أفكر كثيرًا في الأمراض وأتوهم أني مصابة بها، فما العلاج؟

2025-11-06 00:12:21 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أبلغ من العمر 23 سنة، وقبل ثلاثة أشهر بدأت أُعاني من خوفٍ شديد من الأمراض العضوية، خصوصًا الجلطة، بسبب القولون العصبي الذي سبّب لي أعراضًا تُشبه أعراض الجلطة.

دخلت في حالة توتر شديدة، لدرجة أن نومي اضطرب لأسبوعٍ كامل، وأجريت فحصًا لدى طبيب القلب، وأخبرني أنني لا أُعاني من شيء عضوي، وأن ما أشعر به هو نتيجة القلق والتفكير الزائد.

بعد ذلك انتقل خوفي إلى جرثومة المعدة، بسبب تأثر شهيتي وآلام المعدة، فبدأت أتناول الطعام بكميات قليلة، ثم خفّ هذا الخوف، وبدأت أُفكر في الأمراض النفسية، وراودني قلق من الإصابة باضطراب القلق، أو أن أُضطر لتناول أدوية نفسية.

بعدها بدأت أُفكر في الاكتئاب، ثم اختلال الأنية، وكنت أبحث عن الأعراض وأُقارنها بما أشعر به، وأشعر أنها تنطبق عليّ، لكن مع كل وسواس تختفي الأعراض تدريجيًا.

آخر ما فكرت فيه كان الفصام، وكنت أستبعده تمامًا، لكن قبل يومٍ من بداية التفكير فيه، كنت جالسة مع صديقتي الممرضة، وسألتها عن مستشفى الأمراض العقلية، وكانت تُجيبني، ولا أعلم لماذا أثّر ذلك فيّ.

في اليوم التالي، بدأت أبحث عن الفصام، وأصبحت أخاف من كل صوتٍ أسمعه، وأشعر في لحظات الهدوء بأصواتٍ طفيفة مثل التشويش، وأحيانًا يُفسّرها عقلي على أنها كلمات، فأشعر بالخوف.

في بعض الأحيان، أسمع في ذهني أغنية لمغنٍ معين، أو أتذكر موقفًا معينًا، فيتردد صوت الشخص في ذهني، فأبدأ أتساءل: هل هذا طبيعي أم أنه ذُهان؟ وأنا أعلم أنه داخل عقلي.

ثم بدأت أُلاحظ هلاوس بصرية، مثل: بقع رمادية على الحائط الأبيض، أو خطوطٍ مضيئة، أو شيءٍ يُشبه الذبابة يطير أمامي، أو عندما أنظر إلى شخصٍ أمامي أكثر من مرة، أتخيل خياله بجانبه، أو في طرف عيني، ثم يختفي.

بعدها، انتقل خوفي إلى أفكار المصابين بالفصام، مثل: اعتقادهم أن أحدًا يتحكم بهم، فقلت لنفسي: لا أريد أن أُفكر مثلهم، لكن الفكرة بدأت تُراودني، أو أن أحدًا يسمع أفكاري، وأنا أعلم أنها غير صحيحة، لكنني أتساءل: لماذا تأتي هذه الفكرة؟ مشكلتي أنني لا أفهم لماذا تظهر هذه الأفكار.

بالأمس كنت جالسة في الباص، مرهقة جدًا، وأردت النوم قليلًا، وعندما أغمضت عيني بدأت أسمع أصواتًا، ففتحتها بسرعة خوفًا من أن تكون هلاوس.

كان الباص مليئًا بالضجيج: صوت المكيّف، وصوت المحرك، والأشخاص، فبدأ دماغي يُفسّر هذه الأصوات على أنها كلماتٍ عشوائية، أو أتذكر صوت صديقتي، فخفت، وقلت: الآن أصبح تفسيري للضجيج كلمات، فهل أنا أُشَبَّهُ بمرضى الذُهان؟ حتى وأنا في المنزل وفي هدوءٍ تام، أشعر أن دماغي ينتج كلماتٍ عشوائية في ذهني، أو أسئلة، وأحاول إيقافها فورًا، أنا خائفة جدًّا، وقد بكيت شهرًا كاملًا بسبب هذا الموضوع.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بكِ -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلكِ معنا بهذا السؤال وبهذه التفاصيل.

