تركت فتاة رفضتها أمي وتقدمت لأخرى فرفضتني، فما الحل؟

2025-09-02 01:59:38 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في كلية الصيدلة، وعمري 22 عامًا، كنتُ قد أحببتُ فتاة عندما كان عمري 19 عامًا، وكانت هي في السابعة عشرة، وكانت نيتي صادقة تجاهها جدًّا، وكنت أنوي الزواج منها، وبعد سنة طلبتُ منها رقم والدها، وقابلته فعلًا، وتحدثتُ معه، وكان منه القبول، وقال لي: "الله ييسر ما فيه خير لك ولها".

وبعد فترة صارحتُ أمي بالموضوع، لكنها رفضت رفضًا تامًا؛ لأن الفتاة ليست من عائلة معروفة، وأمي عندها هذه النظرة، وحاولت معها كثيرًا، لكن لم توافق، ثم تعرّفتُ إلى شيخ أرشدني وعلّمني أذكارًا وأورادًا حتى ترضى أمي، لكن مع ذلك بَقِيتْ رافضة، بل كانت أحيانًا تُسمعني كلامًا يُبيِّنُ أنها غير موافقة، حتى لا أعود لفتح الموضوع معها مرة أخرى.

الخطأ الذي كنتُ أقع فيه هو أني كنتُ أتواصل مع الفتاة، أي أن العلاقة لم تكن صحيحة شرعًا، رغم أن نيتي صادقة، وكنت حقًّا أريد الزواج بها، ولكنني بدأت أفكر:

أولًا: هي علاقة غير مشروعة.
ثانيًا: أمي رافضة تمامًا، ولو تزوجتها ستدخل في مشاكل مع أمي وتغضب عليّ وتكره الفتاة، وحتى والد الفتاة سيلومني ويقول: لماذا تزوجتها وأمك رافضة؟

لهذا صارحتُ الفتاة في تركها، وتركتها؛ لأنه حرام، ولأن أمي رافضة، ولا أريد أن أظلم الفتاة، وأدركت أن ما كنتُ أفعله خطأ، وتوقفتُ عن هذه العلاقة لأجل لله أولًا، ثم لأجل أمي، ولئلا أكون ظالمًا.

بعد ذلك، لا أعرف كيف حصل، لكنني أحببت فتاة أخرى من جامعتي، واتضح أن أمي تعرفها وتعرف أهلها، وهم عائلة محترمة، لكني لست مرتاحًا من داخلي، وأشعر أني منافق: كيف أحببتُ فتاة ثم أحببتُ غيرها؟ مع أن قلبي (والله) صادق في المرتين.

صرتُ أدعو الله أن تكون هذه الزميلة من نصيبي، لكن عندما أخبرتها أن تعطيني رقم أهلها رفضتني، ومع ذلك ما زلت أدعو الله أن يكتبها لي.

مشكلتي أني خائف: هل أنا مخطئ؟ هل هذا عقاب من الله لأني تركت الفتاة الأولى؟ أنا صادق جدًّا في مشاعري تجاه هذه الثانية، لكني حائر وخائف أن أكون قد أخطأتُ أو أسأتُ التصرّف!

فكيف أتعامل مع هذه المشاعر وهذا القلق؟ وهل ما أفعله الآن يُعتبر ذنبًا؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك - أخي الكريم - في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وبعد:

دعنا نجيبك من خلال هذه الفقرات:
أولًا: حقيقة ما مضى:
- محبتك للفتاة الأولى كانت نيتك فيها -على ما ذكرت- صادقة، وسعيك للزواج منها كان في طريق صحيح، لكن ما جرى بينكما من علاقة قبل العقد لا يقرّه الشرع، وإن خفّ في نظرك، لذا عليك الاستغفار لله منه، ثم حين رأيت أن الأمر سيجرّ إلى سخط والدتك وإلى ظلمٍ للفتاة، قطعت العلاقة طلبا لرضا الله، وهذا موقف عظيم تؤجر عليه، فلا تلم نفسك بعده.

ثانيًا: في تبدّل القلب:
- ليس تبدّل المشاعر نفاقًا ولا خداعًا؛ فالقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، المعيار هو الصدق في النية، والبعد عن الحرام.
- صدق نيتك في الأولى وصدقها في الثانية كلاهما أمر طبيعي، لكن احذر أن تترك العاطفة تسبق الشرع، لذا انتبه للنقطة الثالثة.

ثالثًا: القاعدة الذهبية في العلاقات هو ما قالته العرب: «ثَبِّت العرشَ ثم انقش»، فقبل أن تُدخل نفسك في علاقة عاطفية، اسأل نفسك أولًا: هل تملك القدرة على الزواج الآن أم لا؟ وهل سيسمح لك أهلك بالزواج الآن أم لا؟
إن كنت غير قادر، أو الوقت لا زال مبكرا، فلا تُقحم نفسك بما يرهق قلبك ويعرضك للذنب، وعليك ساعتها إنجاز دراستك سريعًا، واستعن على تجاوز ما أنت عليه بالمذاكرة والطاعة والرياضة والصيام، فقد قال النبي ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» (رواه البخاري ومسلم).

رابعًا: برّ الأم:
اعلم أن بر الأم فريضة عظيمة، ومهما اختلفت وجهات النظر فحاورها برفق، وادعُ الله أن يلين قلبها إذا اختلفتما في أي أمر، وتذكر أنّ الزواج حقّ لك أيضًا، لكن لا تجعل نفسك في صدامٍ مع والديك؛ بل باللين والبركة يأتي التيسير.

خامسًا: اليقين بالقدر:
اعلم - أخي الكريم - أن ما قدّره الله لك سيكون، وما صرفه عنك فلا بد فيه الخير لك، فقد قال ﷺ: «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ» (رواه أبو داود والترمذي وأحمد).

سادسًا: خطوات عملية للثبات:
- تصحيح النية: اجعل هدفك من الزواج العفاف ورضا الله.
- ضبط العاطفة: لا تسمح لنفسك بعلاقة قبل أن تتهيأ للزواج رسميًا.
- العبادة: الزم الصلاة والدعاء، وأكثر من الصيام لتقوية نفسك على كبح الشهوة.
- الانشغال بالنافع: اجتهد في دراستك وبناء مستقبلك.
- الدعاء والاستخارة: سل الله أن يختار لك الخير، ولا تتعلق إلا بما يرضاه الله.

نسأل الله أن يُبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان ويُرضّيك به، والله الموفق.

www.islamweb.net