أقيم في بلد أجنبي وأواجه صعوبة في تعلم اللغة، فما الحل؟

2025-09-11 03:03:49 | إسلام ويب

السؤال:
أنا شاب سوري، أعيش مع عائلتي في ألمانيا منذ سنتين، وما زلت أعاني من ضعف كبير في اللغة الألمانية رغم محاولاتي المتكررة لتعلمها.

بدأت عبر تطبيق خاص، ثم في مدرسة، وكانت البداية مشجعة، لكن غياباتي بسبب مرض أختي الصغيرة أثّرت على متابعتي وتسببت في تراجع مستواي، بعد ذلك التحقت بمدرسة أخرى، إلا أنني واجهت صعوبات مماثلة، خاصة عندما أُلزمت بدورة B2؛ حيث كان المحتوى مكثفًا جدًا، وصعبًا عليّ.

هناك عدة عوامل زادت من صعوبة تعلمي:

الضغط النفسي والعائلي: مرافقة أمي للمستشفى، والاهتمام بتسجيل إخوتي في المدارس بسبب عدم إتقان والدي للغة.

طريقة التدريس المكثفة: في مستوى B2 طُلب منا حفظ مئات الأفعال والقواعد في وقت قصير؛ مما جعلني أشعر بالعجز والإحباط.

التشتت وقلة الاستمرارية: مع الإحباط اتجهت إلى الألعاب والأخبار؛ مما أثر على تركيزي.

تعدد النصائح وتضاربها: البعض ينصحني بالتركيز على الكلمات الأساسية، وآخرون على الجمل، بينما لا أجد خطة واضحة تناسب وضعي.

كل هذا جعلني أعيش حالة من التذبذب: لدي رغبة قوية في التقدم، لكن ضعف لغتي يعيقني، وهذا ينعكس على ثقتي بنفسي وعلاقاتي، وحتى على اختياري للمستقبل المهني.

أطلب منكم نصيحة عملية تساعدني على تجاوز هذه الصعوبات، ووضع خطة تعليمية مناسبة تراعي وضعي، حتى أتمكن من تحسين لغتي الألمانية؛ لأن اللغة هي أساس استقراري الدراسي والمهني في ألمانيا، وهي سبب وجودي هنا بالدرجة الأولى.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حيدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله أن ييسر أمرك، ويعينك على تجاوز هذه التحديات التي تواجهها، أقدر جدًا صراحتك في عرض مشكلتك، وأتفهم تمامًا ما تمر به من ضغوط نفسية وعائلية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها في تعلم اللغة الألمانية.

إن ما تعانيه ليس بالأمر السهل، ولكن بإذن الله، مع الصبر والتخطيط السليم، ستتمكن من تحقيق أهدافك.

أولاً: دعنا نبدأ من المنطلق الإسلامي الذي يوجهنا دائمًا نحو الصبر والتوكل على الله، يقول الله تعالى:"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (سورة البقرة: 286)، وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى لا يضع على عاتقك ما لا تستطيع تحمله، التحديات التي تواجهها هي جزء من اختبار الحياة، وهي فرصة لتقوية إيمانك وصبرك.

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز"، (رواه مسلم)، هذا الحديث يوجهنا إلى أهمية السعي والعمل الجاد مع الاستعانة بالله، وهو ما ستفعله بإذن الله في رحلتك لتعلم اللغة الألمانية.

تذكر الحكمة العربية القائلة:
"من جدّ وجد، ومن زرع حصد"، وقول الإمام الشافعي رحمه الله: "بقدر الكد تكتسب المعالي، ومن طلب العلا سهر الليالي." وهذا يذكرك بأن الجهد المستمر، حتى لو كان صعبًا، هو السبيل للوصول إلى أهدافك.

خطة عملية لتعلم اللغة الألمانية، بناءً على وضعك الحالي، إليك خطة تعليمية عملية ومتكاملة تناسب ظروفك:

• حدد هدفًا واضحًا لكل شهر، على سبيل المثال: "تعلم 50 كلمة جديدة واستخدامها في جمل يومية."
• ركز على تحسين مهاراتك الأساسية: الاستماع، التحدث، القراءة، والكتابة.
• خصص وقتًا يوميًا ثابتًا لتعلم اللغة، حتى لو كان 30 دقيقة فقط. الاستمرارية أهم من الكمية.
• استخدم تقنية "البومودورو" (Pomodoro): 25 دقيقة دراسة مكثفة، ثم 5 دقائق راحة.

• التطبيقات التعليمية، مثل: Duolingo وBabbel وAnki لتعلم الكلمات والقواعد.
• المحادثة اليومية، حاول التحدث مع الألمان في حياتك اليومية، حتى لو كانت جمل بسيطة.
• شاهد برامج أو أفلامًا ألمانية مع ترجمة، واستمع إلى البودكاست التعليمي.
• ابدأ بالكلمات والجمل الأكثر استخدامًا في الحياة اليومية. يمكنك البحث عن قوائم "1000 كلمة ألمانية الأكثر شيوعًا."

• استخدم الكلمات الجديدة في مواقف حقيقية، مثل التسوق أو الحديث مع الجيران.
• ابحث عن مجموعات تعلم اللغة في منطقتك أو عبر الإنترنت. التفاعل مع الآخرين سيزيد من حماسك وثقتك.
• خصص وقتًا يوميًا للراحة النفسية، مثل ممارسة الرياضة أو الترفيه.
• أكثر من الدعاء والاستغفار، وذكر الله يبعث الطمأنينة في القلب، قال الله تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (سورة الرعد: 28).
• لا تتردد في طلب المساعدة من معلم خاص، أو صديق يتقن اللغة الألمانية.
• إذا شعرت بالإحباط، تحدث مع مستشار نفسي أو مرشد تعليمي لمساعدتك على تجاوز هذه المشاعر.

تذكر أن ما تمر به من إحباط وتشتت هو أمر طبيعي في ظل الضغوط التي تواجهها، لكن من المهم أن تتذكر أن التقدم في تعلم اللغة هو عملية تدريجية، وأن الأخطاء جزء من التعلم.

وتذكر أن الله يحب المثابرين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"؛ لذا اجعل نيتك في تعلم اللغة خالصة لله، واعتبرها وسيلة لتحقيق الخير لك ولعائلتك، ولا تنس أن حرصك على الوقوف مع عائلتك وخدمة والدتك لعله يكون سببا في تسهيل رزقك، وتيسير أمورك.

أسأل الله أن ييسر لك تعلم اللغة الألمانية، وأن يرزقك الصبر والقوة لتحقيق أهدافك، تذكر أن كل خطوة تخطوها هي قربى إلى الله إذا احتسبت الأجر.
أنت قادر بإذن الله على تجاوز هذه التحديات، فقط استمر ولا تيأس: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" (سورة الطلاق: 2-3).

نسأل الله أن يجعل القرآن ربيع قلبك، ونور صدرك، وجلاء حزنك، وذهاب همك، وأن ييسر لك أمرك، ويبارك لك في وقتك وجهدك، ويرزقك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net