تحجبت وواجهت مشاكل كثيرة ..فما نصيحتكم لي؟
2025-09-18 02:43:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا محجبة، وعندما تحجبت واجهت مشاكل كثيرة في تقبل غطاء فوق رقبتي؛ مما جعلني أتعب نفسيًا جدًا، ولم أعد أرغب حتى في الخروج أو مقابلة الناس للهروب من هذا الإحساس الذي يخنقني.
راودتني فكرة نزعه، والحفاظ فقط على اللباس المحتشم، ولكن أخيرًا توصلت إلى حل، وهو تغطية الرأس مع لبس شيء خفيف فوق الرقبة، ولكن في بعض المرات يظهر شيء من شعري ورقبتي.
وأنا الآن بين أمرين: نزعه، أو الحفاظ عليه مع بعض التقصير، فهل أعاقب على هذا التقصير؟
علمًا بأن هذا الأمر أقوى مني، ولقد اجتهدت ولم أستطع، ووجدت أن هذا الحل سيجعلني أحافظ على تغطية شعري، والله عز وجل يقول إن الحسنات يذهبن السيئات، فهل بعمل الحسنات الكثيرة يكفر الله عني هذا التقصير؟
أفيدوني بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لكِ تواصلكِ بالموقع، وحرصكِ على معرفة حدودِ الله تعالى، ومعرفة الحلال والحرام، وهذا من توفيق الله تعالى لكِ، فنسأل الله أن يزيدكِ خيرًا وهُدىً وصلاحًا.
ونحب أولًا أن نطمئنكِ -ابنتنا الكريمة- أن كل جُهدٍ تبذلينه في سبيل إرضاء ربك، وامتثال أمره، واجتناب نهيه، كلَّ جُهدٍ تبذلينه في هذا السبيل، وكلَّ مشقةٍ تتحملينها من أجل تحقيق هذا الهدف؛ فإنكِ تُثابين على ذلك ثوابًا عظيمًا، فهو جزءٌ من مجاهدة النفس، وتحمُّل المشاق، وهذا هو ميدان الاختبار والابتلاء في هذه الحياة الدنيا، فإن الله تعالى أخبرنا في كتابه أنه أوجدنا للابتلاء، فقال: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فأنتِ في اختبارٍ في هذه الحياة، وبقدر المشقة يكون الأجر، كما أخبر بذلك الرسول ﷺ: «أجرُك على قدرِ نَصَبِكِ»، واعلمي أن الله -سبحانه وتعالى- لا يُضِيع أجركِ، فإنه لا يضيع أجرَ من أحسن عملًا.
وهذا الشعور بأنكِ تسعين لإرضاء خالقكِ وربكِ الذي بيده سعادتكِ، هذا الشعور في حدِّ ذاته يدفعكِ نحو الصبر، وتحمُّل المشاق حينما تفعلين ما أمر الله، أو تجتنبين ما حرّم الله، فذكّري نفسكِ دائمًا بهذا الثواب، وأنكِ تجاهدين نفسكِ، وتتحملين المكاره في سبيل إرضاء الله، فإذا رضي الله تعالى عنكِ فقد فُتحت لكِ أبواب السعادة، فتُصبح الأمور التي يحبها الله سهلةً عليكِ، خفيفةً على نفسكِ.
جاهدي نفسكِ، واصبري على سلوك هذا الطريق، حتى تصلي إلى هذه الحالة، وستصلين -بإذن الله-، وقد وعد الله تعالى كل من جاهد نفسه بأن يهديه، ويشرح صدره لما يُطلب منه، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، فالله معكِ بتأييده ونصره وحفظه.
أمّا ما سألتِ عنه، فالجواب -أيتها البنت الكريمة-:
أولًا: لا يتعيّن ولا يُشترط أن تضعي على رقبتكِ شيئًا مُلاصقًا لها أثناء تغطيتكِ لها، فيمكنكِ أن تستعملي الأغطية الواسعة، إذا كان يؤذيكِ لفُّ شيءٍ على الرقبة، وإذا أمكن أن تَلُفّي شيئًا يستر لون البشرة، فهذا يكفي، فإنه ساتر، وليس بالضرورة أن يكون غليظًا زائدًا على ذلك، المهم أن يستر لون البشرة، وكذلك الشعر يجب عليكِ أن تستري شعركِ؛ لأنه من محاسن المرأة.
وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم المرأة بأن تضرب خمارًا على رأسها، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}، يعني أنهن يعرفن بأنهن عفيفات، فلا يطمع فيهن السّفلة، وساقطو الأخلاق، فيتعرضون لها بالإيذاء، {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}، وقد كانت نساء الصحابة يخرجن كأنهنّ الغِرْبان السُّود ممَّا يَلْبسنه من الحجاب.
فسدّدي، وقاربي، واعملي جهدك، ولكن إذا أصررتِ على أن تفعلي خلاف ما أمر الله -سبحانه وتعالى- فتكشفي شيئًا أمر الله تعالى بستره، فلا شك ولا ريب أن المفسدة تَقل حينما تُغطِّين البعض وتتركين البعض الآخر، لكنّا لا ننصحك بهذا، فإن هذا لا يعني أبدًا أنكِ سلمتِ من الإثم والمعصية، وسخطُ الله تعالى إذا حصل لا تقوم له وأمامه السماوات والأرض، لا تستطيع أن تقف أمامه المخلوقات العظيمة، فكيف بهذا الإنسان البسيط؟!
فتذكّري دائمًا العقاب؛ فإن تَذكُّركِ للثواب والعقاب يُشكلان أعظم الدوافع نحو امتثال الأمر، واجتناب النهي، والحسنات تُذهبُ السِّيئات كما أخبر الله تعالى بذلك في كتابه الكريم في سورة هود: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، لكن من أين يَثِق الإنسان بأن الحسنة التي فعلها قد وقعت موقع القَبول عند الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله تعالى يقبل العمل إذا استُكملتْ شروطه، كما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
فلا ينبغي للإنسان أن يركن إلى أن سيئاته قد كُفّرت ومُحيت بحسناته، فما أدراه أن هذه الحسنة قد قُبلت؟ فننصحكِ بأن تُجاهدي نفسكِ كما بدأنا الجواب، وأن تحملي نفسكِ حَملًا على مُراد الله تعالى، واستعيني بالله، واسأليه التيسير والتسهيل.
نسأل الله تعالى أن يُوفقكِ لكل خير.