أعيش حياة صعبة مع عائلتي ووالدي يمنعني النقاب، فكيف أتصرف؟

2025-10-08 23:44:45 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم، وأرجو منكم توجيهي في مسألتي.

أنا –ولله الحمد– فتاة أحسب نفسي ملتزمة، وأحب الله ورسوله، ولا أحب أحدًا لا يحبّهما، وأرغب في ارتداء النقاب، إيمانًا بوجوبه، وإدراكًا للفتنة التي قد أجلبها، وقبل ذلك كله إخلاصًا لله سبحانه وتعالى.

أعيش حياةً صعبة أقرب إلى الجحيم مع والديّ؛ فأبي يرفض ارتدائي للنقاب، ويمنعني منه، وأنا أعمل معلِّمة، وأملك ما يكفيني من المال، فأصرف على نفسي دون أن أُكلّف أحدًا شيئًا من احتياجاتي.

أسعى إلى الزواج، وأسأل الله دائمًا أن يرزقني زوجًا صالحًا، ومع ذلك لا أحد من محارمي يساعدني في ذلك، ولا يبحث لي عن زوج، وأعلم يقينًا أن النفع بما كتبه الله لي.

وبالعودة إلى جوهر الموضوع، أسألكم الدعاء لي بالعافية، فقد كانت أمي طوال حياتي تُعاملني بمحبةٍ وعطفٍ مشروط، ولم تعتذر يومًا عمّا سبّبته لي من ألم، وكثيرًا ما تتقمّص دور الضحية والمريضة نفسيًّا، وتُظهر اهتمامًا ظاهريًّا حين أمرض، خاصةً في المراحل النفسية المتقدمة.

لم أسمع منها يومًا منذ صغري كلمة رجاء، والله يشهد على ما أقول، وكنت دائمًا أعطف عليها، وأُحسن إليها، وأتقرّب منها، وأحبّها، وأبذل جهدًا كبيرًا للتودد إليها، لكن كل ما ألقاه منها هو النفور والابتعاد، وكأنها لا تطيقني.

كلما فعلتُ ما تريده تفرح، وكلما خالفتها تغضب غضبًا شديدًا، وتعنّفني عنفًا لفظيًّا وجسديًّا، وقد استمرّ ذلك منذ طفولتي وحتى سنّ السادسة عشرة، أمّا الآن فلا يحدث هذا طبعًا، إذ أصبحتُ فارغة المشاعر تجاهها، وأضع حدودًا صارمة في التعامل معها.

أما جدّتي (أمّها)؛ فقد كانت دائمًا تُفسد العلاقة بيننا؛ ففي كل مرة تأتي تفتعل المصائب، ولم يكن ذلك بيني وبين أمي فقط، بل بينها وبين خالاتي وبناتهنّ أيضًا، ولا تفعل ذلك مع الذكور إلّا نادرًا، إذ تفتعل المشكلات، وتُفسد ولا تُصلح، وتوقع بين خالاتي الفتن دائمًا.

أمّا والدي؛ فيُعدّ حالةً خاصة أخرى؛ فقد تسبّب في مرضنا جميعًا، وأكثر ما أكرهه في نفسي، هو شعوري بالتعاطف معهما رغم إساءتهما المتكررة، لا أدري إن كان هذا يعود إلى حالةٍ نفسية، وبالرغم من الأذى المستمرّ ما زلتُ أشفق عليهما، وربما يعود السبب إلى أن والدي (في نظري) أفضل من والدتي؛ فهو على الأقل يعتذر إذا أخطأ، ومع ذلك كلاهما يمنعانني من ارتداء النقاب؛ بحجة أن ذلك لا يكون إلّا بعد الزواج.

وعندي مشكلة أخرى، وهي أنني أعاني من التبوّل اللاإرادي الليلي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهاد .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على الخير، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا وثباتًا، وأسعدنا أنك تعطفين على الوالدة، وتتقربين إليها، وتحبينها، وتحاولين التقرب منها، وهذا هو المطلوب شرعًا، إذا فعلت هذا فقد أديت ما عليك، واستمري على هذا، فإنك تؤجرين على هذا.

أمَّا ما يحدث من الوالدة من أذى؛ فهذا أيضًا فيه زيادة الحسنات، وإذا لم يصبر الإنسان على أُمِّه، ولم يصبر على أبيه، فعلى من يكون الصبر؟! إذا لم يصبر الإنسان على جده والجدة فعلى من يكون الصبر؟!