من الواضح أنكِ تعانين من رهاب المرض، وهو أمر شائع، وإن كان كثير من الناس المصابين لا يتحدثون عنه لحرجهم من هذا الأمر، ويفيد هنا أن أنبهكِ إلى بعض النقاط:

أولًا: هناك علاقة وثيقة بين القلق والأمراض، فالقلق يزيد بعض أعمال الجسم، كزيادة ضربات القلب، والتعرق، وضيق التنفس، ممَّا يوهم الإنسان بأنه يعاني من مرض عضوي.

أيضًا يفيد أن تتذكري أن القلق يُوجد أعراضًا تُشبه أمراضًا حقيقية، مثل بعض أمراض المعدة، كما شرحت أنكِ بدأتِ تتحسسين أو تفكرين بوجود مرض جُرثومي أو غيره، ممَّا يزيد عندكِ الخوف والرهبة.

واضح أنكِ شديدة الحساسية، فكلما تسمعين عن مرض أو تقرئين عنه، تذهبين وتقرئين عنه وتبدئين تشكين بأن لديكِ هذه الأمراض أو هذه الأعراض.

كذلك يفيدك هنا -أختي الفاضلة- استعمال بعض التفكير الإيجابي المنطقي، فمثلًا: إذا شعرتِ بصداع، قد يخطر في بالكِ أنه ربما عندكِ ورم في الرأس أو غير ذلك، ولكن الفكرة البديلة والواقعية أن الصداع يمكن أن يحدث لأسباب عديدة، ومعظمها غير خطير.

وما وصفتِه ممَّا سمعته أو شعرتِ به وأنتِ في الباص، فإنما مردّه -بالنسبة لي- إلى أنكِ كنت مرهقة جدًّا وشديدة الحاجة إلى النوم، لذلك بدأتِ تفسرين الأصل وما هو حولكِ بطريقة مرضية.

أيضًا أنصحكِ -أختي الفاضلة- أن تقللي ما نسميه: سلوكيات الاطمئنان المفرط، ومنها: الفحوصات الطبية، وزيارة العيادات، أو الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والقراءة عن الأمراض المختلفة، فمَن هو مثلكِ لا أنصحه بأن يقرأ الكثير عن الأمراض، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو على الإنترنت بشكل أساسي.

أيضًا يفيد هنا -طالما أن التوتر والقلق عندكِ شديد- أن تمارسي تمارين الاسترخاء والتنفس العميق، تمارين التنفس مع شيء من التأمل والاسترخاء العضلي، وهنا لا شك أن ذكر الله يساعدكِ على هذا الاطمئنان: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبِ﴾.

أيضًا حاولي أن تعيدي النظر في نمط حياتكِ اليومي، ليكون نمط حياة صحيًّا، فيه النوم الكافي، والتغذية الجيدة، ومن هو في سنك لا بد من النشاط البدني الرياضي، وأقله المشي.

كما ذكرت: حاولي أن تخففي التعرض إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصةً التي تتحدث عن الأمراض والأعراض وغيرها.

أخيرًا -أختي الفاضلة- إذا استطعت أن تسيطري على هذا الحال بنفسكِ، فنِعمَّا بها، ولا أظن أنكِ في هذه المرحلة في حاجة لزيارة العيادة النفسية، ولكن إن وجدتِ صعوبة في تطبيق كل هذه الأمور التي ذكرتها لكِ، فليس هناك ما يمنع من أن تستشيري العيادة النفسية، ولعلكِ تأخذين عدة جلسات مع أخصائية نفسية، وعندكم في بلدكم عيادات نفسية متقدمة، سواء أطباء نفسيين أو أخصائيين نفسيين.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدركِ، ويطمئن بالكِ، ويعطيكِ تمام الصحة والعافية، متمنيًا لكِ التوفيق والنجاح في دراستكِ الجامعية.

www.islamweb.net