تراودني خواطر بقلة نعم الله عليّ، فهل أنا على خطر؟
2025-09-18 02:51:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
تحضرني خواطر وتساؤلات عما إذا كنت أكره الخير للناس، أو أني أُكن الحقد أو الغل لخيرات الآخرين.
ربما أشعر بقلة نعم الله عليّ، ولكن عندما أكون بمفردي أستشعر نعم الله، وأحمده وأشكره، ولكنني أخاف من الاعتراض على عدل الله، أو أني أتهم الله عز وجل بالظلم، فمجرد الفكرة يقشعر لها جلدي، فهل هذه تحذيرات ورسائل من الله لأحذر؟
خصوصًا أنني لست على تواصل مع مشاعري كثيرًا، فتراودني خواطر مثل هذه كثيرًا، كما أنني أحب أن أدعو لمن حولي بالنعم، والفرج، والهداية، فهل هذه رسائل؟ وإذا كنت كذلك فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سندس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قرأت رسالتك، وحرصك على الخير، وحتى تطمئني أقول الآتي:
أولاً: خواطر النفس ليس لها حدود، وكوامن النفوس لا يعلم بها إلا الذي خلقها سبحانه وتعالى، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بأمر هو الحل في هذه الخواطر النفسية، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله وسلم-: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها، ما لم تعمل أو تتكلم به) أخرجه مسلم. فهذه الأمور التي تعتريك، وتخافين منها، هي أمور في طبيعة البشر، فالإنسان ضعيف، وما دامت هذه الخواطر لا تخرج عن حديث النفس فلا تضر، وينبغي قطعها ومدافعتها وعدم الاسترسال بها.
ثانيًا: ما دام الإنسان في خلوته يتفكر في نعم الله عليه فلا بأس، وإن جاءته هواجس حقد أو حسد للآخرين فلا تضره ما دامت في النفس، ولم تتجاوز إلى القول أو العمل؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ما خلا جسد من حسد، لكن الكريم يخفيه، واللئيم يظهره"، فما دامت هذه الأمور في النفس، ولم تتجاوز، فلا تضر -إن شاء الله-، وإنما إذا تجاوزت، وصار فيها عداوة وأقوال وأفعال تكون مضرةً في الدنيا والآخرة.
وما دمت تدعين الله تعالى بالخير لمن حولك من الآخرين، وتدعين لهم بالنعم والفرج والهداية، فهذا عنوان الخير فيك؛ فحب الخير للغير من صفات المؤمنين.
ثالثًا: مما يعالج الإنسان نفسه ألا يقارن بينه وبين الآخرين بالنعم؛ ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله وسلم-: (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) متفق عليه.
ومن الأدعية المهمة في هذا الباب:
ما جاء في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أذكار الصباح والمساء، وهو قوله: (اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر)، وكذلك في المساء: (اللهم ما أمسي بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر) أخرجه أبوداود. ففي هذا الذكر أو الدعاء إضافة النعم إلى الله سبحانه وتعالى، واعتراف الإنسان بنعم الله عز وجل عليه، يعالج هذه الأمور التي تكون في كوامن النفس، وكذلك أيضًا ما ورد عن النبي -صلى الله وسلم- في الأذكار، وهو قوله: (رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله وسلم- نبيًا ورسولاً) صحيح أبي داود.
أسأل الله تعالى أن يرزقكم الخير، وأن يوفقكم للخيرات، وأن يزيدكم من نعمه.