زوجتي تركت البيت ووالدتها تمنعها من التواصل معي، فما نصيحتكم؟

2025-11-05 01:43:26 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ ثمانية أشهر، وقد وقع خلاف بين زوجتي ووالدتي، حيث رفعت زوجتي صوتها على والدتي وأخطأت في حقها، ثم طلبت الذهاب إلى أهلها، وهي الآن عندهم منذ قرابة شهر.

سبب الخلاف يعود إلى أن أهلي لا يُقدّرون تعب زوجتي في المنزل، مع أنني أرى أنها تقوم بواجباتها، وإن كانت هناك بعض الملاحظات، والدتي كانت تُخبرها بهذه الملاحظات أمامي، وتتجنب الحديث عنها في غيابي حتى لا تشعر زوجتي بالإهانة.

تكررت هذه المواقف والمشكلات، وكانت زوجتي دائمًا تقول إنها ليست خادمة، علمًا بأنها تقوم بأعمال تنظيف الصالة والحمّام فقط، بينما والدتي تنظف غرفتها وتقوم بالطبخ، رغم أنها مريضة وتُعاني من صعوبة في الحركة.

تحدثتُ مع حماتي لأجل أن تُفهم ابنتها وتُوجّهها، لكنني تفاجأت بردها، إذ قالت لي: ابنتي ليست خادمة، ويجب أن تذهب إلى بيت أهلها، فبيتُ أبيها أولى بها، ولم أردّ عليها، وقطعت التواصل معها، ثم مضت الأيام إلى أن وقعت المشكلة الأخيرة، حيث أخطأت زوجتي مجددًا في حق والدتي، ورفعت صوتها، وذهبت إلى أهلها.

تواصلتُ مع أخيها، وكان موقفه مؤيدًا لي، وقال: أنا أعتذر عن أختي، وسنُصلح الأمور، أمَّا والدها فهو غير موافق على ما حدث، ولكن وضعه الصحي يصعب التواصل معه، لأنه أصمّ -عافاه الله- وجميع إخوانها يُجمعون على أن والدتهم هي من تمنع ابنتها من العودة، وتمنعها من التواصل معي لحل الخلاف.

ماذا أفعل؟ أرجو منكم المساعدة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونحيي إنصافك لزوجتك وأنها تقوم بواجباتها، ونسأل الله أن يُعينها على الصبر على والدتك، بل يجب أن تصبر على والدتك؛ لأنها أكبر سنًا، وهي صاحبة فضل، وهي أم زوجها، وإذا لم يحترم الصغار الكبار فسيصعب علينا العيش معهم، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينكم على تجاوز هذه العقبات.

وبنفس المستوى، أنت لا بد أن تحترم والدتها، وتصبر على ما يصدر منها، ونحن لا نؤيد والدة الزوجة فيما ذهبت إليه، ولكن نؤيد ما ذهبتَ إليه من أنها تقوم بواجبها، وأنها بحاجة إلى دعم معنوي، ودائمًا نحن نريد أن نقول لكل زوج: المرأة إذا وجدت الدعم المعنوي والتشجيع من زوجها؛ فإن قدرتها على تحمل الصعاب ترتفع جدًّا.

لذلك اعترافك بأنها تقوم بما عليها، هذا ينبغي أن تسمعه منك مرارًا، بل ينبغي أنت أن تشكر ما تقوم به زوجتك من وظائف ومن مهام، ثم تدعوها بعد ذلك إلى الصبر على الوالدة، والسعي في رضاها، وحُسن الاستماع لكلامها، والقيام بمساعدتها، وفي المقابل تنال منك التكريم والاهتمام والاحتفاء، وبهذا تُعيد التوازن لزوجتك.

وأيضًا نحن نحيي ما ذهب إليه أشقاء الزوجة، ودائمًا الرجال لهم أدوار كبيرة في هذا؛ لأنهم لا ينظرون بالعاطفة وإنما بالعقل، ويُقدّرون الأمور بتوازنٍ وإنصاف، ويُنزّلونها في مواضعها اللائقة.

