يدرسني رجل في الجامعة فكيف أضع حداً معه في التعامل؟

2025-10-21 00:54:48 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

غيّرت مجال التمريض، والتحقت بمدرسة أخرى تُدرّس المحاسبة، وإدارة الأعمال، وذلك بعد الاستخارة، وبفضل الله تيسرت الأمور، وقبلوني بالنقاب، بل وسمحوا لي بأداء الصلوات في أوقاتها دون أي عائق، وكانت معاملتهم معي جيدة جدًا -بفضل الله-، وكلّ شيء جيد في المدرسة؛ زملائي في القسم كلهم محترمون، وكلنا فتيات، ولكن معنا زميل واحد، والمدرسات نساء أيضًا، إلا رجلاً واحدًا، والجميع منضبط، ولكن هناك مشكلتان أواجههما:

المشكلة الأولى: المدرسون يمدحونني بكثرة حول مستواي الدراسي، وهذا أمر يزعجني؛ لأنني والله أخاف أن أقع في العجب، أو الكبر، وكلما بدؤوا في مدحي أقول في نفسي: (اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، يا رب ما بي من نعمة فمنك)، وأذكّر نفسي بأن هناك من هو أذكى مني، وأفضل مني، وأبقى أجاهد نفسي والخواطر التي تأتيني حينها، كما أني أشعر بالإحراج من زملائي، إذ قد يشعرون بالنقص أو التمييز، جراء هذا المدح المبالغ فيه، فكيف أجعلهم يتوقفون عن هذا؟

المشكلة الثانية: مع المدرّس (الرجل):
فرغم حرصي على الالتزام بالضوابط الشرعية في تعاملي معه: من عدم الخلوة، وعدم الخضوع بالقول، والتزام الحجاب، وعدم التحدث في غير ضرورة، وغض البصر، إلا أنني أشعر بوجود بعض التجاوزات، فهو يمدحني كثيرًا أيضًا كباقي المدرسات، ويسألني أسئلةً غير ضرورية، مثل: هل عندك أخوات؟ هل هن منتقبات أيضًا؟ هل ارتديت النقاب بقرار شخصي؟ وهذا كله أمام الجميع، دون خلوة، وقد يمازحنا في الفصل، والذي يحزنني أني أجد نفسي أضحك لمزحته، وأجيبه على أسئلته -أجيب على قدر السؤال-، وأناقشه فيما يخص الدرس، ولكن أستوعب متأخرًا على ما فعلت، فأندم، وأشعر أني تجاوزت الحد في التعامل بيننا، ولم أكن حازمةً.

في بعض الأحيان تأتيني خواطر شيطانية بأنه معجب بي، وأنه يختلس النظر إلي، وغير ذلك، فأحاول دفع هذه الخواطر، وأقنع تفسي أن هذا غير صحيح، وأنه مجرد وهم، وقررت أن أضع حدًا معه، ولكن لا أعرف كيف؟ سأجد نفسي أتعامل معه بطريقة أو بأخرى، مهما اجتنبت ذلك، ماذا أفعل؟ هل أنقطع عن الدراسة للمحافظة على ديني، وأبتعد عن الفتن؟ أم بماذا تنصحونني؟

ما يهمّني هو أن لا أخسر علاقتي بربي، أو أعصيه، انصحوني من هذا المنطلق -بارك الله فيكم-، والباقي لا أبالي إن خسرته طالما أن الله راضٍ عني.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة،: أسأل الله أن يبارك لك في حياتك، ودراستك، وأن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، وأن يثبتك على الحق، ويعينك على طاعته، لقد طرحتِ مشكلتين مهمتين، وسأحاول أن أتناول كل واحدة منهما بتفصيل، مع تقديم نصائح عملية مستمدة من تعاليم الإسلام ومبادئه.

المشكلة الأولى: المدح المبالغ فيه، وتأثيره عليك وعلى زميلاتك:
1. التواضع من أعظم صفات المؤمن، وقد قال النبي ﷺ: "من تواضع لله رفعه الله" [رواه مسلم]، كما أن الإخلاص في العمل يجعل الإنسان لا يلتفت إلى مدح الناس أو ذمهم، بل يركز على رضا الله وحده.

