عملي جيد ولكنه مرهق ويجعلني أقصر في عباداتي، فماذا أفعل؟
2025-09-15 01:16:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت أدعو الله كثيرًا أن يرزقني عملاً يعوّضني عن عملي السابق، ولا يُؤثر على عبادتي، وبعد فترة -الحمد لله- رزقني الله بعمل فيه مميزات عديدة، مثل وجود مديرة طيبة، وراتب جيد، لكن للأسف هناك صعوبات تُتعبني، منها أن مكان العمل بعيد جدًّا، مما يضيع وقتي ومالي في المواصلات، إضافةً إلى وجود بعض الأشخاص الذين أجد صعوبة في التعامل معهم.
أصبحت دائمًا مرهقة وغير مركزة في صلاتي، ولا أجد وقتًا كافيًا للعبادات ودراسة الدِّين، وفي الغالب لا أستيقظ لقيام الليل بسبب شدة التعب.
أشعر أنني لا أستطيع أن أضع نية خالصة كل يوم قبل الخروج من المنزل للعمل، ولا أجد وقتًا كافيًا للجلوس مع أسرتي، وأخاف أن يمضي عمري هباءً دون أن أغتنمه بما يُقربني من الجنة، وأتمنى أن أكون نافعةً للناس بما وهبني الله من علم، هذا الوضع يجعلني أشعر بالحزن والإجهاد بشكل يومي، وأتمنى الخلاص منه.
وسؤالي: هل أنا بذلك من الذين وصفهم الله تعالى باليائسين والقانطين، وأني غير شاكرة للنعمة التي بيدي، وغير مُقدِّرة لها، أم أن ما أشعر به أمر طبيعي بسبب الضغوط التي أمر بها؟
أعتذر إن كان قد أُرسل السؤال من قبل، لكن لم أتمكن من تأكيد استلامه لعدم وصولي للبريد الاكتروني.
شكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ه.س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب.
أولًا: نشكر لكِ تواصلك بالموقع وثقتك فيه.
ثانيًا: نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يُتمِّم عليكِ نعمه، ويُيَسِّر لكِ الخير، ويَزيدكِ هدىً وصلاحًا وتوفيقًا.
ثالثًا: لقد سررنا كثيرًا بما قرأناه في رسالتك وإخبارك عن فضل الله تعالى عليكِ.
وأمّا ما تجدينه من المنغصات الأخرى، فهذا أمرٌ طبيعي، جُبلتْ عليه الدنيا؛ فإن أحوالها لا تتم من جميع الوجوه، فقد جبلها الله تعالى على الكدر، والإنسان فيها لا بد أن يَجد بعض المعاناة، فهي إنْ طابتْ من وجهٍ كَدَّرتْ من وجهٍ آخر، فهي ليست دار الراحة، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - عن الراحة حين سُئل عنها: "الراحة في الجنة"، أما هذه الدار فهي كما وصفها الله تعالى بوصف الإنسان فيها: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}.
وما تجدينه من المعاناة، وما تشعرين به من الضيق بسبب تلك المعاناة، أو بسبب عدم قيامك بأحوال العبادات بالشكل الكامل التام، فهذا ممَّا تعذر عليكِ فيه، وليس داخلاً في وصفكِ باليأس والقنوط، فهذا الوصف الذي ذكرته وصفَ الله تعالى به الكافرين، حين قال -سبحانه وتعالى- في سورة فصلت: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ}، واليأس والقنوط وصفان يدلّان على قطع الرجاء في فضل الله تعالى ورحمته وتنفيسه، وقطع انتظار الخير من الله تعالى، وهذا الوصف لا يكون للمؤمن، كما قال الله تعالى في سورة يوسف: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ}.
فأنتِ في خيرٍ عميم -ولله الحمد والمنّة-، ولكن ينبغي أن تُذكّري نفسك دائمًا بمن هم أسوأ حالًا منك، فإن هذا أولًا: يُعزّيكِ، ويهون عليكِ المتاعب التي تجدينها، وثانيًا: يدفعكِ إلى شكر الله تعالى ومزيدٍ من الشكر، وتعريفٍ بالنعمة التي تعيشينها، وهذه وصية الرسول ﷺ حين قال: «لا تَنظُرُوا إِلَى مَن دُونَكُمْ، وَانظُرُوا إِلَى مَن فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَر أَلَّا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ».
فنسأل الله تعالى أن ييسر لكِ الخير، وأن يُعينكِ عليه، ونوصيكِ بكثرة الاستغفار، وكثرة الدعاء، فإنها من أعظم الأسباب التي تُهوِّن الصعاب، والإكثار من قول: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
نسألُ الله تعالى أن يُوفقكِ لكل خير.