كيف أصلح من حالي وأقلع عن الأخطاء؟

2025-09-07 01:54:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري، أدرس الطب البشري، وسأتخرج قريبًا.

استشرتكم مسبقًا بأمور تتعلق بوساوسي واسترسالي بالأفكار السلبية، وقد أفادتني نصائحكم كثيرًا، وأريد أن أطرح استشارتي بموضوع آخر.

تمت خطبتي منذ فترة، ولكن قبل خطبتي بسنوات -خلال السنوات الجامعية الأولية لي-، وعلى الرغم من تدين عائلتي الشديد، إلا أنني بسبب صديقاتي، ومحيطي السيء، دخلت في جو العلاقات، والحديث مع الشباب في الجامعة، وقد تبت إلى الله في السنوات الأولى -بفضل الله-، وغيّرت محيطي بأكمله، وأحطت نفسي بصديقات صالحات، وصلح حالي، والحمد لله.

ولكني إنسان بطبعه يخطئ أخطاءً صغيرةً، ثم يتوب، إلا أني بعد خطبتي أصبحت أكثر توترًا، ولم أعد أعرف كيف أمنع نفسي من الأخطاء الصغيرة؛ فمثلاً أقوم بالمشاركة بنقاش صوتي على تويتر بوجود شبان، ثم أندم أشد الندم، وأستر على نفسي، وأن الله سيغفر لي، ثم تارةً أقوم بالرد على قصة لشاب من فريق تطوعي، لديه عدد من المتابعين على صفحته كنوع من مشاركة رأيي بما يكتب، وقد قام بالرد عليّ، ثم في ذات اللحظة ندمت أشد الندم، وشعرت بأني أعرض نفسي لمواقف فيها تعامل أو حديث مع الرجال بدون دواعٍ شرعية، وبدون فائدة أو ضرورة.

دائمًا أتسرع بالتصرف، ثم أندم بعد الفعل بلحظات، ثم وصل بي الحال لكره نفسي إلى أكبر حدٍ ممكن، وأشعر أنني لست أهلاً للثقة، ولست زوجةً صالحةً، ولا أستحق خاطبي، وأن توبتي لم تقبل، وأنني شخص سيء لم يقلع عن أخطاء الماضي، وأني بإخفاء هذه الأفعال الصغيرة عن خاطبي أكون كاذبةً، ومنافقةً، وخائنةً.

أرجوكم أشيروا علي بما يجب علي فعله، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول، وبالله أستعين:

نبارك لك هذا التخصص، ونسأل الله تعالى أن ينفع بك شعبك، وبلدك، وأمتك، وأن يجعل مستقبلك زاهرًا، كما نتمنى ألا تتوقفي عند نيل البكالوريوس، بل نتمنى أن تستمري في الدراسات العليا؛ لتنالي أعلى الشهادات، وأدق التخصصات.

إن استغلال أوقات الفراغ في النافع من العمل، وقراءة الأبحاث الطبية الجديدة، وتنمية المعرفة في مجال التخصص، ومشاهدة الدورات الطبية المتخصصة في قنوات اليوتيوب وغيرها، سيجعلك تستغلين أوقاتك أحسن استغلال، ولن تجدي فراغًا للمشاركة في مثل تلك التوافه التي قد تعرضك للإحراج، وتجعلك تندمين على تصرفاتك.

فكري مليًا في مآلات أي مشاركة، فإن وجدت أن في ذلك منفعةً فشاركي، وإلا فلا تقحمي نفسك في مشاركات تجعلك تمقتين نفسك، وتشعرين بالندم.
والمشاركات التي قمت بها ليس فيها ما يخل بالآداب العامة –كما ذكرتِ في استشارتك–، ولكنها من باب الفضول، ولا ينبغي أن تدخلي في أي مجموعة، أو تشاركي في أي موقع خاص بالمجتمع الذكوري؛ لأن ذلك قد يجر إلى أمور أخرى لا تجوز.

لا تكثري من جلد الذات في مثل هذه الأمور، وعليك فقط بالعزم على عدم العودة إليها، وأنا على يقين أنك إن اتبعتِ النصائح والتوجيهات السابقة فلن تجدي وقتًا للتوافه من الأمور.

تعلمين أن العلم يتطور ويتجدد ربما كل ساعة، ومتابعة ذلك التطور والتحديث سيجعلك متميزةً في مجال تخصصك، فكوني صاحبة همة عالية، ولا تكتفي بما أخذت من العلوم داخل الجامعة؛ فهناك دورات علمية مجانية يمكنك متابعتها ومشاهدتها، قد تجعلك مرجعًا في مجال تخصصك -بإذن الله-، وللبدء بذلك لا بد أن تخطي الخطوة الأولى، وسوف تتعودين على قضاء أوقاتك في الأمور العلمية الممتعة -بإذن الله-.

ومن أحسن ما قررتِه هو تغيير صديقاتك؛ فالصاحب ساحب كما يقال، والصاحب والصديق له تأثيراته السلبية والإيجابية، وبصماته تظهر على سلوكيات من يصاحب، كما ورد في الحديث، وهنا ننصحك ألا تسمحي لأي صديقة أن تضيع وقتك، وليكن تعاملك مع صديقاتك بحسب الحاجة فقط.
النقد البنّاء للذات الذي يتبعه التغيير مطلوب، لكن لا يصل إلى حد مقت النفس مقتًا شديدًا؛ فالإنسان يقع في الخطأ، ولكنه لا يكرره، ولو حصل أن كرره فليتب، ويقلع مرةً أخرى، والإنسان يتعلم من عثراته وسقطاته.

نوصيك بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، واستماعه، مع المحافظة على أذكار اليوم والليلة؛ ففي ذلك عصمة من الشيطان الرجيم، ووقاية من الشرور والكيد -بإذن الله تعالى-.
وتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى، وخصوصًا أثناء السجود؛ فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وسلي ربك أن يصلح حالك، وأن يعينك على إكمال دراستك بنجاح وتميز، وأن يوفقك في حياتك الزوجية والعملية، وكوني على ثقة بأن الله سيستجيب لك، كما ورد في الحديث: «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن عبدي بي ما شاء، إن ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله».

ندمك على ما بدر منك هو توبة، كما ورد في الحديث: «الندم توبة»، وهو دليل على أن معدنك أصيل، ولله الحمد والمنة، وكلما راودتك نفسك للدخول في مثل هذه الأمور التي لا تليق، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم؛ فإن تلك الوساوس، وتسويل النفس الأمارة بالسوء إنما هو من الشيطان، وعليك أن تغيري مكان جلوسك الذي تأتيك فيه تلك الخواطر، وأن تشغلي نفسك بعمل نافع، وبهذه الطريقة سوف تتخلصين من تلك الخواطر.

ولا داعي لأن تخبري خطيبك بهذه الأمور التافهة، إذ لم تصل إلى حد مخل بالشرف –ولله الحمد–، والستر على النفس في مثل هذه الأمور، بل وما هو أكبر منها، أمر مطلوب شرعًا.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، ونسعد بتواصلك في حال استجد أي جديد.

www.islamweb.net