اختلفت مع خطيبتي ..فهل أصبت بالعين من صديقي؟

2025-11-04 01:25:48 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنتُ أنا وخطيبتي على وفاق، لكن مرة رآني صديقي، وبدأ يقول لي بعد أن أنهيت حديثي مع خطيبتي: "لا يوجد أفضل من النساء، وهنَّ الراحة للرجل"؛ فشعرتُ من خلال ما قال أنه يغار مني أو يحسدني؛ لأني خطبتُ وهو غير قادر.

بعدها تحدثتُ مع خطيبتي وتناقشتُ معها حول عيد "الهالوين"؛ لأنها تُعطي الحلوى للأطفال وتُهنئ الناس به، وهذا الأمر أزعجني؛ لأني لا أريدها كذلك؛ لأنه ليس لدينا إلا عيدان فقط، قلتُ لها: "حرام"، فقالت: "لا أرى فيه حرامًا إن كان فقط مشاركة الحلوى وإدخال الفرح عليهم، وأن أقول لهم: عيد سعيد"، ثم شعرتُ بالضيق من خطيبتي وكرهتُ الحديث معها، ماذا أفعل؟ هل آخذ شيئًا من أثر صاحبي وأغتسل به؟ وهل هذا أثر حسد منه؟

أنا لا أريد أن أُثير مشاكل مع خطيبتي، وأريد أن يكون لديَّ طريقة إقناع، ليس فقط في هذا الموضوع، بل في أي أمر بيني وبينها.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول وبالله تعالى أستعين:

ينبغي أن تعلم أنك لا زلت خاطبًا لهذه الفتاة، وأنها لا زالت أجنبية بالنسبة لك، ولا ينبغي أن تبني معها علاقة حب، ولا أن تختلي بها، ولا أن تتكلم معها بالكلام الحميمي، وإن احتجت للتحدث معها ببعض الأمور المتعلقة بمستقبلكما فليكن ذلك بحضور أحد محارمها، وليكن ذلك بحسب الحاجة؛ فالخطوبة ما هي إلا وعد بالزواج، فيمكن أن تتراجع أو هي تتراجع عن الموافقة في أي لحظة.

عليك أن تتحرى في صفات ومواصفات هذه الفتاة، وأهم الصفات التي يجب أن تتوفر فيها: الدين والخلق، كما صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام حيث قال: "تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها، ولحسَبِها، ولمالِها، ولدِينِها، فعليكَ بذاتِ الدِّينِ، ترِبَتْ يداكَ" فلا خير في زوجة لا دين لها.

ما تشعر به من ضيق وتغير في العلاقة قد يكون له أسباب أخرى غير الحسد، مثل كونها لم تقبل نصحك رغم أنك طلبت منها ترك شيء يخالف الشرع، وهو احتفالها بعيد الهالوين، وعلى فرض أنك أُصبت بحسد من صديقك أو غيره، فما ذكرته من أخذ شيء من أثره والاغتسال به (وهو ما يُعرف بغُسل العائن) لا يجوز لك أن تفعله؛ لأنه لا يُشرع إلا إذا تيقنت بأن هذا الشخص هو العائن بالفعل، أما وأنت تشك شكًّا، فلا يصلح؛ لأن في ذلك اتهامًا وظنَّ سوءٍ بشخص قد يكون بريئًا.

دونك بعض التوجيهات الهامة:

نوصيكما بتحصين نفسيكما بالقرآن والأذكار الواردة، فحافظا على أذكار الصباح والمساء في أوقاتها المحددة، وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين (الفلق والناس) ثلاث مرات صباحًا ومساءً، وقراءة آية الكرسي دُبر كل صلاة وعند النوم، وكذلك الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة؛ فهذا هو الحصن الحصين الشرعي الذي يحفظك -بإذن الله- من الأسحار والعين والحسد.

استعن على قضاء حوائجك بالكتمان كما ورد في الحديث الصحيح، وتجنب كثرة الحديث عن حياتك وسعادتك وخطيبتك وأمورك الحياتية، وخاصة أمام من تشك أنهم قد يحسدونك ويتمنون زوال ما أنعم الله به عليك، يقول عليه الصلاة والسلام: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود".

عالج ما تحسه من ضيق بالعلاج الحقيقي، واجتنب الشكوك والظنون التي قد تأثم بها، فالضيق الذي تحس به له أسبابه الواضحة، وأبرزها قضية احتفالها بالهالوين، فعالج هذه القضية علاجًا صحيحًا من خلال الحوار الهادئ الهادف، ولو أن تتشارك مع خطيبتك بالبحث عن الحكم الشرعي في الشبكة العنكبوتية في المواقع الموثوق بها والعلماء الثقات، وأنا على يقين أنكما ستصلان لاتفاق بإذن الله تعالى.

