يحزنني ما يصيب المسلمين المستضعفين، فماذا أعمل؟

2025-11-03 02:36:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندما أرى حال الفلسطينيين والسودانيين، وسائر المسلمين المستضعفين، أشعر بحزنٍ شديدٍ وكآبةٍ عميقةٍ، تبلغ بي حدّ الإرهاق، وتورثني كثيرًا من الوساوس والهموم، ومع ذلك لا أقوم بشيءٍ تجاههم، حتى الدعاء لا أدعو لهم إلا قليلًا، ويغمرني شعورٌ بالذنب الشديد؛ لأنني لا أفعل شيئًا، وأخاف من عذاب الله تعالى، إذ يخيفني هذا الحديث؛ لأنني أشعر أنني لا أقدّم شيئًا في سبيل نصرة إخواني، قال رسول الله ﷺ: «مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، ‌وَمَا ‌مِنِ ‌امْرِئٍ ‌يَنْصُرُ ‌مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ».

لذا أحاول نسيان أمرهم وتجاهله، حتى لا أبقى على هذه الحال من الحزن، وحتى لا أمرض، ولأعيش حياتي وأتمتع بالنِّعَم التي أنعم الله بها عليَّ بفضله.

وكذلك حين أرى أشخاصًا مهمومين بسبب هذا الموضوع، أقول لهم: "حاولوا أن تنسوا الأمر، وادعوا لهم، وعيشوا حياتكم التي أنعمها الله عليكم، دون إفراطٍ في التفكير بهم".

فهل إن فعلتُ ذلك أكون قد أذنبت؟ وهل إذا أكثرتُ الدعاء لهم دون التفكير المستمر فيهم، أكون قد أدّيت واجبي تجاههم؟

أرجو منكم النصيحة والتفصيل في الجواب حول هذا الموضوع، وشكرًا جزيلًا لله ثم لكم على هذا الموقع الرائع.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك ثقتك بإخوانكِ في إسلام ويب، وقد تفهّمنا موضوعكِ، وجوابي كما يأتي:

أولًا: هذا الشعور تجاه ما يعانيه إخواننا المستضعفون في فلسطين وغزة والسودان، شعورٌ أُخويٌّ يدلّ على رقّة القلب والأخوّة الإيمانية، ويدلّ على اهتمام المسلم بإخوانه المسلمين، وقد قال الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، أي قلوبهم متحدة في المودّة والمحبة والتعاطف، وفي الحديث يقول النبي ﷺ: «المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشدُّ بعضُه بعضًا»، وشبّك بين أصابعه، (متفق عليه)، وقال رسول الله ﷺ: «‌مَثَلُ ‌الْمُؤْمِنِينَ ‌فِي ‌تَوَادِّهِمْ ‌وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (رواه مسلم) فعلى المسلم أن يهتمّ بأمر إخوانه، فيسأل عن أخبارهم، ويعين ضعيفهم، وينصر مظلومهم، ويمنع ظالمهم، ويدعو لهم كما يدعو لنفسه.

ثانيًا: كما ذكرت سابقًا أهميةَ أن يشارك المسلمُ إخوانه المسلمين أحزانَهم وأفراحَهم، لكن لا يؤدي إلى الحزن الشديد أو الاكتئاب النفسي أو الوساوس الكثيرة؛ إنما هو حزنٌ ودعاءٌ لإخوانك، فهذا منتهى وُسعك، ولا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلا وُسعَها، وينبغي الاهتمام بالدعاء، فإنه سلاحُ المؤمن.

ثالثًا: أمّا خوفك من هذا الحديث الذي ذكرته، وهو: «‌مَا ‌مِنِ ‌امْرِئٍ ‌يَخْذُلُ ‌امْرَأً ‌مُسْلِمًا ‌فِي ‌مَوْضِعٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» (رواه أبو داود)، فلا داعي للخوف، فالحديث لا يشملكِ، إنما هو خاصٌّ بمن عنده الاستطاعة والقدرة على مناصرتهم أو الدفاع عنهم، أمَّا أنا وأنت فلا نملك لهم سوى الدعاء ومناصرتهم بالقلب، وبالتالي لا داعي للشعور بالذنب أو الخوف.

فإذا كان حالكِ قد وصل إلى الاكتئاب والقلق الزائد، فأشغلي نفسكِ بأموركِ حتى تعود الطمأنينة إليكِ، فليس المطلوب أن يُمرِض الإنسانُ نفسه، بل الاعتدال مطلوب، وقد نهانا الشرع عن الغلو، ولستِ آثمةً، بل أنتِ مأجورةٌ على هذه المشاعر الإيمانية، فاستمري في الدعاء والاهتمام بقضاء حوائج المسلمين.

وفّقكِ اللهُ لما يحبّه ويرضاه، اللهم آمين.

www.islamweb.net