لا أستطيع رفض مطالب الآخرين ولا أحب طلب شيء من أحد، فما رأيكم؟
2025-09-10 01:41:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدايةً: أود أن أشكركم على كل ما تقدمونه من معلومات وإرشادات ونصائح، جزاكم الله كل خير. أنا طالب جامعي، أبلغ من العمر ٢٣ عامًا، ملتزم دينيًا، وأمتلك بحمد الله قدرًا جيدًا من المعرفة بالحياة، لكنني أعاني من بعض المشاكل النفسية في حياتي اليومية، وهي كالتالي:
١- أصبحت أُحب العزلة أحيانًا عن بعض الناس، لما أراه منهم من كذب، وسوء الحديث عن الآخرين، والجلسات التي أشعر بأنها بلا فائدة، أو مضيعة للوقت، إلى آخره. أعلم أن الجميع ليس كذلك، ولكن هذا الأمر جعلني أحيانًا ميّالًا للعزلة، مع العلم أنني أخرج مع الكثير من الناس، لكنني لا أتواصل معهم، بل هم من يتصلون بي للخروج، وهذا يجعلني أشعر بأنني غريب، والكثير من الأهل والأصدقاء يعاتبونني على ذلك.
٢- لا أحب أن أقول "لا"، أو أن أرفض طلبات الآخرين، ولكن كثيرًا ما يجعلني ذلك أشعر بالسوء تجاه نفسي، وأندم على عدم الرفض، حتى قبل أن أوافق، أكون غير راغب، ولكنني أوافق في النهاية، وعلى العكس، لا أحب أن أطلب شيئًا من الآخرين خوفًا من أن يُرفض طلبي.
٣- في بعض الأحيان، أكون في حديث مع شخص أو مجموعة، ويكون لدي رأي معين، ولكن عندما أشعر بأن الطرف الآخر مُصرّ على رأيه، أقول له "أنت على حق" أو أوافقه، وهذا يجعلني بعد فترة أشعر بأنني فاقد للثقة بالنفس، (بمعنى: أشعر أنني لو أصررت على رأيي، ستحدث مشكلة، فأتجنب ذلك وأقول: "تمام").
سؤالي: ماذا أفعل لحل هذه المشاكل التي ذكرتها؟ وهل يوجد علاج أو خطوات يمكنني القيام بها؟
أعتذر عن الإطالة، ومرة أخرى أشكركم على جهودكم وما تقدمونه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحّب بك - أخي الفاضل - عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السُّؤال.
نعم - أخي الفاضل - واضح من سؤالك أن هذه النقاط الثلاث التي ذكرتَ تُؤثِّر عليك، وعلى أدائك في الحياة الاجتماعيّة، هي تتطلّب علاجًا، ولكن ليس علاجًا دوائيًّا، وإنّما مُقاربة الموضوع بنظرة مختلفة.
فمثلًا: المشكلة الأولى بأنك تعزل نفسك عن الناس، لما ترى منهم من بعض السلوكيات والأخلاقيات التي لا تنسجم معك، وأنا مُؤيّدٌ لك أنّ هذا ليس عند الجميع، ولكن ربما تُزعجك بعض هذه السلوكيات، فأنت تتجنّب مخالطة الآخرين.
أنت تعلم - أخي الفاضل - الحديث النبوي الصحيح: الذي يفيد بأن «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، خَيْرٌ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» طالما أن بإمكانك هذا.
أعجبني أنك بالرغم من هذه النقطة فإنك تخرج وتحاول أن تتواصل مع الناس، فهذا أمر طيّب، وأترك الموضوع لك؛ لأنّ الإنسان بفطرته مخلوقٌ اجتماعيّ، فلا بدّ لنا من الأخذ والعطاء مع الناس.
أما النقطة الثانية التي ذكرتَ: أنك تجد صعوبة في قول "لا"، وبأنك تضطر إلى قبول ما يُمليه عليك الآخرون، بالرغم من أنك تَقصد أو تتمنى أن ترفض هذا، وتقول عبارة "لا" إلَّا أنك في النهاية توافق.
أخي الفاضل: هذه المشكلة أو الصعوبة أيضًا هي في نطاق العمل الاجتماعي، وهي منتشرة، ولكن من خلال الوقت ومن خلال العزيمة يمكنك أن تغيّر هذا.
أخي الفاضل: هناك طُرق أخرى لرفض أمرٍ ما من دون ذكر عبارة "لا" إن كانت تصعب عليك، فمثلًا يمكنك أن تقول: "ليس الآن، وإنّما لاحقًا"، أو يمكنك أن تقول "دعني أفكّر في هذا الأمر"، ثم في النهاية يمكنك أن تتخلّى عن هذا الأمر.
النقطة الأخيرة التي ذكرتها - أخي الفاضل-: أنك تحاول أن تتجنّب الأخذ والعطاء أو الجدال، فتوافق الآخرين على آرائهم بالرغم من أن رأيك مخالف، أيضًا هذا له علاقة بالنقطة الثانية، ويمكن أن تحاول تغييرها إن أردتَ، عن طريق إيجاد طُرقٍ أقلّ مواجهةً مع الآخرين، كي تتجنّب الإشكال في كل هذا الحوار.
نقطة أخيرة أخي الفاضل: أنا معك أنه في بعض المواقف يُفضَّل للإنسان ألّا يدخل في جدال، فكم من الجدال والأخذ والردِّ بين الناس في أمورٍ لا تُقدِّمُ ولا تُؤخِّر.
أرجو أن تنظر فيما ذكرتُ لك هنا، وأدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، ويعينك، ويُيَسّر لك كل هذه الأمور لتشعر بالثقة في نفسك، وأن يوفّقك في دراستك الجامعيّة.
وبالله التوفيق والسداد.