بعد تناول الحشيش لأول مرة أصبت بصدمة وأعراض نفسية، فما العلاج؟
2025-11-19 23:56:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عمري 23 سنة، مشكلتي بدأت منذ ستة أشهر تقريبًا، بعد أن دخّنت أول سيجارة حشيش في حياتي، ولا أعلم كيف دخلت بعدها في صدمة خوف قوية.
في الأشهر الأربعة الأولى انتابني خوف وقلق شديد جدًّا، وحزن وضيق، ونوبات هلع قوية جدًّا كانت تعيق حياتي، مع تفكير دائم بأنني مصاب بالجنون، إلى غير ذلك من الأعراض.
وصلت إلى مرحلة من اليأس، ولكن نوبات الهلع -ولله الحمد- تلاشت تقريبًا، إلَّا أن شعور القلق والخوف من بعض الأشياء ما زال مستمرًا إلى الآن.
زرت الطبيب ووصف لي دواء الزاناكس عند الحاجة، فقرأت عنه وخفت ولم أستعمله، ولا أعلم ماذا أفعل، ينتابني خوف شديد من الماضي ومن الأشياء التي فعلتها، وأنا نادم كل الندم على أنني حاولت أو جربت هذه المادة.
أجريت فحوصات للفيتامينات، ومارست الرياضة التي تغيّر مزاجي أحيانًا، لكنها لم تحل مشكلتي النفسية، ولقد تعبت من هذا الحال، وما زالت نفسيتي في صدمة، وأشعر أحيانًا باختلال في الإدراك، وآلام في الرقبة نتيجة القلق.
ينتابني وسواس بأنني مريض نفسي، وكلما قرأت عن العلاج أو ما يشابهه أدخل في دوامة من التفكير، فهل حالتي قابلة للعلاج بشكل كامل؟ وهل سأعود كما كنت؟ إنني منهار نفسيًا، وأرجو من حضراتكم أن تقدموا لي حلًّا.
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على هذه الرسالة، وعلى استشارتك التي اطّلعت عليها اليوم، التي عنوانها: الحشيش ونوبات الهلع.
ومما ذكرته في رسالتك يتبيّن أنك تعاني من خوف وصدمة شديدة انتابتك بعد تناولك سيجارة حشيش لمرة واحدة، ولا شكّ أن تعاطي الحشيش ولو لمرة واحدة؛ قد يكون من العوامل المسبِّبة لاضطرابات نفسية، وقد بدا أنّ ما أصابك هو حالة من القلق المرتبط بتلك التجربة، وهي حالة يرافقها -كما ذكرتَ- قدرٌ من الندم.
لكن أحب أن أطمئنك بأن تدخين سيجارة واحدة في مرة عابرة لا يكون عادة سببًا مباشرًا لاضطراب نفسي بذاته، ومن هذه الجهة يمكنك أن تطمئن؛ فالأعراض التي مررت بها لا يُرجّح أن تكون نتيجة مباشرة لتلك التجربة، بل تبدو مرتبطة بدرجة عالية من الندم والانفعال النفسي الذي رافقها.
ذكرت أنك قد قمت بالتعامل مع هذا الأمر بالتوقف نهائيًا، ولكنك لا زلت تفكّر فيه بشكل مستمر، ومن المهم جدًّا تغيير تفكيرك من هذا الأمر، والتخلص من التفكير السلبي حول هذا الأمر نهائيًا، حتى تستطيع أن تتخلَّص من نوبة القلق المستمرة التي تصاحبك الآن، والتي تؤثر على مزاجك اليومي، كما تؤثر على سلوكياتك فيما يبدو.
نعم، ذكرتَ في رسالتك أنك استخدمت الرياضة، وأنها تغيّر مزاجك في كثير من الأوقات، ولكنها لا تخلّصك من فكرة الندم التي أصبحت تلازمك، وللتخلُّص من هذه المسألة ربما يكون العلاج ليس فقط في العلاج الدوائي، وإنما العلاج النفسي السلوكي الذي يمكن أن يساعد على التخلُّص من طريقة التفكير الدائم.
أولًا: سؤالك الأول هو عن حالتك: هل هي قابلة للعلاج؟
نعم كل حالة ليست نفسية لها قابلية للعلاج، ولا شك أنك أنت كشاب صغير في العمر، أمامك حياة مليئة بالأشياء الإيجابية التي يمكن أن تركز عليها، وتخلّصك من كل هذه المتاعب التي ذكرتها، والتخلص من هذه الأفكار يبدأ بالعلاج الصحيح.
ثانيًا، هل سترجع كما قلت كما كنت؟
نعم، لا يجب التساؤل إن كان عندك انهيار نفسي، هناك بعض الأعراض التي يمكن التخلص منها، ويمكن معالجتها نهائيًا، وكما ذكرت لك، فإن عملية التغيير تبدأ بتغيير نمط السلوك، ونمط السلوك يحتاج إلى تغيير طريقة التفكير في الحياة، من طريقة سلبية فيما حدث، إلى طريقة إيجابية، والتفكير في المستقبل بطريقة أفضل مما حدث.
ولذلك أنصحك -أخي الفاضل- أن تبدأ فقط بتغيير نمط حياتك، والتخلُّص من هذه الفكرة السلبية: أنه لا يوجد شيء يمكن أن يتغير، وإنما نعم كل شيء في الحياة يمكن أن يتغير، وبالتالي: تغيير نمط حياتك، والتفكير بشكل إيجابي في المستقبل، والتركيز على حياتك -سواء كانت العملية أو الطلابية- والتركيز في دراستك، وكذلك استصحاب حياتك الاجتماعية، والحياة الترفيهية معك بشكل إيجابي.
ثانيًا: إذا كانت الأمور تصعب عليك في الفترة الأولى للتخلُّص من هذه الأفكار، فإن هناك بعض التدخلات السيكولوجية التي يمكن أن تساعدك على ذلك، ومنها: العلاج النفسي الفكري السلوكي، أو الـ (CBT)، وهذا نوع من التدخلات النفسية يُساعدك على التخلُّص من نوبات التفكير السلبي، وتحويلها إلى تفكير إيجابي، وبالتالي: تغيير نفسيّتك، وتغيير سلوكياتك في المستقبل.
هنالك أيضًا نصائح مهمة، وهي: المحافظة على حياتك الصحية، أو على صحتك الجسمانية، وحياتك الروحية، وذلك بالالتزام بما يدور في حياتك الروحانية، من التزام بالأذكار، والالتزام بالصلوات إذا كنت تصلي، وإذا لم تكن تصلي فالعودة إلى الصلاة هي من الأمور المهمة جدًّا التي يمكنك أن تغيّر بها طريقة حياتك، فإنها تُريحك من كثير من هذه المتاعب، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- لك التوفيق في المستقبل.
يمكنك سؤال أي من الاستشاريين أو الأخصائيين النفسيين الذين هم مغتربون، للقيام بعمل هذا النوع من العلاج السلوكي النفسي، أو اللجوء إلى الشبكة العنكبوتية، فإن هناك بعض المواقع التي تعنى بهذا النوع من التدخلات مجانًا كما ذكرت.
وفقك الله.