علي مرة أخرى لن يستمر الزواج، فاعتبرته تهديدًا بالطلاق، فعدت واعتذرت لها، وخرجنا سويًا من المنزل؛ لنخفف التوتر ونسترخي.
في اليوم التالي خرجت من المنزل بمفردي لقضاء بعض الحاجات، وتركت زوجتي وابني في البيت، وعندما عدت وجدت أن والد زوجتي جاء في غيابي، وأخذها وابني معه دون إذني، اتصلت به ونصحته بأن ما فعله لا يجوز، وكان الأولى أن يأتي إلى بيتنا كحكم يصلح بيننا بدلًا مما فعل، وللأمانة كنت منفعلًا أثناء الحديث، ثم عدت واعتذرت له احترامًا لكبر سنه، فكان رده أن ابنته التي هي زوجتي في طوعه، ولا بد أن تسمع له وتطيعه.
هي الآن ترفض العودة إلى المنزل بدعمه، وتعلل ذلك بأنني أوقع عليها الظلم وأشعرها بعدم الأمان بسبب انفعالاتي المتكررة، هل تعتبر ناشزًا بخروجها من البيت دون علمي، ورفضها العودة؟ وهل تأثم على ذلك؟ وما حكمها وحكم والدها عند الله؟ وما هي نصيحتكم لتجاوز هذا الأمر؟ وما الذي علي فعله؟ ولو تعارضت رغبتي مع رغبة والدها من الذي عليها أن تطيعه؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك أخي الكريم في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول، وبالله تعالى أستعين:
• الغضب صفة بغيضة في الإنسان، يجب أن تتجنبها؛ لأنها سبب مشاكلك مع زوجتك، فلو ذهب عنك الغضب لحُلّت جميع مشاكلك معها.
• الغضب جمرة من الشيطان الرجيم، وعلاجه الاستعاذة بالله منه عند بدئه مباشرة، فقد استبّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، (فقام رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال للرجل: أتدري ما قال رسول الله آنفًا؟ قال: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، فقال له: (أمجنونًا تراني)؟ وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني يا رسول الله. فقال له: (لا تغضب»، فردد مرارًا، فقال: (لا تغضب).
• وردت أحاديث صحيحة تدل على أن من علاج الغضب أن يجلس الغاضب إن كان قائمًا، أو يضطجع إن كان جالسًا، أو يقوم إن كان مضطجعًا، فإن لم ينفع ذلك فليتوضأ.
• ومن علاج الغضب الخروج من البيت بهدوء، وألا يعود إلا بعد ذهابه؛ كما فعل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حين اختلف مع زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد ونام فيه، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فسأل ابنته عن زوجها، فأخبرته بما حصل، فقال: خرج، فوجده النبي في المسجد وقد علق التراب بجسده، فجعل يقول له: (قم أبا تراب، قم أبا تراب).
• من الأخطاء التي يقع فيها بعض الأزواج مناقشة المشكلة فور وقوعها، وهذا أسلوب خاطئ؛ لأن الشيطان يكون حاضرًا يؤججها ويشحن الصدور، ويجعل كل طرف يطلب الانتصار، لا معرفة الحق، ومن الخطأ كذلك أن يرد كل طرف على الآخر أثناء الغضب، بل ينبغي أن يكون الطرف غير الغاضب هادئًا، ينحني للعاصفة حتى تهدأ، ثم يمكن النقاش إذا كان الطرفان مستعدين ومتقبلين، وإلا يُؤجَّل إلى وقت لاحق.
• من الخطأ أن يأتي عمك ليأخذ ابنته من بيتك، فذلك يكبّر المشكلة ولا يحلها، وطاعة المرأة بعد زواجها لزوجها، وليس لوالدها، إلا في أحلك الظروف، وقد أخطأتَ حين انفعلتَ في وجه عمك، فهو بمقام والدك، وأكبر منك سنًا، وإن كنت قد اعتذرت، فالواجب أن تزوره، وتعتذر منه مرة أخرى وجهًا لوجه، وتبين له الأسباب التي دفعتك للانفعال، وتوضح له أيضًا أسلوب زوجتك في ردها عليك، ليكون حكمه متوازنًا.
• احذر من وساوس الشيطان التي توهمك أن الزواج لن يدوم؛ فهدم البيت ستكون ضحيته زوجتك وولدك، ولعلك تندم –وتندم هي– إن وقع الطلاق.
• مشاكلك في عملك لا دخل لزوجتك بها، فلا يجوز أن تصب جام غضبك عليها بسببها، بل الواجب أن تلجأ إلى ربك سبحانه، فهو الذي بيده مقاليد الأمور، واعلم أن حسن تعاملك مع زوجتك من أسباب فتح أبواب الرزق؛ فقد ورد في الحديث الصحيح: (يا ابن آدم، أنفق يُنفق عليك)، وفي الحديث: (اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، وأعطِ ممسكًا تلفًا).
• نوصيك ببر والديك، وصلة أرحامك؛ فذلك من أسباب سعة الرزق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه).
• أكثر من الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك سبب في جلب الرزق، وتفريج الهموم، ومغفرة الذنوب، وتقوية الأبدان، قال تعالى:(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ )، وقال سبحانه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ، وَيَجْعَلْ لَّكُمْ جَنَّاتٍ، وَيَجْعَلْ لَّكُمْ أَنْهَارًا)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب: وقال أيضًا لمن قال له: (أجعل لك صلاتي كلها)؟ قال: (إذن تُكفى همك، ويُغفر لك ذنبك).
• لا نستطيع القول إن زوجتك ناشز حاليًا؛ حتى تذهب إلى عمك وتحاول حل المشكلة، فإن رفضت العودة حينها عُدّت ناشزًا.
لكن – والمستشار مؤتمن – يظهر من عرضك أنك كثير الغضب ورفع الصوت؛ مما يفقدها الشعور بالأمان، وقد ذكرتَ أنك لا تشتكي من تقصير منها، إلا إنها ترد عليك بما تبدأ به أنت، وهذا خطأ وسلبية منها، لكنها – والله أعلم – لو لم تبدأ أنت بالغضب ورفع الصوت لما ردت عليك، وهذه السلبية يمكن علاجها بالنصح وتوجيه أهلها لها.
• من صفاتك الحسنة اعترافك بخطئك، واعتذارك لزوجتك، والأفضل من ذلك ألا تفعل ما يجبرك على الاعتذار أصلًا، سواء لها أو لغيرها.
• تذكر أن هذه زوجتك، أم ولدك، وسكن نفسك، وطاهية طعامك، وغاسلة ملابسك، ومربية ولدك، فلا يليق بك أن تسبها أو تهينها؛ فالمرأة لا يكرمها إلا كريم.
• نوصيك بالإكثار من صيام النوافل؛ فذلك مما يضيّق على الشيطان مجاريه، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم.
• الزم ذكر الله، واجعل لسانك رطبًا به، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، وأكثر من تلاوة القرآن الكريم وصلاة النوافل؛ ففي ذلك حرز من الشيطان، وتهذيب للنفس بإذن الله تعالى.
• تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحَرَّ أوقات الإجابة، واسأله أن يذهب عنك الغضب، ويصرف عنك الشيطان، ويرزقك الحياة المستقرة الآمنة المطمئنة، وأحسن الظن بربك؛ ففي الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًا فله).
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب.