أفكار تشاؤمية متسلطة تسبب لي الحزن والغضب، كيف أقاومها؟
2025-10-13 03:03:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرًا.
تأتيني أفكار خبيثة وسيئة ومتسلطة، وكأنها حقائق، وتبقى عالقة في الرأس، وأشعر بغضب وحزن وقلق حين الاسترسال معها، مثلًا: بعدما مسحت أشياء كنت حَمَلتُها سنين مضت، وكانت سيئة، مثل: صور مغنيين على الحاسوب، والحمد لله الذي هداني بعد تلك السنوات، وقد كنت تركت تلك الصور ولم أمسحها حتى مرت عليها السنون، بدأت تأتيني أفكار مستحوذة كأنني سأموت بعدما مسحت هذه الصور، والعلاقة بين الموت ومسح الصور، هو أنني حين مسحت الصور لم يبق أي شيء سيئ في الحاسوب، لم أعرف كيف أشرح هذه الفكرة، ولكن كأنني سأموت -والحمد لله- لم يبق لدي أي خلفية سيئة، وأنا لا أطيق -بفضل الله- هذه الأفكار، ولكن استرسالي معها لكي أؤكد لنفسي أن هذه مجرد أفكار خبيثة.
أمر مُتعب نفسيًا، ويؤلمني حتى في صدري ورأسي، وأشعر بغضب شديد وحزن وقلق في كل مرة تأتيني؛ لأنني ضَجِرتُ من هذه الأفكار، ومع ذلك -الحمد لله- عندما أتذكر أن الله دائمًا معنا، تَسْكُنُ عني قليلًا هذه الأفكار.
أريد نصائح من ناحية هذه الأفكار، وأظن أن هذه المشكلة من الفكرة التي زُرعت في مخي، وهي: أنه قد يكون هناك تلميحات قبل وقوع شيء في المستقبل (أنا أعلم أن لا يعلم الغيب إلا الله، وهي فقط فكرة مصادفة)، مثل: شخص عانق شخصًا بشدة، وبعدها مات ذلك الشخص، فيكون مثل "وداع" لذلك الشخص؛ وهذا يجعلنا نفكر تفكيرًا شيطانيًا خبيثًا: هل إذا سلمنا على شخص أو اشتقنا لرؤيته، هل سنموت بعدها أو تقع مصيبة؟!
أنا أعلم أن هذا فكر وسواسي خبيث وتَطَيُّر، ولكنه كثيرًا ما يأتيني، وأحاول جاهدة أن أتجاهله؛ كي لا أكون قد وافقته، حيث أشعر بأنها حقائق لا أفكار، ولكن أتألم بشدة، وكأنني سأفقد وعيي! فمثلًا كنت متكئة في وضعية أضع يدي فيها بطريقة متوازنة، وأتتني أفكار بكونها وضعية شخص مات، وبقي رافعاً يديه (الله يجعلنا من أحسن الناس الذين طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم)، وبعدها وضعت يدي، هل يعتبر تَطَيُّرًا؟
عندما أحاول عدم الاسترسال مع هذه الأفكار، أشعر كأنها تُصبح عندي مكبوتة في داخلي، وأيضًا لدي غضب شديد في صدري من تراكمات مشاعر الغضب، التي كانت تأتيني منذ صغري إلى الآن، فأنا الآن أغضب بسرعة شديدة، ولا أتحكم كثيرًا في غضبي، وإن حاولت فيكون مؤلمًا لي، كأن طاقة بقيت في رأسي وجسدي!
وشكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أختي الفاضلة، هناك أمران ربما واضحان في سؤالك:
الأمر الأول: أنه من المحتمل كثيرًا أنك تعانين من (الوسواس القهري)، والذي يأتي بشكل أفكارٍ ملحّة مثل: "يجب عليك أن تفعلي كذا وكذا، وإلَّا سيحدث كذا وكذا"، كأن يرد في ذهنك مثلًا: "عليك أن تتخلي عن هذه الأفكار أو تمسحي هذه الصور وإلَّا سيموت أحد"، ومثل هذه الفكرة عادةً (فكرة قهرية وسواسية)، يعلم الإنسان المصاب أنها غير منطقية وغير معقولة، إلَّا أنه لا يستطيع أن يصرفها عن نفسه.
