مكتئبة ومضطربة نفسيًا ولا أستطيع أن أنال رضا والدتي!
2025-10-12 01:11:26 | إسلام ويب
السؤال:
أنا الفتاة الصغرى في عائلتي المكوّنة من تسعة أفراد، وجميع إخوتي مغتربون باستثناء أخوين متزوجين، أعيش وحيدة مع والديّ الكبيرين في السن، وكلاهما يعاني من مشاكل صحية عديدة.
والدتي من حرصها الشديد عليّ، تستمر في انتقاد كل ما أفعله، وحتى شكلي، بهدف التحسين كما تقول، لكن الأمر يؤذيني كثيرًا، أحاول الصبر رغبةً في برّها، إلا إنني أقصّر في أداء الواجبات المنزلية بسبب تعبي وعدم قدرتي، مما يسبب لها أزمة نفسية تصل أحيانًا إلى البكاء.
تعاني والدتي من مشاكل في الأعصاب والتوتر، وغالبًا ما تصرخ عليّ أو توبّخني، وقد بدأت أشعر بالعجز، إلى أن استشرت عيادة نفسية، وشُخّصت بالاكتئاب وعدة اضطرابات نفسية متعلقة بالضغط، لا أستطيع إخبارها بذلك، ولا أقدر على تنفيذ معظم ما تطلبه مني، وأشعر أنني دخلت في دائرة العقوق؛ لأن معظم كلامها عني شكوى، رغم أنها توفر لي الكثير من احتياجاتي، حتى على حساب نفسها.
أشعر بالذنب دائمًا، ولا أريد أن أكون عاقة، لكنها صعبة الإرضاء، ووالدي غالبًا صامت ولا يتحدث كثيرًا، تحزن والدتي كثيرًا بسببي، وأحزن جدًا لحزنها، وأخشى أنني دخلت في سلسلة من الذنوب المتعلقة برضا الوالدين بسبب هذا الوضع، فما الذي يمكنني فعله؟ علمًا أنني أشعر بالعجز الحقيقي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: أنت على ثغر عظيم، حيث تشرفت بخدمة والديك الغاليين عليك، وبالطبع الغالب على الآباء والأمهات في كبر سنهما أن تهجم الأمراض عليهما ويقل صبرهما، فلا بد من تقدير هذا الظرف، لا سيما ما ذكرته عن أمك، في كونها شديدة الانتقاد لك والتوبيخ، مع اهتمامها بك، والغالب على الوالدين الاهتمام بأصغر الأولاد، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ويسمى العنقود الأخير، فاشكري لها اهتمامها بك، وإحسانها إليك، واغفري لها شدة الانتقاد والتوبيخ، واعذريها في ذلك لكبر سنها ومرضها، فقد ذكرت أن الوالدة تعاني من مشاكل عديدة، لا سيما المشاكل الصحية المتعلقة بالأعصاب، والتوتر، شفاها الله، ورحم الله حالها وضعفها.
ثانيًا: الأخت الفاضلة والبنت الصالحة، نصيحتي لك، اصبري على مشاكل الوالدين عمومًا، والأم خاصة، تنالين الخير العظيم، فلقد أوصى الله تعالى بالوالدين، فقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا)، وقال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن)، وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(سألت رسول الله صلى الله وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله، قال ثم أي؟ قال بر الوالدين) متفق عليه، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك) متفق عليه.
وقد حذرنا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من العقوق، وخاصة الأم، ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى وسلم:(إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات) متفق عليه، وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله وسلم: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، فحاولي إرضاء الوالدين، وخاصة أمك، وقومي على خدمتها، ولك الأجر العظيم، ولعل الله تعالى أن يرضى عنك في الدنيا والآخرة بسبب رضا الوالدين عنك، ولا تكوني سببًا في حزن الوالدين، وعليك بالبر ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولو تعبت في أداء الواجبات المنزلية، لعل الله تعالى أن يسعدك في الدنيا والآخرة، بسبب خدمتك لوالديك كبار السن.
وحاولي الاجتهاد في خدمة البيت، حتى لا يؤدي ذلك إلى بكاء الأم، فالأم أغلى شيء في الحياة، ولن يعرف الإنسان قيمة الأم إلا إذا فقدها، فهناك يتحسر الإنسان على فقدان الأم الغالية، فحفظ الله لك الوالدين، وجعلك سببًا في إسعادهما، وأنت ما دمت قائمة بخدمة الوالدين وخدمة البيت، فلا يلحقك أي إثم، ولو قصرت، ما دمت تبذلين قصارى جهدك، ولن يضيع الله أجرك.
وفي الأخير أسال الله لك العون والسداد في خدمة الوالدين، والتوفيق في حياتك، اللهم آمين.