ويمكنك التحاور معها بهذه الطريقة، وهي أن تذكر لها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين هاجر إلى المدينة وجد الناس يحتفلون بيومين، فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أبدلكما الله بيومين خيرٍ منهما: عيد الفطر والأضحى"، والسبب في ذلك: أن تلك الأعياد التي كانوا يحتفلون بها كانت من أعياد الجاهلية، فكانوا يحتفلون بها بعد أن أسلموا، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وأوجد لهم البديل المشروع للفرح، وهما عيدا الفطر والأضحى.

عيد الهالوين من الناحية الواقعية من أعياد غير المسلمين وشعائرهم الخاصة، ولذلك فالمسلم لا يحتفل به، ولا يشارك أصحابه لا بالفرح، ولا بلبس الجديد، ولا بتوزيع الحلوى على الصغار والكبار، فالاحتفال به يورث التشبه بالكفار والمحبة لهم، ويمكن أن تقرأ كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" للعلامة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

مثل هذه الأعياد التي أسس لها الكفار يخالطها المعتقدات الفاسدة والأعمال المنكرة والذنوب الكبيرة، فالاحتفال بها يعطي انطباعًا لدى الآخرين بالموافقة والإقرار لهذا العيد.

نية خطيبتك التي وصفتها بالحسنة لا تبرر لها الوقوع في هذه المخالفة، فإدخال الفرحة على الأطفال يمكن أن يكون في أي وقت آخر، وليس في ذاك اليوم وتلك المناسبة.

أكِّد لخطيبتك تقديرك لنيتها الطيبة في إدخال السرور على نفوس الأطفال، ولكن كم من مريدٍ للخير لا يدركه، وهنا ذكِّرها بقول ابن مسعود -رضي الله عنه- حين رأى ناسًا متحلقين، وعلى رأس تلك الحلقة شخص يقول لهم: "سبحوا الله مئة، احمدوا الله مئة، هللوا مئة"، فقال لهم: "يا قوم، إما أنكم أهدى من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-، أو متمسكون بذنب ضلالة"، فأنكر عليهم فعلهم مع أنهم أرادوا الخير؛ ذكر الله تعالى والحفاظ على الوقت.

أظهر الاحترام المتبادل في الحوار، فلا ترفع صوتك عليها، ولا تُشعرها أنها جاهلة، بل استخدم لغة التعاون، فتقول لها: "ما رأيك لو سألنا عالمًا نثق بدينه وعلمه؟"، أو: "ما رأيك أن نبحث عن هذه المسألة في موقع العلامة فلان أو فلان، وهو من أهل السنة؟"

اختر الوقت المناسب للنقاش، فلا تتحدث معها وقت غضبك أو ضيقك، بل في لحظة هدوء ورضا، تجنب الجدال العقيم، فإن وجدت أن النقاش بدأ يتحول إلى عناد، فأوقفه بأدب وقل: "دعينا نكمل حديثنا لاحقًا بهدوء".

بيِّن لها أن سبب رفضك ليس قناعتك الشخصية، وإنما هو دافع حرصك عليها وعلى دينها وحسناتها، كون الاحتفال مخالفة شرعية، وأن المسألة هنا هي مسألة هوية ومرجعية دينية للمسلم، وذكِّرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم".

اجعلها شريكة في اتخاذ القرار من خلال الحوار الهادئ الذي يفيض بالرفق واللين، واتفقا على طرح سؤال على عالم موثوق من أهل السنة تثقان بدينه، وتلتزمان بقوله.

اتفق معها وشاركها في اختيار يومٍ معين لإشباع رغبتها في إدخال السرور على الأطفال، كيوم الجمعة -وهو من أعياد المسلمين الأسبوعية- حيث يجتمع أبناء الأسرة، أو أن تذهب في ذلك اليوم أو أي يوم إلى أقرب حديقة يجتمع فيها الأطفال، وتقوم بتوزيع الحلويات عليهم فيه.

نوصيك أن تركز على تقوية إيمانها من خلال كثرة وتنويع الأعمال الصالحة، والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والإكثار من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم واستماعه؛ فقوة الإيمان تورث حسن الاتباع.

اهتم بتثبيت عقيدة التوحيد في قلبيكما، ويمكن الاستفادة من بعض الكتب المتخصصة مثل: كتاب التوحيد للعلامة محمد بن عبد الوهاب، وشرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين.

أكثر من الدعاء، وتحين أوقات الإجابة، وخاصة أثناء السجود، وسل ربك أن يصلح حال خطيبتك، وأن يرزقها الامتثال للكتاب والسنة، واتباع طريقة الصحابة والعلماء الربانيين.

لا تتعجل الأمور، وتخلَّق بأخلاق التأني؛ فالتأني من الله، والعجلة من الشيطان، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة، ونسعد بتواصلك.

www.islamweb.net