فإذا كان هذا هو الحال؛ فالأمر يحتاج إلى علاج، سواء كان علاجًا نفسيًا، عن طريق الجلسات العلاجية كـالعلاج المعرفي السلوكي، أو علاجًا دوائيًا، وهذا يتطلب مراجعة العيادة النفسية.
الأمر الثاني: الذي يبدو واضحًا في سؤالك أيضًا هو كمية الشعور بالغضب والحزن والانفعال، ومن المفيد أن نتذكر أن التوتر والغضب الشديد، من أكثر المشاعر التي تُرهق الشباب، وخاصةً وأنت في التاسعة عشرة من عمرك، وهناك مراحل يمكنك اتباعها لتغيِّري من هذا التوتر والميل إلى الغضب:
أولًا: الوعي بما تشعرين به: وهذا واضح أنه موجود لديك طالما كتبت لنا هذا السؤال، ويُقال عادة: (ما لا يُدرك لا يمكن تغييره)، ففهمك لمشاعر الغضب والتوتر أمرٌ مفيد، متذكّرة أن الغضب والتوتر ليسا العدوّ، بل هما إشارتان من الجسم والعقل، بأن هناك ربما حاجة لم تتم تلبيتها، أو شعورًا لم تُعبّري عنه، وهنا يفيد أن تلاحظي المواقف التي تزيدك غضبًا وتوترًا، وتحاولي أن تتعرّفي العلامات الجسدية التي تُشير إلى غضبك وتوترك، كتسرُّع نبضات القلب، أو ضيق التنفس، أو توتّر عضلات الرقبة.
ثانيًا: فهم الأفكار التي تقف وراء هذا الغضب والانفعال: نحن نقول عادة في الصحة النفسية: (ليست المواقف هي التي تُغضبنا، بل تفسيراتنا لها)، فمثلًا قد يعتقد الإنسان أو يحمل فكرًا يسبّب غضبه، منها مثلًا: "الناس يجب أن يُعاملوني دائمًا بعدل"، أو "إذا لم أتحدث بصوت مرتفع فلن يحترمني أحد"، مثل هذه الأفكار -أختي الفاضلة- يمكن أن تُولِّد انفعالًا وغضبًا، والبديل عنها شيء إيجابي بأنه مثلًا: "نعم يمكنني أن أُعبّر عن نفسي دون أن أرفع صوتي".
الأمر الثالث، وهو أمر هام: تنظيم الجسد والحالة العاطفية التي تشعرين بها فسيولوجيًّا: وهذا يمكنك القيام به من خلال:
• تمارين التنفّس: خذي شهيقًا لمدة أربع ثوانٍ، احبسي النفس لمدة ثانيتين، ثم أخرجي زفيرًا طويلًا على مدى ست ثوانٍ.
• تمارين استرخاء العضلات، أو المشي، أو ممارسة أنواعٍ مختلفة من الرياضة.
• ينبغي اتباع نمط حياة صحي، يشمل نومًا كافيًا ومنظّمًا، وغذاءً متوازنًا، مع تجنّب المنبّهات كالكافيين في القهوة وغيرها.
• الحرص على النشاط البدني اليومي، ووجود وقتٍ للراحة والتأمل والاسترخاء.
• ولا تنسي أهمية الصداقات الاجتماعية، فالإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي.
إذا استطعت -أختي الفاضلة- القيام بكل هذا بنفسك فنعمّا بها، وإلَّا -وخاصةً مع وجود احتمال الوسواس القهري- أنصحك بمراجعة العيادة النفسية؛ ليؤكد الطبيب التشخيص أو ينفيه، ثم يضع معك الخطة العلاجية المناسبة، بغضّ النظر عن نوع العلاج.
أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والسلامة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.