هل ما نعانيه من مشاكل دائمة له علاقة بالسحر؟

2025-11-27 01:25:15 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

نحن عائلة عانت من مشاكل عديدة؛ فأبي يعمل بعيدًا أغلب الأحيان، ونحن فتيات فقط، وكلما ذهب أبي للعمل -الذي يقتضي السفر لشهر دائمًا- تحدث العديد من المشاكل؛ حيث يتعطل جهاز فجأةً، وتحدث مشكلة أخرى، وهكذا، ولكن المشكل الأكبر هو الانتقال من البيت، وكانت هناك مشاكل كبيرة بين والدي حول ذلك، وبصعوبة نجحنا، وعندما ظننا أننا فتحنا صفحةً جديدةً بدأت أمي تشتكي من إزعاج الجيران الجدد بدرجة كبيرة، لدرجة أنها بدأت تبكي، ورغم أن الإزعاج ليس شديدًا، إلا أن أمي تريد الرجوع الآن.

لقد قمنا بعمل رقية من قبل، وقيل لنا بأنها فقط عين وحسد، فهل هذا صحيح؟ أليس هذا سحراً يعطل لنا كل شيء؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

نتفهم السؤال والقلق المصاحب له؛ ولذا دعينا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: الابتلاءات لا تعني السحر ولا الحسد بالضرورة، والأحداث التي ذكرتها –من تعطل جهاز، ومشاكل انتقال، وضيق من الجيران– كلّها قد تقع في بيوت طبيعية تمامًا، ولا يدل ذلك على وجود سحر، أو غيره، بل هو من الابتلاء الطبيعي؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ﴾، فالبلاء من سنن الحياة، وليس كله من السحر أو الحسد.

ثانيًا: الحسد حق، لكنه ليس تفسيرًا جاهزًا لكل مشكلة، فقد قال النبي ﷺ: (الْعَيْنُ حَقٌّ)، ولكن الحسد لا يجعل كل شيء يتعطل باستمرار، ولا يجعل كل قرار في الحياة يفشل، بل هو أذى محدود، ويُعالج بسهولة بالرقية والذكر، وما دمتم قد رُقيتم سابقًا، ووجدتم راحةً، فهذا يدل -غالبًا- على أن الأمر ليس سحرًا مركّبًا، أو شيئًا خطيرًا.

ثالثًا: السحر له علامات واضحة، أهمها:

- تغيّر مفاجئ وقوي في النفسية بلا سبب.
- أمراض أو آلام لا تُفسَّر طبيًا، وتستمر لسنوات.
- كوابيس متكررة ومزعجة بشكل غير طبيعي.
- نفور شديد بين الزوجين بلا سبب واقعي.
وهذه ليست مما ذكرته، وبالتالي الاحتمال الأكبر أنها ظروف حياتية طبيعية، مع شيء من الحساسية النفسية لدى الوالدة، بسبب كثرة التنقل والضغط.

رابعًا: حساسية الأم وقلقها ليس ضعفًا؛ فوالدتك –مثل كثير من الأمهات– تحمل هم البيت وحدها في غياب الوالد، فيكبر عندها كل صوت وكل مشكلة، وهذا طبيعي جدًا، والانتقال من منزل لآخر بحد ذاته مرهق نفسيًا، وبعد التعب والجهد يصبح أي إزعاج صغير أكبر من حجمه.

خامسًا: ما العمل الآن؟

سأعطيك خطوات عملية تجمع بين الشرع والواقع:
1- الرقية الشرعية البسيطة اليومية، والأفضل أن تقوموا بها أنتم وهي:
- قراءة الفاتحة.
- آية الكرسي.
- المعوذات.
- آخر آيتين من البقرة.
- وقراءة سورة البقرة ثابت عن النبي ﷺ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ) ومعنى البَطَلَة: السَّحَرة.

2. تغيير الجو على والدتك؛ فأحيانًا تكون المشكلة نفسية أكثر من كونها سحرًا أو حسدًا؛ لذا حاولي قدر الاستطاعة أن تخففي عنها بجلسات هادئة، وخروج بسيط، ومصاحبة إيجابية، وطمأنة مستمرة، وأهم كل هذه الوسائل ذكر الله، والتحصن بالقرآن.

3. فهم وضع الجيران بموضوعية: إن كانوا مزعجين فعلاً، فناقشوهم بهدوء، وإن كان الإزعاج بسيطًا كما تقولين، فربما المشكلة هي توتر الأم وليس الجيران.

4. تجنبوا تفسير كل شيء على أنه سحر؛ فهذا يسبب خوفًا بلا داع، ويفتح باب الوسواس، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْـًۭٔا﴾.

والخلاصة:
- ما يحدث معكم أقرب للابتلاءات الطبيعية، والضغوط النفسية، وليس سحرًا.
- قد يكون هناك شيء من العين، لكن علاجها سهل ومباشر.
- السحر المركب لا تكون علاماته بهذه البساطة.
- اهتموا بالدعم النفسي للأم، فهو مهم جدًا.
- استمروا في الأذكار والرقية؛ فهي تحفظ البيت، وتطمئن القلوب.

نسأل الله أن يسكن قلوبكم السكينة، وأن يجعل لكم من كل همٍّ فرجًا، وأن يعافيكم من كل مكروه، والله الموفق.

www.islamweb.net