أنفعل وأكثر الجدال مع المقربين ثم أندم لاحقاً!

2025-09-10 02:19:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لديّ مشكلة لا أستطيع تشخيصها تمامًا، لكنني أُكثِر الجدال مع المقرّبين، خاصة إذا كنتُ على حق، رغم أنني أعلم أنه ينبغي عليّ تجنّب ذلك، ثم أشعر بالندم لاحقًا.

كما أنني أنفعل قليلًا عندما لا يفهم أحدٌ شرحي لموضوع ما، مثل: العملاء في العمل عبر الهاتف مثلًا، وأجد صعوبة في إعادة الشرح، فأتضايق، وتصبح نبرة صوتي حادة وعنيفة بعض الشيء، كأن فيها شيئًا من التكبر أو الاختناق، ثم أندم على سوء خلقي.

أحاول باستمرار أن أتمالك نفسي، لكنني أفشل في كل مرة، فأتمنى أن تفيدوني بخطوات عملية لأتغير.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غزلان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أولًا: ذكرت أنك تعملين في مركز الاتصال، وكما تعلمين فإن مركز الاتصال لا يقوم إلَّا على الحوار والتواصل مع الآخرين؛ لذلك معك حق في أن تنزعجي من أسلوبك هذا، الذي تؤكدين فيه على الجدال والأخذ والرد مع الآخرين.

أختي الفاضلة: أنتِ تعلمين أن العمل مع الناس مهما كانوا -عملاء أو مقربين أو زملاء في العمل- يحتاج إلى بعض التأني والصبر، فليس كل الناس على نفس القدر من الفهم والاستيعاب، وقد أُمِرْنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم، وعلى قدر فهمهم، لذلك طالما أن الحرص والدافعية موجودة عندك في تغيير هذا الطبع، فأنا متأكد -بإذن الله- أنك ستتمكنين من هذا التغيير، والغالب أنه سيكون عبر خطوات جزئية بسيطة.

حاولي المرة القادمة، عندما تشرحين أمرًا لشخص ما، أن تأخذي وقتك في هذا الشرح، وتحاولي أن تُبسِّطيه قدر الإمكان، وأن تسيري وُفق سرعته لا سرعتك أنت، فكما ذكرتُ: الناس مختلفون في قُدراتهم وإمكاناتهم، وعندما تكونين في شرحِ أمرٍ لأحد الناس، تذكري أنك أيضًا لست فقط في مهمة شرح هذا الأمر، وإنما أيضًا في تدريب نفسك على حُسن التواصل والحوار والأداء، كما ذكرتُ أنك تأخذين بعين الاعتبار قُدرة الإنسان على الفهم والاستيعاب.

ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، فقد كان أحياناً ‌يُكرر ‌الحديث ثلاثًا، كما روى البخاري بسنده عن أنس -رضي الله عنه- عن النبىﷺ: "كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، ‌وَإِذَا ‌تَكَلَّمَ ‌بِكَلِمَةٍ ‌أَعَادَهَا ثَلَاثًا"، وكان يشرح الأمر، حتى كان الصحابة يستطيعون عدَّ الكلمات التي يتكلم بها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه يُبَسِّطُ الأمر، ويُعطي الناس الوقت الكافي ليستوعبوا ما يقوله لهم.

ومما يعينك أيضاً على ضبط النفس إدراكك لعظم الأجر لمن ترك الجدال وإن كان محقاً، كما قال عليه الصلاة والسلام: (أنا زعيمٌ ببيتٍ في رَبَضِ الجنَّةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا) والمراء: الجدال. لأن في ترك الجدال حفاظاً على القلوب والنفوس مما قد يجرحها بسبب ما يصحب الجدال ربما من رفع صوت، والانتصار للنفس في مثل هذه المواطن.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، ويُيَسِّر لك هذا التغيير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

www.islamweb.net