كيف أتحلى بصفات الفتاة المسلمة لأعبد الله حق عبادته؟
2025-12-02 01:38:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم، وجزاكم خيرًا.
أولًا: أنا فتاة غير ملتزمة التزامًا كاملًا، أقع في الأخطاء، وأرغب في سلوك طريق الالتزام، لكنني لا أعرف كيف أبدأ، كما أنني يصيبني الكسل عن قراءة الأذكار وأداء العبادات، وفي نفس الوقت أريد أن أكون قريبة من الله، حَسَنة الظن به، وأريد أن أخشاه وأعبده حق عبادته، وأريد أن أتحلّى بصفات المسلمة الحقة، فهل يمكنكم أن تعينوني بتوضيح الطريق لذلك؟
ثانيًا: أُصبتُ بالوسواس القهري قبل عامين تقريبًا، ولا يزال يلازمني، وإن كان قد خفّ، ولكني أعاني من وساوس في قراءة الفاتحة، فهل يجوز أن أقرأها بالتجويد الظاهر فقط (الفتحة، الضمة، الكسرة)، أم أن صفات الحروف أيضًا واجب الإتيان بها في الصلاة؟ إذ إن وسواسي يدفعني إلى مدّ الكلمات القرآنية غير الممدودة، وهذا لا يجوز.
ثالثًا: أعاني كذلك من مشكلة كثرة انتقاض الوضوء، ويشقّ عليّ عند ذلك أمر الصلاة، حتى أصبحت أتوضأ مرة واحدة، وإذا انتقض وضوئي لا أعيده، لا أستطيع الجزم بانتقاض وضوئي طوال الفترة بين الصلوات، لكنَّ وضوئي غالبًا ما يُنتقض بعد الوضوء أو أثناء الصلاة، فما حكم صلاتي في هذه الحال؟
رابعًا وأخيرًا: شاهدتُ مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، لأشخاص طلبوا من عدد من الكنائس حليبًا لطفلهم الجائع، فلم تستجب لهم الكنائس، ثم طلبوا من أهل المسجد فاستجابوا بسرعة، وقد لفت انتباهي وجذبني أخلاق أهل المسجد، فكيف يمكننا أن نكون مثلهم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حرير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لكِ تواصلك بالموقع ونهنئك بفضل الله تعالى عليكِ حين حبّب إليكِ السؤال عن دينك، ومحاولة التفقه فيه، ومعرفة كيفية الطريق للالتزام والوصول إلى جنّة الله تعالى.
ونقول في جواب هذه الأسئلة التي طرحتِها -ابنتنا العزيزة-:
أولًا: بالنسبة للتدين والالتزام ينبغي أن تعلمي أن ما يطلبه الله تعالى مِنَّا ينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: الفرائض، وهي الأمور التي ألزمنا الله تعالى بفعلها، ونسميها (فرائض الفعل)، وأمور ألزمنا الله تعالى بتركها، ونسميها (فرائض الترك).
فإذا ألزمنا الله بشيء -كإلزامنا بالصلوات الخمس، وبرّ الوالدين، والصدق في الكلام، وصلة الأرحام، ونحو ذلك من الفرائض التي كلفنا بفعلها- فيجب علينا أن نفعلها، وأن نجتنب أيضًا ما ألزمنا الله بتركه وهو الحرام، فنجتنب الكذب، والغيبة، والنميمة، وقطع الأرحام، وعقوق الوالدين، وترك ما أمرنا الله تعالى بفعله، ونحو ذلك، فهذه الخطوة الأولى في التدين، وهي أداء الفرائض واجتناب المحرمات.
- القسم الثاني: نوافل الأعمال، وهي كثيرة؛ وهي: الأمور التي تكون مع الفرائض، فالصلاة فيها نوافل، والصدقات فيها نوافل، وهكذا، فتفعلين ما تقدرين عليه من نوافل الأعمال فإنها تثقل الميزان، وهذا كله قد قاله الله تعالى في الحديث القدسي: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».
