أهلي يؤذونني نفسياً، وأفكر في ترك البيت

2025-10-09 02:25:57 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم

مشكلتي مع أهلي، فوالدتي ووالدي دائمًا في خلافات مستمرة، ووالدي يترك البيت ويعيش بمفرده لأشهر، بعيدًا عنا، دون أن يوفر لنا الطعام أو المصاريف، ولا يدفع إيجار البيت، نفسيتي تعبت جدًا من هذا الوضع، والله يعلم ما أعانيه، ووالدتي دائمًا تُحمّلنا المسؤولية، وتجلس تشتم وتسبّ في الدين، وتقول: "ربنا الذي خلقكم ليس مكفيكم"، وتكرر السباب بشكل مؤلم.

أريد أن أوضح نقطة مهمة: والدتي تعتمد على القروض في كل أمور البيت، ولا شيء يكتمل بخير، على سبيل المثال: أخذت قرضًا لأجلي كي ألتحق بكلية، لكنني رسبت فيها، وأخذت قرضًا لأختي من أجل زواجها، لكنها تطلقت بعدها.

أنا الآن تحت ضغط نفسي كبير بسبب كل ما يحدث، وقد حاولت الانتحار أكثر من مرة، لكنني دائمًا أتذكر الله وأتراجع، والآن أفكر جديًا في ترك البيت والعيش بعيدًا عنهم؛ لأن بقائي معهم يؤذيني نفسيًا بشكل كبير، وأنا حقًا تعبت.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وبعد:

فلا يخفاك أن الدنيا دار ابتلاء، وما من عبد إلا ويُختبر في نفسه وأهله وماله، ليظهر صبره، وصدق توكّله على ربّه، لذا فاعلم أنّ ما تجده من ضيق النفس، وكثرة الهمّ، ليس دليلاً على بُعد الله عنك، إن أحسنت في طاعته، بل هو باب صبرٍ وأجرٍ عظيم إذا احتسبت.

ثم اعلم -رعاك الله- أنّ محبة الأهل فطرة أودعها الله في القلوب، مهما أخطؤوا أو قسوا أو ظلموا، تبقى الرحم لا تقطع، وبرّ الوالدين لا يسقط، فقد أمر الله بهما إحساناً، وذكره بعد عبادته، فقال سبحانه: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" وقد أحسن والداك إليك صغيرًا وربّياك، وتحملوا لأجلك أعباء الحياة، حتى لجؤوا إلى القروض -وإن كنّا نقول بحرمتها شرعًا- إلا أنّهم فعلوا ذلك عن حرصٍ عليك، ورغبة في أن تُتمّ تعليمك وتنهض بحياتك، فهذا في حدّ ذاته دليل على حبّهم وحرصهم، وإن أخطؤوا الطريق.

لذا وجب عليك البحث عن سُبل البرّ، ولو بالكلمة الطيبة، والدعاء لهما بظهر الغيب، وخفض الجناح لهما، وتحمل ما استطعت من أذاهما برفق وصبر، ثم نقول لك بعض الكلمات، التي يجب أن تكون حقائق ماثلة، قبل اتخاذ أي قرار:

- أبوك بغيابه المتكرر يخلّف فراغًا ماديًا ومعنويًا، وأنت بعمر 19 سنة، والواجب عليك مساندة والدتك، لا الهروب والتخلي عن المسؤولة.
- أمك، لأنها تقوم بالمسؤولية وحدها، أصبح لديها هذا الطبع الحاد، واعتمدت على القروض من اجلكم، فزاد الضغط.


هنا تبرز مسؤوليتك الكبرى: أن تكون باراً بوالدتك، وضع نفسه مكانها، وتخيل حجم المعاناة التي تعيشها والدتك، حاول ما تستطيعه لمساعدتها، والنهوض معها بالبيت، فهي ترى أن الجميع تخلى عنها، وأنت لا تعرف ما تعيشه من ضغوط وصعوبات، فهي تعيش الآن من أجلكم، فلا تقلل من تضحياتها، وتفكر في نفسك فقط، فكر كيف تعينها، وتخفف من الضغط الذي تعيشه.

- خطوات عملية متزنة:
- تواصل مع جهة دعم نفسي، أو شخص تثق به، لتفرغ الضغط وتستعيد اتزانك.
- ابحث عن عمل ولو جزئي، وباب بر ومساعدة لوالدتك.
- اجعل البرّ بالكلمة الطيبة، والدعاء، وقضاء بعض الحوائج، لا بأن تدمّر نفسك بنفسك.
- اجعل لك وردًا من الدعاء لهما ولك، فالقلوب بين أصابع الرحمن، ورب دعوة منك تغيّر حال البيت بأسره.
- ابحث عن رفقة صالحة مأمونة.
- اجتهد في التعرف على شيخ مسجد عالم، واستشره.

بهذه الطرق تخط سبيلاً إلى الخروج من الأزمة، واحذر -أخي- من مجرد الحديث عن الانتحار، فإن هذا خسارة الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

www.islamweb.net