زوجتي تثير المشاكل وتُحمّلني مسؤولية عدم تعلمها اللغة!!

2025-11-19 01:50:14 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مقيم في الخارج منذ انتهائي من الدراسة، وبقينا هناك مؤقتاً بسبب ظروفي الخاصة وظروف البلد، زوجتي ربة بيت، وقد مَنَّ الله عليها بحفظ القرآن كاملاً أثناء وجودنا هنا، ومنذ وصولنا، كانت ترغب في تعلم اللغة الإنجليزية، وأنا كنت أمانع في البداية بسبب الاختلاط.

وبعد أن قررنا البقاء، درست مع أستاذة خاصة، وأصبحت تفهم وتتحدث قليلاً، لكنها كل فترة تثير مشكلات قد تصل إلى مقاطعة لأسابيع أو أشهر، وتُحمّلني مسؤولية عدم تعلمها اللغة منذ البداية، حاولت إفهامها أن الله أكرمها بما هو أعظم -حفظ القرآن-، لكنها لا ترى ذلك تعويضاً؛ وهذا يجعلني أغضب أحياناً وأفكر في الانفصال من كثرة النكد.

سؤالي: من الناحية الشرعية، هل كنت مخطئاً في منعي الأولي لها؟ وهل لها الحق في إثارة هذه المشاكل وجعل هذا الأمر سبباً للخلاف؟ مع العلم أنها ربة بيت ولا تحتاج إلى تعلم اللغة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abu hammam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، وقد قرأت رسالتك، وإليك الجواب، وهو كالآتي:

أولاً: على المسلم الصبر على مكابدة الحياة، فإن الإنسان قد تكون له ظروفه الخاصة، وأحياناً تجتمع مع ظروفه الخاصة ظروف بلده، فيضطر للسفر والترحال والعيش بعيداً عن بلده، والله تعالى يقول في القرآن الكريم: (وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [المزمل:20].

ثانياً: أهنئك بزوجتك ربة البيت التي قد أكملت حفظ القرآن الكريم، وهذه نعمة عظيمة، فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته.

ثالثاً: طلب زوجتك حافظة القرآن أن تتعلم لغة القوم الذين تعيشون في بلدهم، وهي اللغة الإنجليزية، فتعلمها ضرورة حتى يعيش الإنسان معهم، وقد جاء في الحكمة: (من تعلَّم لغة قوم أَمِنَ مكرهم)، وفي قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [إبراهيم:4]، فالآية دليل على أهمية أن يتعلم الإنسان لغة البلد التي يعيش فيها حتى يسهل له التواصل مع الآخرين، وطلب زوجتك يعتبر طلباً طبيعياً، فإذا خشيت الاختلاط عليها، فمن حقك الخوف عليها، وقد هيأت لها مُدَرِّسَةً تعلمها اللغة الإنجليزية، فهذا يعتبر منك نُبْلاً وإحساناً لزوجتك.

رابعاً: -أخي الكريم-، ما ذكرته من أن زوجتك نادمة على التأخر في تعلم اللغة الإنجليزية، وأنك تضيق منها في هذه المسألة، ولا سيما أنك قد عوضتها، وذكرت أنه بسبب نكدها وغضبها على تأخير تعلمها، وأن ذلك سبب لك ضيقاً ونكداً من كثرة اللوم والعتاب، حتى انتابك تفكير مصحوب بالغضب بالانفصال عنها؛ كل ذلك يعتبر مَدْخَلاً من مداخل الشيطان، وزوجتك الفاضلة ينبغي أن تنسى هذا الموضوع، وهو التأخر في تعلم اللغة الإنجليزية، وعليها أن تحمد الله تعالى على حفظ القرآن الكريم، ولا تجعل هذا الموضوع يسبب النكد لزوجها -هداها الله-؛ لأنه يؤدي إلى سوء العشرة الزوجية بينكما، وأنت عليك أن تتحمل هذه التصرفات، فزوجتك وإن كانت حافظة للقرآن فهي في الأول والأخير امرأة ينتابها الضعف وتضخيم الأمور، حالها حال كثير من النساء.

وفي البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلِقَت من ضِلَع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)، ومعلوم أن كسرها طلاقها، وقد أوصانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان للزوجة، فيقول عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، فعليك بالصبر، ولا سيما أنك صاحب علم ودراسة، فقد أكملت دراستك، فتجاوز هذه المسألة ولا تكن هذه المسألة سبيلاً إلى الفراق بينكما، وعلى كل منكما أن يقوم بحقوق الآخر؛ فإن السعادة الزوجية مبنية على تبادل الحقوق بين الزوجين.

خامساً: وأما سؤالك بقولك: هل كنت مخطئاً في تأخير تعلمها اللغة الإنجليزية لخوفي عليها من الاختلاط؟ وهل لها الحق في إثارة هذه المشاكل، لا سيما وأنها كانت ربة بيت؟ فالجواب أن تأخيرها عن تعلم اللغة الإنجليزية ليس خطأ، لا سيما وأنك قد أوضحت أن التعلم يحتاج إلى اختلاط، وهي في الأول والأخير ربة بيت، وأنت ستقوم بما يلزم في فهم اللغة الإنجليزية بالنسبة للحياة والمعيشة، وليس لها الحق في إثارة هذه المشاكل بسبب تأخيرك لها في تعلم اللغة الإنجليزية، فتعلمها ليس واجباً شرعياً، وإنما قد قمت بالإحسان إليها، ووفرت لها مُدَرِّسَةً امرأة مثلها، فَتُشْكَرُ على ذلك، وعليها أن تحمد الله تعالى أن في قلبها كتاب الله عز وجل، ويجب عليها أيضاً أن تحمد لك صنيعك لها، وتنسى هذه الأمور، وتحافظ على مملكتها، فبيت المرأة والحياة الزوجية هي مملكة المرأة فلتحافظ عليها.

حاول وعظها بأسلوبك الحسن وفي الوقت المناسب، بأنه لا ينبغي أن تستمر المقاطعة بينكما على أمر لم يكن مقصوداً، وأن الأمور تسير وفق قدر الله، وأن كثيراً من الناس بل من أهل العلم الكبار تعلموا العلم في سن متأخرة، وبرعوا وأنجزوا، فلا تجعل الشيطان يعكر عليها صفو حياتها وحياتك، خاصة وأنها من أهل القرآن الذين حذرهم الله من اتباع خطوات الشيطان، وذكر لهم أن هم الشيطان هو تحزين المؤمن كما قال سبحانه: (ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله)، وفي هذا الصدد ننصحك بأن يكون بينك وبين زوجتك جلسة علمية تتدارسون فيها مثلاً كتاباً صغيراً في أحاديث رسول الله، مثل: (الأربعون النووية) وهناك شرح له للشيخ ابن عثيمين، ويمكن أن تقترح عليها أن تتواصل مع موقعنا وتذكر وجهة نظرها؛ وسوف نقوم بتوجيهها لما يصلح ويسعد حياتكما بإذن الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يسعدكم، وأن يبعد عنكم الشيطان، وأن يصلح لك زوجتك، اللهم آمين.

www.islamweb.net