وأما الوساوس فعلاجها أن تُحقّريها وتنصرفي عنها، وليس لها علاج أحسن من هذا، فإذا أردتِ فعلًا أن تريحي نفسك من هذه الوساوس فأشغلي نفسك بغيرها، كلما داهمتك الأفكار الوسواسية انتقلي إلى الاشتغال بأي شيء ينفعك في أمر الدين أو الدنيا، وأكثري مع هذا من الاستعاذة بالله تعالى، فقولي: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» كلما داهمتك الوساوس، وأكثري من ذكر الله، فإن ذكر الله حصن من الشيطان ووساوسه.
وما تُمليه عليك هذه الوساوس من التنطع والزيادة في كيفية قراءة الفاتحة، لا تفعليه، ولا تلتفتي إليه، ويكفيك قراءة السورة بالتجويد الظاهر الذي سميته أنتِ (التجويد الظاهر)، أن تقرئيها بالحركات الصحيحة من الفتحة والضمة والكسرة ونحو ذلك، وصفات الحروف فلا ينبغي أن تتشددي فيها، وتحاول الوسوسة أن تقنعك بأنك لا تقرئين بمخارجها الصحيحة، اقرئي بما يتيسر لك وستكون قراءتك صحيحة، وحينئذٍ ستتخلصين -بإذن الله تعالى- من هذه الوساوس.
وأما الطهارة فلا تعيدي أبدًا طهارتك بسبب الوساوس، إذا جاءك الوسواس أن طهارتك انتقضت لا تلتفتي إليه، هكذا أرشدنا النبي ﷺ، وهذا أفضل دواء للوساوس، وصلاتُك صحيحة، وطهارتك باقية، فلا تلتفتي إلى الشك أبدًا.
وأما سؤالك الأخير عن التواصل الاجتماعي، وما رأيتِ فيه من مقاطع وحسن أخلاق المسلمين في الجامع بخلاف غيرهم، فهذا كلام صحيح، فإن الإسلام يأمر أبناءه بحسن الخلق والرحمة بعباد الله -سبحانه وتعالى-، ويَعدهم على ذلك برحمة الله، فقد قال النبي ﷺ: «ارْحَمُوا من في الأرْضِ، يَرْحَمْكُمْ من في السَّمَاءِ».
والإسلام رغّب في الصدقات والإحسان إلى الناس ترغيبًا كبيرًا، فآيات القرآن الكريم كثيرة جدًّا في الأمر بالصدقات والإحسان إلى عباد الله تعالى، وبيان الثواب المترتب على ذلك، وأحاديث الرسول ﷺ أكثر من الآيات القرآنية في هذا الباب، فلا غرابة في أن تجدي المسلم يحاول أن يتخلق بأخلاق القرآن، ويفعل ما أمر به الرسول الكريم ﷺ.
وإذا أردتِ أن تكوني مثلهم فافعليها بهذه التوجيهات القرآنية والإرشادات النبوية: ارحمي بقدر استطاعتك يرحمك الله، وأحسني بقدر قدرتك فإن الله يحب المحسنين، وحاولي أن تتدرجي في هذا، وأن تفعلي منه ما تقدرين عليه، وأن تتذكري الثواب الذي أعده الله تعالى للمحسنين، والمرء في ظل صدقته يوم القيامة، وبهذا تصلين -بإذن الله تعالى- إلى أن تتخلقي بهذه الأخلاق الفاضلة.
خير ما نوصيك به -ابنتنا الكريمة-: أن تحاولي التعرف إلى الفتيات والنساء الصالحات الطيبات، لأن الجليس مُؤثِّر، وكما يقول الحكماء: «الصَّاحِب سَاحِب»،وأن تُكثري التواصل معهنَّ، فهنَّ خير من يعينك على الطاعات، وعلى الاستمرار في المضي في هذا الطريق المبارك.
نسأل الله أن يزيدك هدى وصلاحًا وتوفيقًا.