بعد الخطبة أصابني قلق شديد وتفكير مستمر، فهل أكمل؟

2025-09-10 02:03:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اتخذت قرار الزواج، وبالفعل تقدّمت إلى الفتاة التي أراها مناسبة، لكن يُصيبني القلق والتفكير والخوف من المسؤولية، ومن خطوة الخطبة، وقد اتخذت هذا القرار بعد تفكير طويل، وبعد صلاة الاستخارة، فهل أستمر أم أتراجع عن القرار؟ علمًا بأن التفكير الزائد يلازمني دائمًا.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ eslam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية أخي الكريم: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير، فالزواج له منزلة عظيمة في الإسلام، فقد حث عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" [متفق عليه] ولما روي عن سيدنا عمر -رضي الله عنه- قال: "عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [أخرجه عبد الرزاق، وذكره القرطبي في تفسيره].

أما ما ذكرته من التأني والتفكير، وحرصك على الاستشارة، فهو دليل على النضج والرشد، ونشكرك على ثقتك بنا، وأما التفكير الذي يصاحبك دائمًا، فهو أمر طبيعي قبل تحمل أي مسؤولية -بشرط ألا يزيد على الحد الطبيعي-، فبناء كيان الأسرة المسلمة تتركز فيه المسؤولية على الرجل، بصفته ولي أمر الأسرة، والمسؤول الأول عنها.

لكننا ننصحك ألا يأخذ التفكير أكبر من حجمه الطبيعي، حتى لا يصبح مدخلًا للشيطان، وعليك التوكل على الله بعد الاستخارة والاستشارة، فالزواج من المقومات الفعلية للرجولة، وتحمل المسؤولية الشرعية تجاه الزوجة والأبناء، يعتبر من أهم الميادين العملية لإثبات الرجولة في واقع الحياة، فالتفكير والقلق والخوف دليل استحضار المسؤولية في ذهنك، وإعطائها حقها.

وتلك الأعراض طبيعية؛ لأنها في العادة تكون مصاحبة لفترة التجهيز والإعداد التي تسبق الزواج، والحل هنا ليس بالبعد عن تحمل المسؤولية، وإن كانت عظيمة، بل في الإقدام عليها بعد اكتمال التجهيز والإعداد.

قولك: إنك تقدمت للفتاة التي تراها مناسبة، فهذا توفيق عليك أن تحمد الله عليه، ونحن نهنئك، ونسأل الله أن يتم نعمته عليك، لكن ننبهك -أخي الكريم- إلى عدم إقصاء والديك، فالزواج مصاهرة بين أسرتين، ومعرفة البنت فقط لا تكفي، بل يجب معرفة معدن أهلها؛ لأن صلاح أهلها يضمن استمرارية الزواج، وأهلك أخبر منك في معرفة أهلها، فلهم نظرة وخبرة، قد لا تعيها الآن، فوالدتك أقدر على دراسة الفتاة وأهلها، وتقدير ما يناسبك، وكذلك والدك أخبر بقراءة والدها وأسرتها، واختيار ما يعينك على حمل المسؤولية على المدى الطويل.

ومن حقكم أن تسألوا عنها وتوسّعوا دائرة السؤال، ومن حقهم أن يسألوا عنكم ويوسعوا دائرة السؤال؛ لأن الإسلام يريد للحياة الزوجية أن تقوم على قواعد راسخة، يعين فيها كل من الزوجين وأهليهما على بناء أسرة صالحة، يتربى فيها الجيل القادم على القيم الصالحة.

ولتحمل المسؤولية على أكمل وجه، وإرضاء الله في أمورك كلها، ننصحك بالقراءة، والاستماع لأهل العلم وأهل الخبرة، واستشارة أهل الحكمة، والتفقه في واجباتك وحقوقك تجاه زوجتك وعيالك وأسرتك، وتفقيه زوجتك في ذلك، وحرصكما المستمر على التعلم، ليعطي ويأخذ كل ذي حق حقه.

وإذا توفّر شرط الدين والأخلاق، فلا تفرّط في هذه الفتاة، واجمع ما فيها من إيجابيات وحسنات ومن سلبيات، وقارن بينها، وناقش ذلك مع والديك أو من ينوب عنهما، وتذكر أن المعيار الشرعي يدعونا إلى أن نُدرك أن النقص يُطاردنا رجالاً ونساءً، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة، والإنسان لا يمكن أن يجد فتاة ليس فيها نقائص، والفتاة لا يمكن أن تجد رجلاً بلا عيوب ولا نقائص، فكلنا بشر، وكلنا ذلك الناقص الذي يحتاج إلى من يُذكّره وينصحه.

وأخيرًا: نوصيك بكثرة الدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

www.islamweb.net