قصرت في حق والدي حال حياته، فكيف أبره بعد وفاته؟
2025-09-16 02:13:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة، عمري 23 سنة، والداي منفصلان منذ أن كنت في السادسة من عمري، ومنذ ذلك الوقت لم يكن والدي يتواصل معنا إلا في المناسبات، وكان أخواتي الأكبر مني هم من يتصلون به، وكانت والدتي تجبرني على مكالمته بين الحين والآخر، وكنت أرفض، فنشأت دون أي علاقة به، وهو لم يكن مهتمًا، ولم يكن يرسل لنا أي مصاريف، والدتي وجدي هما من تولّيا تربيتي أنا وإخوتي.
عندما أصيب والدي بأزمة صحية أدت إلى شلل في نصف جسده، زارته والدتي وأخواتي، أما أنا فلم أهتم؛ إذ كانت علاقتنا قد انقطعت منذ سنوات طويلة، وعندما توفي قبل ثلاث سنوات، لم أذهب إلى دفنه، بل ذهبت أختي فقط، ولم أشعر حتى بالحزن، لأنه كان غريبًا عني.
فهل يُعدّ هذا عقوقًا مني لوالدي؟ وإذا كان كذلك، فكيف أكفّر عنه وأبرّ والدي بعد وفاته؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لكِ تواصلكِ بالموقع، كما نشكر لكِ حرصكِ على معرفة ما تَبرِّين به والدكِ بعد موته؛ وهذا توفيق من الله تعالى أن رزقكِ هذا الشعور، وحبَّب إليكِ هذا الباب بعد إعراضكِ عنه، وما سبق في حياتكِ -ابنتنا الكريمة- كان لا شكَّ تقصيرًا منكِ في حق والدكِ وعقوقًا له، ولكنَّ الله -سبحانه وتعالى- يَقبل التوبة ممَّن تاب.
ومن رحمةِ الله تعالى بكِ وفضله عليكِ أن وفَّقكِ لهذا السؤال، واتخاذ القرار للتراجع عن هذا السلوك الذي كنتِ عليه، فبادري ولا تتأخري، واستعيني بالله -سبحانه وتعالى- على أداء حق والدكِ عليكِ، فإن الوالد مهما أساء فإن حقوقه في البر والإحسان إليه لا تسقط، ولا يبرِّر لكِ تقصيره معكِ أن تُقصِّري أنتِ في حقوقه؛ فقد قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم وهو يتحدّث عن الوالدين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، وبيَّن -سبحانه وتعالى- أن حق الوالد في المصاحبة بالمعروف والإحسان، لا يسقط مهما أساء هذا الوالد إلى الولد، ولو كان يُجاهده ليكفر بالله فيكون من أصحاب النار المخلَّدين فيها.
فإذا قارنتِ هذه الإساءة المذكورة في الآية القرآنية بإساءة والدكِ؛ تبيَّن لكِ أن إساءة والدكِ ليست شيئًا يُذكر، ولهذا نحن ننصحكِ بالمبادرة والمسارعة إلى التوبة، والتوبة تعني:
- الندم على فعل المعصية.
- والعزم على عدم الرجوع إليه.
- مع الإقلاع عنه.
- وأداء الحق الذي عليك للعباد إذا كانت هناك حقوق للعباد.
فاستغفري الله تعالى من تقصيركِ في حق والدكِ، وحاولي أن تُحسني إليه بعد مماته، وقد بيَّن النبي ﷺ أنواعًا من البر بالوالد بعد موته، ومن ذلك:
- الدعاء له، فالدعاء والاستغفار له ينفعه، وهو شيء يسير وسهل عليكِ.
- ومن ذلك: التصدُّق عنه إذا قدرتِ على الصدقة عنه؛ فهذا إحسان وبرّ.
- ومن ذلك: صلة الرحم التي لا تُوصَل إلا به، يعني أقارب والدكِ وأرحامه، فتصلين أعمامكِ وعماتكِ وجدَّكِ وجدَّتكِ من جهة أبيكِ، إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة.
نسأل الله تعالى أن يُيَسِّر لكِ الخير، ويتولَّى عونكِ عليه.