وعليه: أرجو ألَّا تستعجل في اتخاذ أي خطوات تصعيدية، وانتظر أن تحدث تغيّرات، وستحدث تغيرات إن شاء الله، يعني بعد هذا الصبر وبعد هذه الأدوار الكبيرة والفهم الكبير الذي تجده عند والد الزوجة رغم ظرفه الصحي، وعند إخوانها الذين ينبغي أن تُركّز على أدوارهم، تبيّن لهم أيضًا أنك تُقدّر ما ذهبوا إليه، وأنك حريص على استمرار أختهم معك، وأنها تقوم بواجباتها، لكن عليها أن تتدرّب على تحمُّل كلام الكبار، وبيّن لهم أيضًا أنك في نفس المستوى تعتبر والدتهم والدة، وتُقدّر ما يصدر منها، ونحن أمام الكبار ينبغي أن نُحسن الاستماع، ثم نفعل ما فيه المصلحة، وما يُرضي الله تبارك وتعالى.

وإذا كان هناك مجال أن تأتي بخادمة تُساعد الوالدة وتُساعد الزوجة في الأعمال الصعبة، أو كان بإمكانك أن تقوم ببعض المهام التي يمكن أن تُساعدهم، مع أهمية أن تُجنّبهم فرص الاحتكاك، يعني لو أن العمل يُقسّم، ويكون الوقت الذي فيه الزوجة في عملها، الوالدة مثلًا في وقت راحتها، وبعد ذلك سيسهل الأمر عليهم جميعًا، وتقل فرص الاحتكاك بينهم والخلاف بينهم.

وعلينا أن نعلم أن الوالدة - والدة الزوجة أو والدة الزوج- دائمًا قد تميل إلى ابنها أو تميل لابنتها، وهذا شيء طبيعي، فما ينبغي أن ننزعج كثيرًا أمام هذه المواقف من والدة الزوجة أو من والدة الزوج، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب.

وإذا كانت زوجتك تُمنع من طرفٍ ثانٍ من التكلم معك، فأرجو أيضًا أن تُقدّر هذا، نحن لا نوافق على هذا، لكن حتى تعرف أن التأثير خارجي، والتأثير الخارجي دائمًا عمره محدود، ونحن لا نبني عليه كثيرًا، لكن نبني على القناعات الأصلية الموجودة عندك وعند زوجتك.

ويبدو أن الرغبة في الاستمرار موجودة عند الطرفين، وهذا ما ننتظره ونتوقعه أن يكون هو الخلاصة النهائية التي تصلون إليها، فالمسألة محتاجة إلى شيء من الصبر، ومحتاجة إلى إظهار المشاعر النبيلة، وإلى ذكر الإيجابيات وتضخيمها، وإلى التواصل مع إخوانها، ونسأل الله أن يُعينكم على الوصول إلى الحل المناسب الذي يُرضي الله -تبارك وتعالى-.

وعليك أن تعلم أن للوالدة حقوقًا عظيمة لا بد أن تقوم بها، وكذلك الزوجة لها حقوق لا بد أن تقوم بها، والشرع الذي يأمرك ببر الوالدة هو الشرع الذي يأمرك بالإحسان للزوجة، وهذا ما نقوله أيضًا لزوجتك، ونعظّم عندها حق الزوج الذي ينبغي أن تُدرك أنه أول الحقوق عليها، حق زوجها، فتجتهد في إرضائه، كما قال النبي ﷺ: (فَإنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارِك)، فلا تجعل خلافها مع أم الزوج يؤثر على علاقتها بزوجها.

ونتمنى أيضًا إذا كان هناك مجال، أن تُتيح لها فرصة تواصل مع الموقع، واطلب من إخوانها أن تستشير الموقع حتى تجد التوجيهات المناسبة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net