إخوتي عاقون جداً بأمي، فكيف أوجههم ليكونوا بارين بها؟

2025-10-19 23:07:54 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لو سمحتم، أريد رأيكم في مشكلتنا، والدي كان لا يصلي، وكان يسب الدين، وتوفي من قريب، والآن إخوتي عاقُّون جدًّا بأمي، ويثيرون معها الكثير من المشاكل، وهي متعبة نفسيًا بسببهم، فهل عقوق إخوتي لأمي، سببه أن والدنا توفي على معصية، ولم يربِهم على الالتزام بالصلاة؟ وما هو حل مشكلة العقوق للأم؟ وكيف أوجه إخوتي ليكونوا بارين بها؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكُر لك حرصك على أداء حقّ أمّك، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسألُ الله تعالى أن يُجري الخير على يديك لأخواتك ولأُمّك، ولا شكّ -أيتها الأخت الكريمة- أنّ التربية لها أثرٌ عظيمٌ في سلوك الإنسان، كما قال الشاعر:
وينشأُ ناشئُ الفتيان فينا *** على ما كان عوّدهُ أبوهُ

والتربية ليست إلا تعويدًا وتلقينًا، أي أن نُلقّن الإنسان المعلومات الصحيحة، وأن نُعوّده على السلوك السليم، فيتعود الإنسان ما عوّده عليه أهلُه؛ ولهذا أمرنا اللهُ تعالى بأن نأمر أبناءنا بالصلاة، ونُربّيهم عليها حتى يعتادوها، والفقهاءُ يقولون: وهكذا باقي الفرائض، فإهمالُ تربية الأبناء والبنات يؤدي -في كثيرٍ من الحالات- إلى وقوع هؤلاء الأبناء والبنات في أنواعٍ من المعاصي، وأشكال عديدة من التقصير في حقّ الله تعالى وحقّ العباد، ولكن هذا لا يعني أنّه لا يمكنُ التغيير، بل يمكن الإصلاح ولو كان إصلاحًا جزئيًّا.

ولهذا نحن نؤكّد صحّة توجُّهك في محاولات تغيير سلوك إخوتك نحو أمِّهنَّ، والباعث الأول على فعل ذلك هو خوف الله تعالى؛ فينبغي أن تكوني حريصةً على أن تُذكّريهُم بالله تعالى، فاستعملي كل ما يمكنك استعمالُه من أدوات للوعظ والتذكير، ﴿فإنّ الذّكْرى تنْفعُ الْمُؤْمنين﴾ [الذاريات: 55] والموعظة قد تفعل في القلب ما لا يفعله غيرُها، فحاولي بلُطف ولين أن تُوصلي المواعظ النافعة إلى إخوتك، وإسْماعِهِم هذه المواعظ، التي تُذكّرُ بالنار وما فيها من شديد العذاب، وبالجنة وما فيها من عظيم النعيم، المواعظ التي تُذكّرُ الإنسان بالوقوف بين يدي الله تعالى للحساب والجزاء، وأهوال يوم القيامة وشدائدها، وأحوال الإنسان في القبر وما يُنجيه من عذاب القبر، فهذه المواعظُ من شأنها وطبيعتها أن تُحيي في القلب الخوف من الله تعالى، وإذا زُرع الخوف في القلب سهل على النفس الارتداع عن فعل المعاصي والسيئات.

فهذه أوّل الوسائل التي ينبغي أن تستعمليها مع إخوتك، ولا تيأسي أبدًا، ولا تنظري إلى أنَّ الطريق طويل، وأنَّ الثمار لم تحصل، فقلوبُ العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يُقلّبُها كيف يشاء، وربما لم تكن الثمرة عاجلةً، ولكنها ستحصل في المستقبل.

ومن المواعظ التي ينبغي أن تسمعها هؤلاء الإخوة: حقُّ الأمّ، وأنّ الله -سبحانه وتعالى- لا يُسامح في حقّ الوالدين ولو كانا كافرين، فقد قال اللهُ تعالى: ﴿وإنْ جاهداك على أنْ تُشْرك بي ما ليْس لك به علْمٌ فلا تُطعْهُما وصاحبْهُما في الدُّنْيا معْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فأمر -سبحانه وتعالى- بمصاحبة الوالد بالمعروف، وإن كان كافرًا يجاهد ولده على الكفر، فكيف بالوالد والأم المسلِمَيْن؟!

حاولي أن تُقيمي علاقات أُسريّةً مع أُسرٍ فيها بنات ونساء بارَّات؛ فإنّ الإنسان يتأثّرُ بمن يُجالسُه ويُصاحبُه، فالطبع الإنساني مجبول على التأثُّر بمن حوله؛ ولذلك يقولُ الحكماءُ: "الصاحبُ ساحب، والطبعُ سرّاق".

نسألُ الله -سبحانه وتعالى- أن يُجري الخير على يديك، وأن يُصلحك ويُصلح إخوتك، ويرزقكم بِرَّ أُمّكُم.

www.islamweb.net