أهلي يعارضون ارتدائي للنقاب خوفًا من أن يمنعني الزواج، فما رأيكم؟
2025-12-03 00:30:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسألكم: هل النقاب له علاقة بالزواج، سواء كان مانعًا أو مؤثرًا، أم أنه أمر عادي؟
لقد ارتديت النقاب -والحمد لله-، مع أن أهلي كانوا رافضين بحجة أنه تشدد، وأنه لن يراني أحد، وبالتالي لن أتزوج، وأنا خائفة أن أربط موضوع النقاب بعدم ثقتي بنفسي من الأساس، فعندما ارتديته شعرت بفرح، لكن الخوف تملكني، وأخشى أيضًا أن أخلعه لاحقًا.
أتمنى أن تساعدوني، وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع.
ونحب أولًا أن نهنئك ونبارك لك توفيق الله تعالى لك بارتداء الحجاب والحرص على النقاب، وهذا توفيق عظيم من الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى أن يُوفقك للمزيد من الخير والصلاح، وأن يثبتنا وإياك على الخير حتى نلقاه سبحانه وتعالى.
وأنت -أيتها البنت الكريمة- إذا أردتِ أن تعرفي سلامة الطريق الذي تسلكينه، فينبغي أن تعرفي فقط هل الله تعالى يرضى به أم لا، فإذا كنتِ في رضا الله تعالى وما تفعلينه يحبه الله، فكوني على ثقة تامة بعد ذلك من أن الخير كله بيد الله، والرزق كله عند الله، وتقواكِ لله تعالى وطاعتك له لن تجلب لك إلا الخير والسعادة.
فقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4]، وقال سبحانه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: 97].
فالسعادة مفتاحها طاعة الله تعالى والتزام شرعه، فأحسني ظنك بالله، ولا تظني أبدًا أن امتثالك لأمر الله وطاعتك له سيجعلها الله عز وجل سببًا للحرمان من الأرزاق، بل الأمر على خلاف ذلك تماماً، فقد بيّن لنا رسولنا الكريم ﷺ أن الذنوب والمعاصي هي الأسباب الحقيقية للحرمان من الأرزاق، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ».
وآيات القرآن كثيرة في بيان أن الأرزاق والحياة الرغيدة السعيدة تحصل بطاعة الله وتقواه، وأن الحرمان والهلاك حاصل بمعصية الله تعالى والإعراض عن أمره، فهذه القاعدة العامة ينبغي أن تكون راسخة في نفسك، وتمضين في هذه الحياة عليها وأنت موقنة بها متمسكة بها.
وارتداؤك للنقاب واحد من هذه الجزئيات الكثيرة، فلا تظني أبداً أن النقاب والتزامك به -وهو طاعة لله تعالى-، لا تظني أنه سيكون سببًا لحرمانك من الزواج، بل الأمر على العكس من ذلك تمامًا، فالقبول في قلوب الناس يصنعه الله تعالى، وقد أخبرنا الله في كتابه، وأخبرنا رسولنا ﷺ في سُنَّته أن الله تعالى يجعل محبة في قلوب الناس لمن اتقى الله وأطاعه.
قال سبحانه في آخر سورة مريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96]، والرسول ﷺ قد أخبرنا أن الله تعالى «إِذَا أَحَبَّ عبدًا نَادَى جِبْرِيلَ فقال: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ».
وهذا لا يعني عدم الأخذ بالأسباب للزواج، فالتعرف إلى النساء والبنات هي خير وسيلة للتعريف بك واختيارك لأحد أقاربهنَّ، وأمام النساء لا تحتاجين إلى لبس النقاب، بل ينبغي أن تكوني لابسة ما يُرغِّب الآخرين في خطبتك، أما أمام الرجال الأجانب فالتزامك للحجاب هو الذي يضع في قلوبهم تعظيماً لك واحترامًا، وهو الذي يضع الله تعالى به الرغبة لدى الرجال في التزوّج من هذه المرأة، التي يرونها ملتزمة بدينها متمسكة بعفافها.
فالله تعالى هو الذي يُقلِّب قلوب العباد، فلا تبالي بذلك أبدًا.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.