أعمل في مكان مختلط وأتعب فيه جسدياً ونفسياً، فهل أتركه؟

2025-11-04 03:34:55 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أعمل في متجر بيع بالجملة، أملأ فواتير للزبائن، وعندي مهام أخرى، وأتحدث معهم طوال اليوم.

كل الذين أعمل معهم، وأتعامل معهم طوال اليوم رجال، وأنا الفتاة الوحيدة بينهم، وهذا ما يجعلني أشعر بعدم الراحة والندم، على الرغم من أنني محتاجة لهذا العمل؛ وذلك لأن هؤلاء الرجال ليسوا جيدين كلهم، كما أن صلاة العصر تفوتني دائمًا، وكل يوم أذهب فيه للعمل تكون لدي نية بتركه، ولكني لم أتركه بعد.

أحترم المسافات بيني وبينهم، ولكن هنالك من يضايقني، كما أن هذا العمل يسبب لي التعب الجسدي والنفسي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله سبحانه بأسمائه وصفاته أن يكفيكِ بحلاله عن حرامه، وأن يُسهّل لكِ الرزق الحسن، ويقضي كل حاجاتكِ.

ثانيًا: نحن نشكركِ -ابنتنا العزيزة- على حرصكِ على تجنّب الحرام، والاهتمام بدينكِ، وهذا من توفيق الله تعالى لكِ، ونسأل الله تعالى أن يُيسّر لكِ الخير ويُعينكِ عليه.

ثالثًا: نحن لا ندري مدى الضرورة التي تدعوكِ لهذا العمل حتى نوافقكِ على الذهاب إليه أو لا، لكننا ننصحكِ أنه إذا أمكن الاستغناء عنه، مع البحث عن غيره، فإن ذلك هو الخير؛ لأمور كثيرة، أهمها:

ما ذكرتِه في كلامكِ من أنكِ المرأة الوحيدة في الموقع، وأنكِ تتعرضين للمضايقات، ومما لا شك فيه أن فتنة المرأة بالرجل، والرجل بالمرأة، من أعظم الفتن التي حذّر منها النبي ﷺ، كما قال صلوات الله وسلامه عليه: «‌مَا ‌تَرَكْتُ ‌بَعْدِي ‌فِتْنَةً ‌أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» (رواه البخاري).

ولهذا نحن ننصحكِ بأن تُغلقي هذا الباب، وأن تقطعي الطريق على الشيطان في محاولته لأن يجرّكِ لما لا تُحمد عاقبته، فإذا تمكنتِ من الاستغناء عن هذا العمل، ولو بالصبر على ضيق العيش قليلًا، مع البحث عن غيره، لعلّ الله تعالى أن يُيسّر لكِ.

وخير ما ننصحكِ به في الأخذ بأسباب البحث عن العمل: التعرف إلى النساء والفتيات الصالحات الطيّبات في بلدكِ، عن طريق المساجد، وعن طريق وسائل التواصل، وغير ذلك من الأدوات المأمونة في التعرُّف إلى النساء الطيّبات، ومحاولة الاستعانة بهنّ في البحث عن فرص عمل تكتسبين منها لقمة عيشكِ، مع الاعتماد على الله تعالى، وحُسن التوكل عليه، واللجوء إليه بصدق واضطرار أن يرزقكِ الحلال ويكفيكِ به.

والله تعالى لن يُخيّب ظنكِ فيه، فهو -سبحانه وتعالى- مَن خلقنا، وهو الذي يرزقنا، فأحسني ظنكِ بالله تعالى، واعتمدي عليه، وفوّضي أموركِ إليه، وأكثري من دعائه، وستجدين الخير بإذن الله تعالى.

أمَّا إذا كانت الضرورة الحالية تدعوكِ إلى الاستمرار في هذا العمل؛ لأنكِ لا تجدين ما تعيشين به إلَّا منه؛ فالاستمرار فيه خيرٌ من قطعه، والتعرض للضياع، ولكن مع هذا يجب عليكِ أن تتقي ربكِ بقدر استطاعتكِ، فحاولي بكل ما تستطيعين أداء الفرائض، واجتناب المحرمات.

وقد أحسنتِ حين جعلتِ مسافات بينكِ وبين الذكور، ويجب عليكِ مع ذلك أن تلتزمي بباقي الآداب، كالتزام الحجاب الشرعي، وتجنّب الحديث معهم بأي كلام فيه لين وخضوع، وعدم الخلوة بأي واحد منهم، وألَّا تسمحي لأحد بمصافحتكِ.

فهذه الآداب اهتمّت بها الشريعة الإسلامية؛ لأن فيها قطعًا لدابر الفساد، وصيانةً للمرأة، وحمايةً للرجل كذلك.

وأمَّا صلاة العصر؛ فلا يجوز لكِ أن تُؤخّريها حتى تغرب الشمس؛ فترك الفريضة حتى يخرج وقتها من أعظم المنكرات، وأكبر الموبقات، ويجب عليكِ أن تُصلّي ما دمتِ قادرةً على ذلك في الوقت، ونقصد بالقدرة: أنكِ عاقلة، وأنكِ تجدين مكانًا تُصلّين فيه، والأرض كلها مسجد، كما أخبر الرسول ﷺ، فإذا ضاق بكِ الأمر، فالواجب عليكِ أن تختاري جانبًا من المكان الذي أنتِ فيه، وتُصلّي فيه صلاتكِ.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُيسّر لكِ الأمر، ويقضي لكِ الحاجة، ويكفيكِ بالحلال عن الحرام.

www.islamweb.net