ولذلك أنت في خير طالما قمت بما عليك من الناحية الشرعية، ولا تلتفتي لهذا الذي يحدث من غضب الوالدة أو إساءتها لك، أو إنكارها لما قمت به من جمائل وأعمال طيبة؛ هذا لا يضرك؛ لأن البر عبادة لرب البرية، هو الذي يجازي عليها، وهو الذي يحاسب على التقصير فيها.

وبالتالي لك أن تستبشري بقول الله بعد آيات البر: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}، قال العلماء: هذه الآية نزلت في حق من تقوم بحق والديها، والوالد ينكر، والوالدة تنكر، تقابل بالإساءة منهما، فلا يضرها ذلك، فبرّها بوالدها ووالدتها يرضي ربها، وصبرها على جدِّها أو جدتها يرضي ربها؛ لأن الجد والجدة هم آباء، وهم أيضًا بحاجة إلى هذا البر، وإلى هذا الصبر.

أمَّا حرصك على الإحسان رغم إساءتهما؛ فلا تستغربي منه؛ فهذا هو المطلوب شرعًا، وهذا هو الذي ينبغي أن تقومي به، فلا تردي الإساءة بمثلها، ولا تُقصّري في حقهما، واحتسبي الأجر والثواب عند الله -تبارك وتعالى-، واحرصي دائمًا على الالتزام بآداب وقواعد الشرع، الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به، من ارتداء للنقاب أو غير ذلك.

واحرصي دائمًا على استدعاء الوسائل التي تقنعهما، كأن يتكلم الدعاة، وأئمة المساجد، كأن تصادقي الصالحات والمنتقبات، كل هذا له أثر كبير، المهم أنت في مجاهدة، وأنت مأجورة على كل ما ذكرت، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يضع في طريقك من يعينك على الطاعة، وعلى الالتزام الكامل بآداب وأحكام هذا الشرع الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به.

لا تتأثري نفسيًا من غضبهما، طالما أنت قمت بما عليك، ولا تتأثري من كلامهما، وأكثري من ذكر الله -تبارك وتعالى-، وتفادي مكائد الجدة، ومكائد كل إنسان، وتوكلي على الله -تبارك وتعالى- واستعيني به، واشغلي نفسك بالتلاوة، والذكر، والإنابة، وأكرر دعوتي لك بأن تستمري على هذا النهج في الإحسان إليهما، والصبر عليهما، والتجاوز عنهما، ولا تقفي طويلًا أمام الإساءة.

من الواضح أن الإساءة موجودة مع كل الأطراف، فكوني أنت النموذج الذي يتحمل، والحمد لله أنت وصلتِ إلى عُمرٍ ووضعٍ طيب، فعندك وظيفة ومال، وحاجتك قلّت عن الآخرين، فاستفيدي من ذلك، وأكثري من اللجوء إلى الله، وقومي بما عليك، ولا تقابلي إساءتهما بالإساءة، ولكن بالتي هي أحسن، واعلمي أن الإنسان لا يتعامل مع والديه أو جده أو جدته كأنه يتعامل مع زميل أو زميلة؛ إنما يتعامل معهما بالإحسان والصبر، والقيام بما عليه وإن قصرا.

نسأل الله أن يعينك على الخير، أنت على خير كبير، استمري على ما أنت عليه، وابحثي عن العلاج لهذا الظرف الصحي، التبول اللا إرادي الليلي، واستشيري الأطباء، تواصلي معهم -كالطبيبات-، اعرفي أسباب وعلاج هذا المشكلة.

كذلك أيضًا لا بد أن تعلمي أن هذا له علاقة بالناحية النفسية؛ فإذا استقرت الناحية النفسية، وتحقق لك القرار والطمأنينة، واطمئننت أنك على خير، وأنك في جنب الله، ومن كان في جنب الله كان على خير، وأن الله لا يؤاخذك بغضبهما أو كلامهما أو إساءتهما؛ فكل هذا مما يهون عليك، وإذا ارتحت نفسيًا تغيرت حتى الظروف الصحية.

أمَّا موضوع التبول اللاإرادي؛ فنحيلك على الاستشارة رقم: (429001).

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net