أصبت بوسواس تفضيل علوم الدنيا على الآخرة، فهل أنا مشرك؟
2025-09-16 01:25:56 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب نجحت في الدراسة، وجاءتني الفرصة لاختيار توجهي الجامعي، وكانت الخيارات متنوعة؛ حيث أُتيح لي حرية الاختيار بين دراسة العلم الشرعي أو أحد علوم الدنيا.
اخترت أحد علوم الدنيا بهدف الحصول على وظيفة والعمل، علمًا بأن معظم علوم الدنيا في بلدي تتضمن اختلاطًا، مثل الطب والهندسة وغيرها، بينما تكاد علوم الشريعة تخلو من الاختلاط.
بعد هذا الاختيار، بدأت أشعر أنني فضّلت الدنيا على الآخرة، وأنني وقعت في الشرك، فهل يجب عليّ تغيير توجهي؟
وهل من الواجب أن أنصح أصدقائي بالتوجه نحو العلوم الشرعية وتغيير توجيههم؟ أشعر بتأنيب الضمير؛ لأنني نصحتهم سابقًا باختيار علوم الدنيا، وأرجو منكم الإجابة على سؤالي دون إحالتي إلى فتوى أخرى، فقد قرأت الكثير منها ولم أجد فيها ما يزيل حيرتي.
أنا أعيش في صراع داخلي بين الكفر وعدمه؛ لأنني أعاني من الوسواس، وإن كان فعلي شركًا، فهل يجب أن أترك المجال الذي أدرسه الآن، رغم أنني مضطر للاختلاط أثناء التعلم، أم أُكمل حتى أنال الشهادة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهنئك بطموحاتك المميزة، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وقد قرأت رسالتك، وإليك جوابي على النحو التالي:
أولاً: هذا الاختيار العلمي بين العلم الشرعي وبين العلوم الدنيوية المباح دراستها، وقد تكون واجبة يحتاج المسلمون لها؛ لأننا في بلداننا المسلمة في أمس الحاجة إلى الكفاءات في هذه المجالات العلمية، حتى يستغني المسلمون عن غيرهم في هذه المجالات العلمية: لابد أن تصحح هذا المفهوم الذي ذكرته أثناء الرسالة في كونك تخاف حينما اخترت أحد هذه المجالات العلمية أنك تخاف في وقوعك في الشرك؛ حيث أن هذا خطأ في الفهم؛ فالشرك إنما هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته وألوهيته، وليس اختيار مجال علمي ينير درب الإنسانية، وأما اختيار المجال العلمي، فهو كما قلت لك دائر بين المباح أو الوجوب حسب حاجة المسلمين إليه.
ثانيًا: بالطبع الدراسة في الجامعة التي ليس فيها اختلاط أولى من الدراسة في الجامعة التي فيها اختلاط؛ لأنه لا يخفى على المسلم أن الاختلاط شر مستطير وذريعة إلى الفساد، وسبب للفتنة، ومع ذلك أجاز العلماء الدراسة في الجامعات المختلطة إذا لم يكن هناك علوم تدرس في الجامعة التي ليس فيها اختلاط، أو كانت الدراسة فيها ضعيفة، وعلى الشاب المسلم في دراسته في الجامعة المختلطة أن يحافظ على نفسه، ويتقي مواضع التهم، مع غض البصر.
ثالثًا: كونك اخترت دراسة العلوم الدنيوية ليس معناه أنك فضلت الدنيا على الآخرة، فليس هذا الاختيار مقياساً لتفضيل الدنيا على الآخرة، أو وقوعك في الشرك، وبالتالي ليس عليك تغيير نوع الدراسة، بل استمر على ما اخترته من دراسة المجالات العلمية من أجل أن ينتفع الناس وتحصل به الكفاية في بلاد المسلمين.
رابعًا: ليس من الواجب عليك نصح أصدقائك بتغيير المجالات العلمية التي اختاروها بنصحك إياهم، ولا تحتاج إلى تأنيب ضميرك بسبب نصحك لاختيار المجالات العلمية، فهذه المجالات العلمية سواء كانت الدينية أو الدنيوية كلها علم نافع.
خامسًا: نصيحتي لك، اترك هذه الوسوسة، أعني كونك تظن أن هذه المجالات العلمية ودراستك أنها شرك، أو أن فيها تفضيل الدنيا على الآخرة، أو أن ضميرك يؤنبك لأنك نصحت أصدقاءك باختيار المجالات العلمية الدنيوية؛ كل ذلك صدقني محض وسوسة لا غير، وقد بينت لك المسألة برمتها، فأكمل دراستك الجامعية في المجال العلمي الذي اخترته، ولعل الله تعالى أن ينفع بك وبأصدقائك الأمة، ويستغني المسلمون في هذا المجال عن غير المسلمين، وكل هذه العلوم علوم نافعة تنفع الأمة، واذا تكررت هذه المسائل في ذهنك، أو شوشت عليك، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، مع المحافظة على أذكار الصباح والمساء.
وفي الأخير: أسال الله لك التوفيق والسداد في دراستك وحياتك، اللهم آمين.