2. الدعاء الذي ترددينه عند المدح هو دعاء عظيم، وقد ورد عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه كان يقول: "اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيراً مما يظنون"، استمري عليه؛ فهو يذكرك بضعفك أمام الله، ويبعد عنك الكبر.

* خطوات عملية للتعامل مع المدح:
1. إذا شعرتِ أن المدح يتكرر بشكل يزعجك، فيمكنكِ أن تردي بابتسامة بسيطة مع كلمات مثل: "الحمد لله، هذا من فضل الله"، أو "دعواتكم لي بالتوفيق"، هذا الرد يوجه الأمر إلى الله، ويقلل من التركيز عليك.
2. إذا استمر المدح بشكل يسبب إحراجًا لك أو لزميلاتك؛ فيمكنكِ التحدث مع المدرسين بلطف واحترام، قائلةً: "أشعر بالامتنان لتقديركم، ولكن أرجو أن يكون التركيز على العمل الجماعي، أو القسم ككل؛ حتى لا يشعر أحد بالتمييز".
3. اجعلي نيتك دائماً أن يكون تفوقك سببًا في نفع الآخرين، وذكّري نفسك بأن العلم أمانة يجب أن تُستخدم في الخير.

المشكلة الثانية: التعامل مع المدرّس الرجل:
1. ديننا وضع ضوابط واضحةً للتعامل بين الرجال والنساء، منها: عدم الخضوع بالقول، وعدم الخلوة، وغض البصر، قال الله تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً" (الأحزاب: 32).
2. النية تلعب دورًا كبيرًا في تصحيح السلوك؛ فإذا كانت نيتكِ هي الالتزام بالضوابط الشرعية، فإن الله سيعينك على ذلك.

* خطوات عملية للتعامل مع المدرّس:
1. حاولي أن تقللي من التفاعل معه إلى الحد الأدنى الضروري؛ إذا طرح أسئلةً شخصيةً فيمكنكِ الرد باختصار، وبأسلوب مهذب دون التوسع.
2. إذا شعرتِ أن المزاح أو الأسئلة غير مناسبة، فيمكنكِ أن تردي مع كلمات مثل: "نفضل أن نركز على الدرس"، أو "جزاكم الله خيرًا، نحتاج إلى استغلال الوقت في الدراسة".
3. أكثري من الدعاء أن يعينك الله على الالتزام بالضوابط الشرعية، وقولي: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك".
4. إذا استمرت التجاوزات، وشعرتِ بعدم الراحة؛ فيمكنكِ التحدث مع الإدارة بشكل محترم وسري، موضحةً أنكِ تفضلين بيئةً أكثر تركيزًا على الدراسة.

هل يجب أن تتركي الدراسة؟
• ترك الدراسة ليس الحل الأول؛ فالإسلام لا يمنع المرأة من طلب العلم، بل يشجعها على ذلك، طالما أنها تلتزم بالضوابط الشرعية، قال النبي ﷺ: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" [رواه ابن ماجه].
• إذا استطعتِ الالتزام بالضوابط الشرعية، ومعالجة المشكلات التي تواجهينها، فلا داعي لترك الدراسة، ولكن إذا شعرتِ أن دينكِ في خطر حقيقي، فالأولوية دائمًا لعلاقتكِ بالله.
• الشعور بالذنب والندم الذي تشعرين به هو علامة على إيمانك، وحرصك على رضا الله، ولكن لا تدعي هذا الشعور يتحول إلى وسواس أو قلق زائد، وتذكري أن الله غفور رحيم، وأنه يحب التائبين.
• الأفكار الشيطانية التي تراودكِ حول إعجاب المدرّس بكِ هي من وساوس الشيطان؛ قال الله تعالى: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً" (فاطر: 6)، فاستعيني بالله، واطردي هذه الأفكار فورًا.

أختي الكريمة: أسأل الله أن يوفقكِ في دراستكِ، ويعينكِ على الالتزام بدينكِ، تذكري أن الله معكِ ما دمتِ حريصةً على طاعته، وأكثري من الدعاء، وكوني حازمةً في التعامل مع أي موقف يهدد علاقتكِ بربكِ، واحرصي على هذا الدعاء: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.

بارك الله فيكِ، وحفظكِ من كل سوء.

www.islamweb.net