ابنتي مرتبطة بشاب عصبي وتصرفاته غير منضبطة، فكيف أصرفها عنه؟

2025-11-05 23:32:38 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنتي مرتبطة بشاب تبيّن لنا بعد الخلافات المتكررة بينهما أنه غير مناسب لها، إذ يتصف بالعصبية ويُسيء في كلامه، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى دفعها على الكتف.

أبلغناها رفضنا لهذا الارتباط، وأوضحنا لها أنه لا يصلح لها مستقبلًا، لكنها لا تزال تُعطيه الأعذار، وتُسامحه، وتُبرر تصرفاته، وتقول إنه ليس كذلك في الحقيقة.

أنا في حالة من القلق الشديد بسبب هذا الموقف الصعب، ماذا أفعل؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يَسَّر الله أمرك، وشرح صدرك، وألهمك الحكمة والرشد.

يبدو أنك تمرين بقلق طبيعي نابع من خوفك على ابنتك وحرصك على مستقبلها، وهو قلق مشروع من أمٍّ واعية ترى الأمور بوضوح أكثر مما تراه ابنتها بعاطفتها، وتلك عاطفة الأمومة التي جعلها الله في قلب كل أم تحرص على بناتها.

اعلمي (أختنا) أن ابنتك الآن في مرحلة عمرية تميل فيها أي فتاة إلى التبرير والتغاضي؛ أملاً في أن يتحسن حال مَن تحبه، لكنها لا تدرك أن الغضب والعنف اللفظي أو الجسدي ليست زلاتٍ عابرة، بل مؤشرات على نمط شخصيةٍ يصعب تغييره بعد الزواج.

من المهم أن تفهمي –وتُفهِمي ابنتك– أن الزواج ليس مشروع "إصلاح"، ولا علاقة حب تُبنى على الوعود، بل عهدٌ ومسؤولية تحتاج رجلاً متزنًا في دينه وخلقه، والنبي ﷺ قال: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ ‌تَرْضَوْنَ ‌دِينَهُ ‌وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ»، ولم يقل: من يُحِب ابنتكم أو يعدها بالتغيير! وتعبير رسول الله ﷺ أوفى وأشفى، وأجمع للخير كله لمن تبعه.

العصبية المفرطة، والسبُّ، والاعتداء الجسدي –حتى لو كان مجرد "دفعة"– جرس إنذار مبكر لا يُستهان به، ولا ينبغي أن يُستسهل، خاصة وإن كان في الأمر سعة، وهناك بعض الطباع يصعب تغييرها أو التأقلم مع أصحابها؛ ومن يستهين اليوم بزلة صغيرة قد يتجاوز غدًا إلى أذى أكبر.

مع العلم بأن الخاطب في فترة الخطبة دائمًا ما يظهر أحسن ما عنده، ويخفي طباعه وتصرفاته السيئة، فكيف بهذا الشاب وقد أظهر هذه الطباع السيئة؟! فهذا يشي بأنه لا يتمالك نفسه، ولا يستطيع ضبط تصرفاته، فالحذر، الحذر!

وهنا أقترح عليك بعض الخطوات العملية للتعامل مع الموقف:

1. احفظي هدوءك، ولا تواجهي ابنتكِ بالمنع الغاضب؛ لأن الرفض الصارم يدفعها أحيانًا إلى التمسك به، ويدخل الأمر في العناد، وأنك لا تحبين لها مَن تحب، فقط اجعلي الحوار مفتوحًا، وكرري لها أنك تثقين بحكمتها، لكنك قلقة عليها لا متسلطة عليها.

2. استخدمي أسلوب "المرآة": أي لا تقولي لها "هو سيئ"، بل اسأليها: كيف سيكون شعورك لو حصل مثل هذا الموقف بعد الزواج؟ هل تتخيلين تربية أطفال في بيت يعلو فيه الصوت؟ هل أنتِ مستعدة أن تعيشي طول حياتك في خوف من لحظة غضب؟ هذا النوع من الأسئلة يعيدها للتفكير بهدوء، ويجعلها تفكِّر بعقلانية بعيدًا عن العواطف.

3. اعرضي عليها أن تستشير طرفًا ثالثًا محايدًا: مثل مستشارة أسرية، أو داعية موثوقة، أو قريبة عاقلة تحبها وتؤثر فيها؛ فصوتٌ آخر أحيانًا يهز قناعتها أكثر من صوت الأم التي ألِفت رأيها، واعتادت أقوالها.

4. ضعي حدودًا واضحة للتواصل: بيّني لها أن رفضكم لهذا الشاب ليس تعنتًا، بل لحماية مستقبلها، وأن استمرارها في التواصل معه بعد رفضكم يُعد تجاوزًا للثقة بينكم، واطلبي منها وعدًا صريحًا بقطع العلاقة.

5. ادعي الله لها كثيرًا؛ فالهداية والاتزان القلبي بيد الله تعالى وحده، ورُبَّ دعوة أمٍّ صادقة في جوف الليل تفتح لها بصيرتها أكثر من ألف حوار.

6. أشغليها بالأنفع: قرّبيها من بيئة صالحة، دورات، مشاريع، عمل خيري، لقاءات إيجابية، حتى لا تبقى أسيرة التفكير فيه؛ فالعاطفة تحتاج تحويلًا لا قمعًا، وربَّما نشأت مثل هذه الظواهر من كثرة الفراغ والبطالة.

أختي الكريمة: صحيحٌ أن اختيارات أبنائنا الخاطئة تؤلمنا وتزعجنا كآباء، لكن تذكّري أن دورك ليس أن تختاري عنها حياتها، بل أن تنيري الطريق، وتدعي الله تعالى أن يشرح صدرها للحق؛ فإن اقتنعت؛ فذلك فضل الله تعالى ومنَّته، وإن لم تقتنع؛ فكوني إلى جوارها بالدعاء والمتابعة والنصح المتكرر بلطف.

أسأل الله أن يحمي ابنتك من كل سوء، وأن يبدل قلقك طمأنينة، ويكتب لها زوجًا صالحًا، هينًا، لينًا، كريم الخلق والدين.

www.islamweb.net